قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الخميس 8 يونيو/حزيران 2023، إن جيشاً من حسابات الشبكات الاجتماعية المزيفة ظهر على تويتر وموقع ميديام للتدوين، وبدأ في الترويج لاستضافة قمة المناخ التابعة للأمم المتحدة في الإمارات "كوب 28″، والدفاع عنها.
الصحيفة أوضحت أن منشورات الحسابات المزيفة زعمت أن "التزام الإمارات بأن تكون المضيف المثالي لكوب 28، خير شاهد على ريادتها في علاج أزمة تغير المناخ"، فضلاً عن الزعم بأن الجابر هو "الحليف الذي تحتاجه حركة المناخ".
"دعاية زائفة" لـ"كوب 28″
كُشِفَت الحسابات المزيفة في سلسلة تغريدات على تويتر بواسطة الدكتور مارك أوين جونز، خبير المعلومات الكاذبة على الشبكات الاجتماعية والمتخصص بشؤون الشرق الأوسط في جامعة حمد بن خليفة بقطر.
حيث وصف الحسابات بأنها تمثل "جهداً كبيراً ومتعدد اللغات لصنع دعاية شعبية زائفة"، وذلك بواسطة ما لا يقل عن 100 حساب مزيف و30 ألف تغريدة. وأوضح أن تحليل التغريدات، المأخوذة من عينةٍ كبيرة من شبكة الحسابات المزيفة، قد أظهر أن أكثر موضوع تم ترويجه مؤخراً هو قمة كوب 28.
كما قال جونز: "إنها شبكة من الحسابات المزيفة التي تحاول الترويج للسياسة الخارجية الإماراتية. وتركز الحسابات على الدعاية -أو التمويه الأخضر- لكوب 28، من خلال الدفاع عن إقامة القمة في الإمارات وتفنيد الانتقادات الموجهة إليها".
جونز أردف قائلاً: "تتظاهر تلك الحسابات بأنها لأشخاص لا تمثلهم، حتى تُعطي انطباعاً وهمياً بوجود دعم شعبي لموقفٍ ما -وهذا هو ما يُسمى بالدعاية الشعبية الزائفة. ويُعد هذا النوع من الدعاية عملاً مخادعاً، حيث إن الأمثلة على اقتباس الصحف من تلك الحسابات تعني أنها نجحت في خداع الناس بلا شك، وجعلتهم يظنون أنها حسابات لأشخاص حقيقيين".
بينما قال متحدث باسم القمة إن مكتب كوب 28 أبلغ شركة تويتر بالأمر وطلب منها التحرك بشكلٍ عاجل، كما أبلغ عن الحسابات المزيفة مباشرةً عن طريق ملء نموذج إبلاغ تويتر.
من يقف خلف تلك الحسابات؟
لم تُكشف بعدُ هوية من يدير الشبكة. لكن جونز قال: "من الصعب للغاية توجيه أصابع الاتهام إلى جهةٍ ما. لكن التجارب السابقة تقول إنه من شبه المؤكد أن تكون الجهة الجانية هي إحدى شركات الاتصالات الاستراتيجية، التي تعمل نيابةً عن الإمارات. هذا هو نصل أوكام، أو التفسير الأقرب".
عند إلقاء نظرةٍ على بيانات تويتر لأعداد الحسابات الموقوفة بين عامي 2018 و2021 نتيجة ارتباطها بعمليات تدعمها الحكومات؛ سنجد أن دول الإمارات والسعودية ومصر تحتل قائمة أسوأ المذنبين في العالم بعد الصين.
تعرّف جونز على الحسابات المزيفة باستخدام أدلة مثل إنشاء المحتوى على دفعات في التاريخ نفسه. فضلاً عن استخدام صور ملفات شخصية ليست لها حقوق ملكية أو منشأة بالذكاء الاصطناعي، والكتابة بتنسيقٍ عام، واختيار اللغة وأوقات النشر. فضلاً عن غياب أي وجودٍ آخر لأولئك الأشخاص على الإنترنت.
حيث تم إنشاء دفعة أولى من تلك الحسابات في أغسطس/آب عام 2021، بينما تم إنشاء دفعةٍ أكبر في فبراير/شباط عام 2022. وتدعم تلك الحسابات أهداف السياسة الإماراتية الأخرى في ما يتعلق بالسودان، والتقنية، والغذاء، والثقافة. لكن جونز قال إن أشهر الموضوعات مؤخراً كان قمة كوب 28.
إذ كان من المفترض أن حساب @MahmudViyan يمثل أحد داعمي حقوق الإنسان في الإمارات. وقد استخدم الحساب صورة ملف شخصي تحمل النص التالي دون اقتصاصه: "this-person-does-not-exist.com". ويشير النص إلى اسم موقع ويب معناه أن "هذا الشخص لا وجود له"، في دلالةٍ على أن مصدر الصورة موقع لتوليد الصور بالذكاء الاصطناعي.
بينما كان من المفترض أن يمثل حساب @FadelYael شخصية عالم فضاء يعيش في الإمارات، لكنه حمل صورة ملف شخصي استخدمها أحد مواقع عيادات تجميل الأسنان من قبل. وبعد انتشار سلسلة تغريدات جونز عن الحساب؛ تم حذف اسم المستخدم ونقل الحساب بكافة تغريداته إلى اسم مستخدم جديد هو @MissAhmadlyn.
كذلك كان من المفترض بأربعة حسابات أن تمثل أخصائيات بيئيات من الولايات المتحدة، لكنهن يقمن في الإمارات. وقد وصف جونز صور ملفاتهن الشخصية بأنها "جذابة لدرجة مستحيلة".
حسابات مزيفة على منصات أخرى
انتقلت العشرات من الحسابات إلى أسماء مستخدمين جدد في أعقاب كشفها بواسطة جونز، مع حذف التغريدات التي سلط الضوء عليها عبر حسابه. وأوضح جونز: "يُدرك المسؤول عن إنشاء هذه الشبكة -أياً كانت هويته- أنني نشرت سلسلة تغريداتي، ولهذا شرعوا في جهود المراوغة الآن".
كما نشرت بعض الحسابات المزيفة تدوينات على منصة ميديام كذلك، ومنها حساب Samantha Ali. حيث كتبت منشوراً في فبراير/شباط بعنوان: "سلطان الجابر: الحليف الذي تحتاجه حركة المناخ من أجل كوب 28 الإمارات". وذكر النص أن "على المشككين التوقف عن الشكوى، لأن الجابر هو من نوعية الحلفاء الذين تحتاجهم حركة المناخ تحديداً".
بينما علّقت حسابات مزيفة أخرى على هذا المنشور المزيف. كما استخدم حساب Samantha Ali صورة ملفٍ شخصي ليست لها حقوق ملكية، بينما كان الحساب نفسه على ميديام يستخدم اسم "Joie Cooper" في السابق.
في اليوم نفسه من شهر فبراير/شباط، وباستخدام الصورة نفسها؛ كتب حساب Asher Siegel منشوراً بعنوان: "لماذا يجب على نشطاء المناخ أن يمنحوا سلطان الجابر فرصة؟". كما استخدم هذا الملف الشخصي صورةً ليست لها حقوق ملكية وتحمل الوصف التالي: "رجل سوري وسيم في محطة القطار".