ساد الهدوء نسبياً في العاصمة السودانية الخرطوم، السبت 10 يونيو/حزيران 2023، مع دخول هدنة مدتها 24 ساعة توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية حيز التنفيذ، والتي تتيح وصول المساعدات الإنسانية، وتمنح السكان فرصة لالتقاط الأنفاس من تزايد ضغوط القتال العنيف بين الجيش، وقوات "الدعم السريع".
هذه الهدنة القصيرة تأتي في أعقاب سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار، انتهكها طرفا الصراع، اللذان تحول نزاعهما على السلطة إلى أعمال عنف منذ ثمانية أسابيع، ما أدى إلى أزمة إنسانية.
الولايات المتحدة والسعودية قالتا في بيانهما عن الهدنة الجديدة، إنهما تشعران "بخيبة أمل" بسبب الانتهاكات، كما هدد الوسيطان بتأجيل المحادثات التي استمرت بشكل غير مباشر في الآونة الأخيرة، إذا تواصل القتال.
قبل بدء سريان الهدنة الجديدة في الخرطوم في السادسة صباحاً بالتوقيت المحلي، أبلغ سكان عن إطلاق صواريخ مضادة للطائرات في جنوب الخرطوم، ومنطقة شرق النيل على الضفة الأخرى من النهر، والتي شهدت أيضاً ضربات جوية.
تأتي هذه الهدنة بعدما شهد الأسبوع المنصرم- منذ انتهاء سريان آخر وقف لإطلاق النار في الثالث من يونيو/حزيران 2023- قتالا كثيفاً، إذ دارت بعض الاشتباكات في محيط قواعد عسكرية مهمة، وقالت قوات "الدعم السريع" إنها سيطرت على مجمع لتصنيع الأسلحة في جنوب الخرطوم.
وزارة الخارجية الأمريكية ذكرت في وقت متأخر، مساء أمس الجمعة، أنها تدعم منصة يطلق عليها "مرصد نزاع السودان" لنشر نتائج عمليات المراقبة عبر الأقمار الصناعية للقتال ووقف إطلاق النار.
وثق تقرير أولي للمرصد تدميراً "واسع النطاق وموجهاً" لمنشآت المياه والكهرباء والاتصالات، كما وثق ثماني هجمات "ممنهجة" لإحراق الممتلكات عمداً، دمرت قرى في دارفور، وكذلك عدة هجمات على مدارس ومساجد، وغيرها من المباني العامة في مدينة الجنينة في أقصى غرب البلاد، والتي شهدت هجمات عنيفة شنتها جماعات محلية وسط انقطاع للاتصالات.
كان القتال الذي بدأ في 15 أبريل/نيسان 2023، بين الجيش وقوات "الدعم السريع"، قد حوّل العاصمة التي تضم مدن الخرطوم وبحري وأم درمان، إلى منطقة حرب، وأدى إلى صراع في دارفور وكردفان في غرب السودان.
من جانبها، تقول الأمم المتحدة، إن أكثر من نصف سكان السودان سيحتاجون إلى المساعدات هذا العام بسبب القتال، وذلك مع توقف معظم المستشفيات في مناطق الصراع عن العمل، وتناقص الإمدادات الغذائية في الكثير من المناطق.
كان وقف إطلاق النار السابق قد سمح بوصول بعض المساعدات الإنسانية، لكن وكالات الإغاثة قالت إنها لا تزال تواجه عراقيل بسبب القتال والقيود البيروقراطية والنهب.
في غضون ذلك، تتزايد الأضرار من الحرب الدائرة بالبلاد، وأدى القتال إلى نزوح أكثر من 1.9 مليون شخص، عبر أكثر من 400 ألف منهم الحدود إلى البلدان المجاورة.
يُذكر أن الخلاف دبّ بين الجيش وقوات "الدعم السريع" حول خطط لدمج القوات شبه العسكرية (التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي") في الجيش، وإعادة تنظيم تسلسل القيادة في إطار المرحلة الانتقالية.