تعيش مدينة صفاقس، إحدى كبريات المدن التونسية، حالة توتر منذ أيام بسبب المواجهات بين مواطنين تونسيين ومهاجرين غير نظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء، وتطورت الأحداث مساء الإثنين 3 يوليو/تموز 2023، بعد وفاة مواطن تونسي إثر تعرضه لطعن بآلة حادة.
تشكل مدينة صفاقس الساحلية الواقعة في وسط شرق تونس نقطة انطلاق لعدد كبير من المهاجرين غير الشرعيين نحو أوروبا، وخصوصاً إيطاليا. ويحتج سكانها بانتظام على وجود المهاجرين غير القانونيين في مدينتهم مطالبين برحيلهم، وفق ما ذكرته وسائل إعلام محلية الثلاثاء 4 يوليو/تموز.
كما أشارت إلى أنه غالباً مع تقع اشتباكات سواء كلامية أو جسدية في الأحياء الشعبية من المدينة، حيث يقيم المهاجرون، وتضاعفت أعمال العنف بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيّد انتقد فيه التواجد الكبير لمهاجرين غير قانونيين في بلاده، بحسب ما أشارت إليه وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير الإثنين.
مواجهات تنتهي بجريمة قتل
نقل موقع إذاعة "موزاييك" الخاصة في تونس، الثلاثاء، عن الناطق الرسمي باسم محكمة صفاقس 1، فوزي المصمودي قوله إنّه لليلة الثالثة على التوالي تشهد عدّة مناطق في صفاقس أعمال شغب وعنف، بين مواطنين تونسيين وأفارقة من دول جنوب الصحراء.
كما أوضح أن أعمال العنف انتهت بجريمة قتل تونسي من مواليد 1981 طعناً بآلة حادّة، مساء الإثنين 3 يوليو/تموز، بمعتمدية ساقية الدائر، مبيناً أن وحدات الحماية المدنية قامت بنقل المصاب على جناح السرعة، لكنه فارق الحياة قبل الوصول إلى المستشفى.
فيما قال فوزي المصمودي إنّه وحسب شهود عيان فإنّ أفارقة من جنوب الصحراء قاموا بالاعتداء على الضحيّة. وقد تمّ فتح بحث تحقيقي من أجل القتل العمد مع سابقية القصد، وتعهد قاضي التحقيق بالأبحاث، وبعد وقت قصير تم الاشتباه في 3 شبان تم الاحتفاظ بهم في انتظار استكمال الأبحاث.
بينما أشار إلى أنّ "طريق المهدية كلم 10" شهد أكثر من جريمة قتل في الفترة الأخيرة، لافتاً إلى أنها منطقة يتركّز فيها الأجانب باعتبار قربها من مناطق الاجتياز. وكشف أنّ الوحدات الأمنية قامت بإيقاف 22 شخصاً من الأفارقة من دول جنوب الصحراء، في إطار حملات أمنية لمراقبة الوثائق والإقامة.
صدامات بين المهاجرين وسكان صفاقس
قبل ذلك، أعلن القضاء التونسي الإثنين فتح تحقيق في صدامات بين مهاجرين أفارقة وسكان بصفاقس، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لوضع حد لها. وأفاد المصمودي بأن مواجهات دارت تخللها رشق بالحجارة بين مهاجرين وسكان من أحد أحياء صفاقس.
كما أوضح المصمودي أن الصدامات أدت إلى إلحاق أضرار بسيارات ومساكن، بدون التسبب في وقوع إصابات. وأضاف أنه تم فتح تحقيق لتحديد المسؤولين وأسباب أعمال العنف.
فيما أوردت وسائل إعلام محلية أن الشرطة تدخلت مستخدمة الغاز المسيل للدموع، لوضع حد للمواجهات. وتضاعفت أعمال العنف بعد خطاب ألقاه الرئيس قيس سعيّد، في 21 فبراير/شباط، انتقد فيه التواجد الكبير لمهاجرين غير قانونيين في بلاده، متحدثاً عن مؤامرة لتغيير "التركيبة الديموغرافية" في تونس.
بينما شجبت 23 منظمة غير حكومية محلية ودولية في بيان مشترك "خطاب الكراهية والترهيب ضد المهاجرين (من إفريقيا جنوب الصحراء) المنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يُسهم في التعبئة ضد الفئات الأكثر ضعفاً، ويؤجج السلوك العنيف ضدهم".
تجدر الإشارة إلى أنه في نهاية مايو/أيار الماضي، قُتل مهاجر من بنين طعناً في هجوم نفذته مجموعة من الشبان التونسيين في أحد أحياء صفاقس الشعبية.
مظاهرات رافضة لوجود المهاجرين
خلال نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي، شارك مئات الأشخاص في صفاقس في مظاهرة ضد انتشار مهاجرين غير نظاميين من إفريقيا جنوب الصحراء في المدينة.
هتف متظاهرون تجمعوا أمام مقر الولاية "رجع صفاقس"، وذلك تلبية لدعوة حركة "سيب التروتوار" المحلية. واعتبر مؤسس حركة "سيب التروتوار" زياد الملولي وجود المهاجرين غير الشرعيين "تهديداً لأمن سكان صفاقس".
تمثل صفاقس، ثاني أكبر المدن التونسية، نقطة انطلاق لعدد كبير من عمليات العبور غير القانونية للمهاجرين غير النظاميين نحو السواحل الإيطالية. ولطالما انتقد سكان المدينة الوجود "المتنامي" للمهاجرين غير الشرعيين فيها، مطالبين برحيلهم.
في كلمة خلال التظاهرة التي تم تنظيمها أمام مقر ولاية صفاقس، طالبت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، سلطات البلاد "بفتح مفاوضات مع مفوضية اللاجئين الأممية، لترحيل المهاجرين غير النظاميين، في إطار إعادة التوطين ببلدان قادرة على استقبالهم، وهو أمر قانوني ومطابق للمعايير الدولية".
أضافت موسي: "حق اللجوء يبقى مضموناً لمن هو في خطر داهم، ووفق الشروط التي تضبطها القوانين الدولية". وشددت على ضرورة رفض إملاءات الاتحاد الأوروبي بخصوص ملف اللاجئين غير النظاميين.