منعت أستراليا، الخميس 15 يونيو/حزيران 2023، روسيا من بناء سفارة جديدة قرب البرلمان في كانبيرا بعدما حذّر مسؤولون استخباراتيون من أنها تشكل خطر تجسس وتهديداً للأمن القومي للبلاد، بينما تسعى موسكو للحصول على "مشورة قانونية"، بعد قرار أستراليا.
وتستأجر روسيا منذ العام 2008 من وكالة تابعة للحكومة الفيدرالية الأسترالية قطعة أرض تبعد نحو 400 متر عن مبنى البرلمان في كانبيرا، حسب وكالة الأنباء الفرنسية.
إلى ذلك، قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي، الخميس، إنه بعدما جربت حكومته كل الطرق القانونية الممكنة لمنع روسيا من بناء سفارة جديدة على هذه الأرض، فإن الطريقة الوحيدة المتبقية أمامها هي إقرار تشريعات جديدة في البرلمان تمنع موسكو من المضي قدماً في مشروعها.
ألبانيزي أوضح لصحفيين أن "الحكومة تشاورت مع أجهزة الاستخبارات وتلقت نصائح أمنية واضحة للغاية بشأن الأخطار التي يشكلها وجود روسي جديد في مكان قريب لهذه الدرجة من مبنى البرلمان".
كما أضاف: "نتحرك بسرعة لضمان عدم تحول الموقع المستأجر إلى وجود دبلوماسي رسمي".
وفي 2011 حصلت على ترخيص لبناء سفارتها الجديدة على قطعة الأرض هذه.
لكن في أغسطس/آب 2020، حاولت الحكومة الأسترالية فسخ عقد الإيجار بدعوى عدم امتثال المستأجر لبنود معينة في رخصة البناء، بيد أن القضاء الفيدرالي أبطل محاولتها هذه في مايو/أيار الماضي.
وتقع السفارة الروسية الحالية في منطقة غريفيث بجنوب المدينة، وكانت روسيا تخطط للانتقال منها، إذ إنها مجرد مبنى ضخم من الطوب في جزء غير عصري من المدينة يطل على قاعة لإعداد الموتى وحانة ومحطة وقود.
وكانت عملية البناء تجري بوتيرة بطيئة، فيما لا يزال الموقع مليئاً بمخلفات ومواد بناء.
ورغم أن الحكومة كانت مرتاحة للخطط في البداية، فإنها الآن تسعى جاهدة لنسفها مع توتر العلاقات عقب الغزو الروسي لأوكرانيا.
"مشورة قانونية"
من جهته، صرح دبلوماسي روسي بأن موسكو تسعى للحصول على "مشورة قانونية"، الخميس، بعد قرار أستراليا.
وهذه التشريعات الجديدة التي أُقرت بدعم من الحزبين، لا تمنع روسيا من أن يكون لها وجود دبلوماسي في أستراليا، وهي تطال فقط مسألة تشييد مبانٍ قريبة جداً من البرلمان.
وتسلم التشريعات أيضاً بحقيقة أن روسيا قد تكون مؤهلة للحصول على تعويض مالي.
مراقبة إلكترونية؟
من جانبه، قال دينيس ديسموند، الخبير في شؤون التجسس والعميل السابق بمكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، إنه من المنطقي الشك في أن روسيا ستستخدم موقع السفارة المقترح كقاعدة للتجسس على سياسيين أستراليين.
كما أوضح لـ"فرانس برس"، أن "هناك نية محددة جداً من قرار تشييد مبنى سفارة في مكان معين"، مضيفاً أن "هناك مجموعة متنوعة من التقنيات والتكتيكات التي سيستخدمونها"، قد تشمل جمع معلومات استخباراتية وتتبع مسؤولين أستراليين، على حد قوله.
في غضون ذلك، قال أليكس بريستو، الدبلوماسي البريطاني السابق في المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية، إنه يرجح أن تكون الحكومة تلقت تحذيراً "مؤكداً" من وكالات الاستخبارات.
وأضاف: "نظراً إلى المسافة (بين المبنى المقترح والبرلمان)، قد يكون ذلك شكلاً من أشكال المراقبة الإلكترونية التي تعمل خارج السفارة".
وتابع أن "روسيا تملك واحداً من أكبر أجهزة الاستخبارات وأكثرها قدرة وعدوانية والأقل تقييداً في العالم".
كما أوضح رئيس الوزراء الأسترالي، أنه يتوقع أن تلجأ روسيا إلى إجراء انتقامي أو تقدم طعناً جديداً أمام القضاء، وقال: "سنرى ماذا سيكون عليه ردها، لكننا تحسبنا لذلك أيضاً".
وتابع: "لا نعتقد أن روسيا في وضع يخول لها التحدث عن القانون الدولي، لأنها رفضته باستمرار وبوقاحة من خلال غزوها أوكرانيا".