دعت "المجموعة الدولية الخماسية" بشأن أزمة لبنان السياسية، الإثنين 17 يوليو/تموز 2023، في أعقاب اجتماع المجموعة بالعاصمة القطرية الدوحة، وفق بيان صادر عن الخارجية القطرية، إلى انتخاب رئيس للبلاد "يجسد النزاهة ويوحّد الأمة" من أجل تنفيذ إصلاحات اقتصادية "ضرورية".
وقال البيان إن "ممثلين عن مصر وفرنسا وقطر والسعودية والولايات المتحدة اجتمعوا في الدوحة؛ للتعجيل بإجراء الانتخابات الرئاسية وتنفيذ إصلاحات اقتصادية ضرورية".
ولفتت المجموعة إلى أن "إنقاذ الاقتصاد اللبناني يعتمد على ما ستقوم به القيادة اللبنانية"، مؤكدة "الالتزام بسيادة لبنان واستقلاله". وأضافت: "قلقون بشأن عدم انتخاب رئيس للبنان بعد 9 أشهر تقريباً من انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون".
المجموعة الخماسية تدعو إلى انتخاب رئيس لبنان
كذلك، فقد لفتت إلى "ضرورة التزام أعضاء البرلمان اللبناني بمسؤوليتهم الدستورية، وأن يشرعوا في انتخاب رئيس للبلاد". وأشارت إلى أنه "لا بد من أن ينتخب لبنان رئيساً للبلاد يجسّد النزاهة ويوحّد الأمة ويضع مصالح البلاد في المقام الأول".
وهذا هو الاجتماع الثاني للمجموعة الدولية بشأن لبنان، حيث كان الاجتماع الأول في فبراير/شباط 2023 بالعاصمة الفرنسية باريس، لإيجاد مخرج للأزمة السياسية في لبنان عقب فشل مجلس النواب اللبناني خلال 12 جلسة برلمانية في لنتخاب رئيس للبلاد، في ظل انقسام سياسي حاد.
وإلى جانب الأزمة السياسية، يعاني لبنان منذ 2019، أزمة اقتصادية هي الأسوأ في تاريخه، وقد صنفها البنك الدولي بأنها واحدة من بين أشد 3 أزمات عرفها العالم، حيث أدت إلى انهيار مالي غير مسبوق وتدهور الأوضاع المعيشية.
حالة جمود سياسي في لبنان
في سياق متصل تسيطر على لبنان حالة جمود سياسي إثر عدم التوصل إلى اتفاق على رئيس جديد للبلاد بعد أكثر من ثمانية أشهر على فراغ المنصب؛ وسط تمسك الفرقاء السياسيين بمواقفهم.
عدة متابعين للوضع السياسي في لبنان أجمعوا على أن الزيارات المتكررة للموفد الفرنسي جان إيف لودريان، "لم تحمل جديداً، ولم تحقق خرقاً بجدار الأزمة، بسبب تمسك القوى السياسية بمواقفها".
وقد كشف رئيس حزب الكتائب اللبنانية (مسيحي)، سامي الجميّل، أنه أبلغ الموفد الرئاسي الفرنسي أن حزبه لن يقدم اسم أي مرشح جديد لرئاسة الجمهورية، وأن "على حزب الله سحب مرشحه والتوقف عن منطق الفرض الذي يتبعه".
اجتماع المبعوث الفرنسي مع قيادات حزبية لبنانية
كذلك وفي 21 يونيو/حزيران 2023، التقى لودريان قيادات رسمية وحزبية لبنانية، وأجرى محادثات تتعلق بكيفية الاتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بأقرب وقت ممكن.
ومطلع يونيو/حزيران 2023، عيَّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزير الخارجية السابق لودريان موفداً خاصاً إلى لبنان؛ في محاولة جديدة لإنهاء الأزمة السياسية بالبلد العربي، حسبما أعلنت الرئاسة الفرنسية.
وجاءت زيارة لودريان بعد فشل البرلمان اللبناني في 12 جلسة منذ سبتمبر/أيلول 2022 -كان آخرها بتاريخ 14 يونيو/حزيران- في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلفاً لميشال عون الذي انتهت ولايته في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022.
