أعلنت "الإدارة الذاتية" لشمال وشرق سوريا، التي يقودها الأكراد، أنها ستبدأ محاكمة الآلاف من مقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية (داعش)" الأجانب المحتجزين لديها منذ سنوات، الأمر الذي أثار مفاجأة للدبلوماسيين العاملين على القضية، وأثار مخاوف بشأن مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة.
يأتي هذا فيما تحتجز "الإدارة الذاتية" المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تعمل بشكل منفصل عن حكومة نظام بشار الأسد، نحو 10 آلاف شخص يشتبه في انتمائهم لتنظيم "داعش"، فروا من آخر معاقل كانت تحت سيطرة التنظيم المتشدد في سوريا بين عامي 2017 و2019.
الإدارة قالت في بيان، السبت 10 يونيو/حزيران 2023، إنه "بسبب عدم تلبية المجتمع الدولي لنداءات ومناشدات الإدارة الذاتية للدول لتسلّم مواطنيها من التنظيم، وإحقاقاً للحق، وإنصافاً للضحايا، وتحقيقاً للعدالة الاجتماعية، فقد قررت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا البدء بتقديم عناصر داعش من الأجانب المحتجزين لديها إلى محاكمات علنية وعادلة وشفافة".
من جانبه، قال بدران جيا كرد، المسؤول الكبير في "الإدارة الذاتية" في تصريح لوكالة رويترز، إن "قانوناً محلياً لمكافحة الإرهاب جرى تعديله، العام الماضي، ليصبح أكثر شمولاً، وسيستخدم لمحاكمة مقاتلي التنظيم"، مضيفاً أنه "سيكون هناك حق توكيل محامٍ للمتهمين"، لكنه لم يُفصح عما إذا كانت المحاكم ستعين محامياً لهم.
لا ينص قانون "الإدارة الذاتية" على إصدار أحكام الإعدام، وبحسب جيا كرد فإن "الإدارة الذاتية ستقوم بدعوة التحالف الدولي (…) وجميع المنظمات والجهات الحقوقية والشخصيات التي تريد المتابعة والحضور كمراقبين، بحكم أنها محاكم علنية وشفافة".
كان مسؤولون محليون قد دعوا منذ سنوات الدول الأجنبية، بما في ذلك كندا وفرنسا والمملكة المتحدة وغيرها، إلى استعادة مواطنيها وكذلك الآلاف من النساء والأطفال الأجانب الذين فروا من "دولة الخلافة" التي أعلنها التنظيم، والموجودين في معسكرات الاعتقال.
تُعد قضية المقاتلين الأجانب من أكثر القضايا الأمنية والحقوقية تعقيداً في الحرب السورية المستمرة منذ 12 عاماً، ولم تستعد الكثير من الدول رعاياها الذين انضموا إلى تنظيم "داعش"، خوفاً من أن قوانين مكافحة الإرهاب المطبقة لديها لن تضمن معاقبتهم بأحكام سجن طويلة.
قرار مفاجئ
إعلان "الإدارة الذاتية" عن بدء محاكمة أسرى تنظيم "داعش" أثار مفاجأة لدى الدبلوماسيين الغربيين، وقال أحدهم وهو يعمل في سوريا في تصريح لرويترز، إن "قرار الإدارة الذاتية للأكراد كان مفاجأة".
أضاف الدبلوماسي: "لم يعتقد أحد أنهم سيفعلون ذلك، نحن نأخذ الأمر على محمل الجد لأنهم يحتجزون الكثير من الناس، لكن هذه قضية منفصلة عن محاكمتهم. محاكمتهم أمر مختلف تماماً".
اعتبر الدبلوماسي أن مثل هذه المحاكمات ستحتاج إلى توفير مستويات عالية من الأمن، مشيراً إلى أن خطر هروب مقاتلي التنظيم سيزداد.
من جانبها، قالت ليتا تايلر، المتخصصة في شؤون مكافحة الإرهاب في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إنه "يجب على المجتمع الدولي إما توفير الدعم للمحاكمات التي ستجري في شمال شرق سوريا، بما في ذلك بالموارد، أو إجراء المحاكمات في دول المعتقلين أو في دولة ثالثة".
أضافت تايلر أن "أي شيء غير ذلك لن يعتبر فقط انتهاكاً لحقوق هؤلاء المعتقلين في الحصول على محاكمة عادلة، لكنه سيمثل أيضاً صفعة على الوجه لضحايا تنظيم الدولة الإسلامية وأفراد أسرهم الذين يستحقون رؤية العدالة تتحقق في جرائم التنظيم".
يُذكر أن التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة قد قدّم دعماً للأكراد، ساعدهم في طرد مقاتلي "داعش" من مناطق في شمالي سوريا، وأشارت وكالة رويترز إلى أن التحالف لم يرد على طلبها للتعليق حول إعلان "الإدارة الذاتية" بدء محاكمة أسرى التنظيم.