عرضت حكومة جمهورية إفريقيا الوسطى، المدعومة من روسيا، استضافةَ أول قاعدة عسكرية كبيرة لموسكو في القارة، في خطوة تعتبر الأولى من نوعها منذ سقوط الاتحاد السوفييتي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بحسب ما أفادت صحيفة The Times البريطانية، الجمعة 16 يونيو/حزيران 2023.
لكن لا يُعرف بعد ماذا سيكون رأي يفغيني بريغوزين، زعيم مرتزقة فاغنر، في وصول قوات روسية نظامية إلى المنطقة التي يراها على الأغلب تابعة لنفوذه.
قاعدة لآلاف الجنود
بحسب الصحيفة، فإن سفير جمهورية إفريقيا الوسطى في موسكو كشف عن هذا العرض خلال مقابلة مع صحيفة روسية (لم تذكر تاريخه)، وورد في اللقاء أن المنشأة المقترحة يمكن أن تستوعب ما يصل إلى 10 آلاف جندي.
حيث قال السفير ليون دودونو بوناغازا لصحيفة Izvestia الروسية: "إننا نحتاج الآن إلى قاعدة عسكرية روسية تستوعب 5 إلى 10 آلاف جندي. ويمكن نشرهم في بلدان أخرى إذا لزم الأمر. لقد طلبنا منهم ذلك".
أضاف: "لقد قدّم كبار المسؤولين الحكوميين لدينا هذا العرض خلال زيارة لموسكو في مارس/آذار، ويمكن التوصل إلى اتفاق بشأن الأمر في غضون أسابيع".
ومن المقرر أن يلتقي زعيم جمهورية إفريقيا الوسطى، الرئيس فوستين آرشينغ تواديرا، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الشهر المقبل، خلال قمة إفريقية روسية تُعقد في سان بطرسبرغ الروسية.
توترات بين فاغنر والجيش الروسي
يأتي ذلك فيما تحولت التوترات بين فاغنر والجيش الروسي إلى أعمال عنف مؤخراً، إذ أسرَ المرتزقة قائداً عسكرياً روسياً وضربوه بعد اتهامه بإصدار أوامر لقواته بفتح النار على قافلة لفاغنر في شرق أوكرانيا.
وقال القائد الروسي بعد إطلاق سراحه إن مقاتلي فاغنر أسروا وعذبوا جنوداً روسيين آخرين، وسكبوا الحامض في عيني أحد الجنود.
علاوة على ذلك، قال بريغوزين إنه لن ينفذ أوامر وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، التي تقضي بأن توقع المجموعات شبه العسكرية عقوداً مع وزارة الدفاع الروسية.
وأبى زعيم فاغنر التراجع عن موقفه حتى بعد أن صرح بوتين بانحيازه إلى قرار شويغو هذا الأسبوع، حيث قال بريغوزين في معرض دفاعه عن موقفه: "لما بدأنا المشاركة في هذه الحرب، لم يقل أحد إننا سنُجبر على إبرام عقود اتفاق"، وإنه لـ"مخزٍ" لنا أن تخضع فاغنر لأوامر شويغو.
يتزامن خبر القاعدة العسكرية مع إعلان تواديرا أنه سيجري استفتاء على تعديل دستوري يقضي بتمديد فترته الرئاسية لولاية ثالثة.
في حين اتهمته أحزاب المعارضة والجماعات الحقوقية بأنه أداة في خطة موسكو لتعزيز سيطرتها على الدولة الغنية بالألماس، لا سيما أن تواديرا اعتمد على فاغنر لإبقائه في السلطة منذ أن وقّع اتفاقاً معها في 2018 لمواجهة المتمردين الذين هددوا بالسيطرة على العاصمة بانغي.
نفوذ فاغنر في إفريقيا
لدى فاغنر ما لا يقل عن 1500 فرد في جمهورية إفريقيا الوسطى، وقد منح ذلك موسكو نفوذاً في قلب المجلس العسكري المسيطر على البلاد، ومحطةً للتوسع في قارة إفريقيا، التي تمتلك ثروة معدنية ضخمة وأسواقاً مربحة للأسلحة الروسية. ويجدر بالذكر أن اللغة الروسية أصبحت إحدى لغات التعليم الإلزامية في جامعات جمهورية إفريقيا الوسطى.
واستفادت فاغنر من السخط المتزايد في إفريقيا الفرنكفونية على القوى الاستعمارية السابقة في باريس، وتوسُّع حركات التمرد الجهادية في البلدان المجاورة لجمهورية إفريقيا الوسطى.
وتمكّن بوتين من توقيع اتفاقيات تعاون عسكري مع أكثر من 20 دولة إفريقية منذ وصول فاغنر إلى بانغي.
"فرصة جديدة لموسكو"
في غضون ذلك، قال فيكتور بونداريف، رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، لوكالة أنباء "تاس" الرسمية، إن القمة الروسية الإفريقية التي ستُعقد الشهر المقبل "فرصة جديدة لموسكو".
أضاف: "نأمل في التوصل إلى اتفاقيات جديدة، وتوسيع حضورنا العسكري في القارة الإفريقية"، لا سيما أننا "لا نحتاج لشيء سوى الرغبة والإرادة السياسية للزعماء الأفارقة".
تذهب التوقعات إلى أن الاجتماع سيُساعد بوتين في إعادة أواصر علاقاته مع رؤساء إفريقيا، وسط توترات بين وزارة الدفاع الروسية وفاغنر.
وعلى الجانب الآخر، من المقرر أن يصل وفد من الرؤساء الأفارقة إلى كييف، اليوم الجمعة 16 يونيو/حزيران، لإجراء محادثات مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حول السبل المتاحة لحل النزاع بين روسيا وأوكرانيا.