في حين انحصرت المنافسة الرئيسية بين جهاد أزعور، مرشح المعارضة والقوى المسيحية الرئيسية والحزب التقدمي الاشتراكي وآخرين، وسليمان فرنجية، مرشح الثنائي الشيعي "حزب الله" و"حركة أمل" وحلفائهما.
وفي آخر جلسة للبرلمان، حصل أزعور على 59 صوتاً، مقابل 51 نالها فرنجية، وتوزعت بقية الأصوات على مرشحين آخرين.
الأزمة اللبنانية تدخل دوامة
المحلل السياسي الصحفي منير الربيع، قال لـ"الأناضول"، إن "الأزمة الرئاسية دخلت في دوامة ومتاهة وجمود؛ نظراً إلى تباعد المواقف بين القوى السياسية وتمسُّك كل فريق برأيه".
واستبعد الربيع أن يحقق المبعوث الفرنسي "أي خرق في جدار الأزمة الرئاسية، مما جعله يقترح إجراء حوار داخلي بين القوى السياسية اللبنانية".
وكشف الربيع أن لودريان "اقترح على كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي فكرة الدعوة إلى حوار وطني فرفضا".
من جهته اعتبر المحلل السياسي الصحفي جورج عاقوري، أن زيارة الموفد الفرنسي الأولى "لم تحمل أي جديد، بل كانت استطلاعية، مما يعني أن الطرح الفرنسي السابق بدعم سليمان فرنجية للرئاسة طُوي إلى غير رجعة". ولفت إلى أنه "حتى الساعة لا خرق في جدار (أزمة) الانتخابات الرئاسية، ولن تكون هناك بوادر لذلك في القريب العاجل".
وأوضح عاقوري أن "كل ما قام به الموفد خلال جولته الأولى هو وضع تصور أولي لبدء العمل عليه من أجل الضغط لمساعدة لبنان للخروج من أزمته".
أما المحلل الصحفي وائل نجم، فرأى أنه "بعد فشل مجلس النواب خلال 12 جلسة في انتخاب رئيس جديد، فإن الأزمة دخلت مرحلة من الجمود، لأن القوى السياسية ما زالت متمسكة بمواقفها".
وأفاد بأن بعض القوى "تدعو إلى الحوار للاتفاق على رئيس جديد، ولكن لا تريد من حوارها هذا البحث عن حل، بل إقناع الطرف الآخر بوجهة نظرها، وهذا ما يؤخر انتخاب الرئيس".
وأشار إلى أن "هناك حالة من المراوحة وشد وجذب ما زالت قائمة بين القوى السياسية اللبنانية التي تنتظر توافقاً أو تفاهماً إقليمياً ودولياً ليتم إنجار الانتخابات التي من الصعب إنجازها طالما الصراع الإقليمي والدولي ما زال قائماً في المنطقة".
اتهامات لحزب الله بالمسؤولية عن الوضع في لبنان
في حين كشفت حالة الجمود تلك عن انقسامات عميقة في لبنان مع تسخير جماعة حزب الله المدعومة بشدة من إيران قوتها السياسية للحيلولة دون انتخاب أزعور رئيساً، بينما تواصل حملتها لدعم حليفها سليمان فرنجية.
وحمّل البرلمان الأوروبي جماعة حزب الله وحركة أمل وحلفاءهما مسؤولية اللجوء إلى ما وصفها بالأساليب غير الدستورية لمنع التصويت على انتخاب رئيس جديد وتعميق المأزق السياسي.
وانسحب نواب جماعة حزب الله وحلفاء لهم من الجلسة الماضية في مجلس النواب اللبناني؛ لعرقلة مسعى الأحزاب المسيحية الرئيسية لانتخاب أزعور.
وترتبط جماعة حزب الله وحلفاؤها بعلاقات وثيقة مع سوريا وإيران، بينما ترتبط الطائفتان المسيحية والسنية بالغرب ودول الخليج العربية.
وحذرت واشنطن أيضاً من أن الإدارة الأمريكية تدرس فرض عقوبات على مسؤولين لبنانيين؛ لاستمرارهم في عرقلة انتخاب رئيس جديد، مشيرة إلى أن الشلل المؤسسي لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأزمة السياسية في لبنان.