قالت صحيفة The Telegraph البريطانية إن القوات الأوكرانية تستغل معدات الرؤية الليلية التي أمدها بها الغرب، لشن هجماتها في الظلام تحت ستار الليل، مما يساعدها في الاستيلاء على القرى والأراضي.
وشنت كييف هجمات متكررة أثناء الليل منذ بدء هجومها المضاد في منطقة زاباروجيا قبل أسبوع، ما أثار القلق بين مراسلي الحرب الروس الذين ينقلون الأنباء حول الخسائر التي تتكبدها موسكو.
في صباح الإثنين 12 يونيو/حزيران 2023، ادعت أوكرانيا أنها استولت على قرية ستوروزوف القريبة من مدينة فيليكا نوفوسيلكا. وجاء هذا بعد يوم من ادعائها تحرير قرى نسكوتشني وبلاهوداتني وماكاريفكا، التي تقع في نفس المنطقة. وفي وقت لاحق من يوم الإثنين، قالت أوكرانيا إنها استعادت 7 قرى إجمالاً من القوات الروسية.
في غضون ذلك، انفجر على ما يبدو قطار روسي يحمل وقوداً إلى خطوط الجبهة، في هجومٍ يُحتمل أن يكون منفذوه من أنصار أوكرانيا الذين ينفذون مهماتهم خلف خطوط العدو.
وبينما رفض الجيش الأوكراني مناقشة تكتيكات الهجوم، إلا أن توقيت الهجمات على القرى يشير إلى امتلاكه ميزة تكتيكية بعد حلول الظلام.
"لماذا تُشن الحرب في الليل؟"
بدوره، كتب مراسل الحرب الروسي، فلاديمير سلادكوف، على قناة تيليغرام، السبت 10 يونيو/حزيران: "لماذا تُشن الحرب في الليل؟ إنه أمر واضح كالنهار!".
أضاف: "المعدات المستوردة لديها قدرات رؤية ليلية مذهلة.. إنها قادرة على التحرك، والرصد، والاستهداف، وتصحيح دقة النيران. من أجل ذلك يختار العدو الليل".
من جانبه، أشار فلاديمير روجوف، المسؤول الروسي الذي انتدبته موسكو في منطقة زاباروجيا، إلى أن الهجمات الأوكرانية جاءت بعد أن يحل الظلام لإحباط القوة الجوية الروسية والمسيرات الروسية، و"تعزيز الاستفادة من المعدات والأجهزة التي أمدها الغرب".
من المعروف أن دبابات ليوبارد 2 ومركبات برادلي القتالية المدرعة اضطلعت بدور بارز في الهجوم حتى الآن، فهي تشتهر بامتلاكها قدرات رؤية ليلية متطورة للغاية.
صحيح أن غالبية الدبابات والمدرعات الروسية والأوكرانية تملك قدرات رؤية ليلية، لكن بعض الأنظمة التي يملكها الجانبان تكون على الطراز السوفييتي الأقدم -مثل المركبة القتالية المدرعة غير المُحدثة بي إم بي-1 ومنظومات الدفاع الجوي ستريلا-10- لا تملك عادة قدرات رؤية ليلية على الإطلاق.
تزويد أوكرانيا بقدرات الرؤية الليلية
يُذكر أن الولايات المتحدة بدأت في إمداد القوات الخاصة الأوكرانية بنظارات الرؤية الليلية، بما في ذلك نظارات GPNVG، منذ عام 2018.
كذلك بدأت بلاد منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بما فيها النرويج والولايات المتحدة، في إضافة أجهزة الرؤية الليلية إلى حزم المعونات العسكرية منذ بدء روسيا غزوها الشامل في العام الماضي، لكنها لم تحدد عدد الأجهزة التي أمدتها بها ولا نوعية هذه النماذج.
لكنها تبقى نادرة نسبياً في أرض المعركة، والمتاح منها يتركز في أيدي قلة من الوحدات المختارة في صفوف الجيشين الروسي والأوكراني.
ولعل التفضيل الواضح من جانب أوكرانيا لاستخدام قدرات الرؤية الليلية في زاباروجيا يعكس تحركاً أوسع نحو استخدام المعدات والتكتيكات الخاصة بالناتو، بحسب صحيفة "تلغراف".
نتيجة لذلك، فإن غالبية تدريبات التحالف العسكري مصممة لتعكس حقيقة تقول إن غالبية المهام القتالية تُخاض تحت ستار الظلام.
ميزات هائلة!
في سياق متصل، قال هاميش دي بريتون جوردون، القائد السابق في فوج الدبابات الملكي البريطاني الأول (1 RTR): "من وجهة نظر المهاجم، فإنك تحصل على ميزة هائلة بأنك تتحرك بدون أن تُرى. ومن وجهة نظر المدافع، يتملكك الخوف من أنك تسمع الدبابات تتحرك حولك في الظلام ولا تستطيع أن تراها".
ويقلل ستار الظلام كذلك من قدرات أحد أقوى الأسلحة الدفاعية الروسية: وهي القدرات المتفوقة من النيران العميقة والمدفعية.
في حين أن موسكو تملك مجموعة من المسيرات ذات الطراز العسكري، فقد اعتمدت قواتها اعتماداً كبيراً على المركبات غير المأهولة التجارية، مثل المسيَّرة دي جيه آي مافيك الصينية، من أجل تنفيذ مهام الاستطلاع.
لكن هذه المسيَّرات لا تملك قدرات رؤية ليلية، ما يجعلها عديمة النفع في الليل. ومع ذلك، يقول بعض الجنود الأوكرانيين إن هذه المعدات لا تزال نادرة على الجانبين.
حيث قال جندي في وحدة قوات خاصة شاركت في دوريات خلف خطوط العدو: "إحدى المجموعات التي عملنا معها كان لديها جهاز رؤية حرارية فقط، وذلك كل ما في الأمر".
متطوعون يدعمون أوكرانيا
من جانب آخر، حاول بعض المتطوعين سد الفجوة عن طريق التمويل الجماعي، إذ تقول جمعية Come Back Alive (عُد حياً) الخيرية الأوكرانية للتمويل الجماعي، إنها قدمت 9000 جهاز رؤية ليلية وحرارية إلى القوات المسلحة منذ 2014.
وقالت شركة ATN الأمريكية في فلوريدا، التي تقدم أجهزة رؤية ليلية إلى الصيادين ووكالات إنفاذ القانون، في العام الماضي إنها حصلت على تصريح لشحن 9000 جهاز رؤية إلى أوكرانيا، بما في ذلك النظارات والمناظير الثنائية.
حتى إن بعض المتطوعين اشتروا مسيَّرات التصوير الحراري باهظة الثمن، التي تستخدم عادة عن طريق رجال الإطفاء لتحديد مواقع الأشخاص في الأبنية المحترقة.
مخاطر خاصة
لكن المعدات التجارية يصاحبها مخاطرها الخاصة، ففي حين أن نظارات الرؤية الليلية العسكرية تستخدم "أنابيب مكثفة للصورة" لتحقيق أقصى استغلال للإضاءة المحيطة المتاحة، فإن أكثرية المنتجات التجارية ذات الأسعار المعقولة تستخدم الأشعة تحت الحمراء لتسليط الضوء على الهدف.
وتلك هي نفس التكنولوجيا التي استخدمتها منظومات الرؤية الليلية القديمة، التي استخدمتها بعض الدبابات في الحرب العالمية الثانية.
فضلاً عن أنها تكون "مرئية للغاية للعدو الذي يستخدم نظارات الرؤية الليلية" و"خطيرة للغاية"، وذلك وفقاً لشركة Night Fox البريطانية التي تنتج هذه النوعية من المنتجات التجارية، والتي حذرت عملاءها بألا يشتروا منتجاتها لأغراض حربية.
صحيحٌ أن أوكرانيا ربما تكون متفوقة قليلاً في القتال ليلاً، لكنها بكل تأكيد لا تملك الهيمنة الكاملة في هذا الصدد.
ففي مايو/أيار الماضي، توجهت منظمة MOO Veche التراثية الثقافية الروسية التي تجمع الآن تبرعات لجهود الحرب الروسية، بالشكر إلى داعميها لمساعدتها في تمويل أجهزة التصوير الحرارية للوحدات الروسية المتنوعة.
ونشرت فيديوهات لهجمات ليلية نُفذت ضد مواقع أوكرانية قالت عنها إنها نُفذت بفضل الإسهامات، وطالبت بالمزيد من التبرعات.