اختتمت جورجيا ميلوني، رئيسة وزراء إيطاليا، الأربعاء 7 يونيو/حزيران 2023، زيارتها الدبلوماسية التي استغرقت يومين إلى شمال إفريقيا، وجاءت في سياق مساعيها المتوالية لحلِّ أزمة الهجرة التي تهدد بتقويض زعامتها للبلاد، بحسب صحيفة The Times البريطانية، الخميس 8 يونيو/حزيران.
تنتمي جورجيا ميلوني إلى التيار اليميني، وقد بنت سيرتها السياسية التي كفلت لها الصعود إلى رئاسة الوزراء على وعد بإيقاف تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط.
وفي هذا السياق، قالت ميلوني إنها تريد تحسين الأداء الاقتصادي للبلدان الإفريقية، لإزالة الحوافز التي تدفع المهاجرين للرحيل عن بلادهم.
وفود من ليبيا
استضافت ميلوني الأربعاء 7 يونيو/حزيران وفداً من ليبيا بقيادة عبد الحميد الدبيبة، رئيس وزراء الحكومة المدعومة من الأمم المتحدة في طرابلس.
وكانت قد استقبلت في بداية مايو/أيار خصمه في التنافس على السلطة في ليبيا، اللواء خليفة حفتر، الذي طرد قبل أيام قرابة 4 آلاف مهاجر مصري عبر حدود البلاد مع مصر.
ومع ذلك، فقد ذهب مراقبون إلى أن قرار ترحيل المهاجرين المصريين قد جاء في سياق يدل على تدهور العلاقات بين حفتر -الذي يسيطر على المناطق الشرقية من البلاد- والحكومة المصرية، واستبعدوا أن يكون قراره خدمة أراد بها إرضاء ميلوني.
زيارة تونس
الثلاثاء 6 يونيو/حزيران، زارت ميلوني الرئيسَ التونسي قيس سعيِّد، الذي تواجه بلاده اضطرابات اقتصادية وانتهاكات لحقوق الإنسان يُتوقع أن تحفز مزيداً من موجات الهجرة الجماعية نحو إيطاليا.
وقد وصل بالفعل ما يقرب من 52 ألف مهاجر إلى شواطئ البلاد على متن قوارب الهجرة غير الشرعية منذ بداية العام.
تسعى إيطاليا إلى إقناع الاتحاد الأوروبي بزيادة مساعداته المالية لتونس وتريد من صندوق النقد الدولي أن يفرج عن قرض بقيمة 1.9 مليار دولار، على الرغم من عدم اتخاذ حكومة سعيد لإصلاحات اقتصادية كبيرة، فضلاً عن كونها حلَّت البرلمان المنتخب، وأقالت قضاة رفضوا تنفيذ أوامرها، وسجنت صحفيين معارضين لها.
وقالت ميلوني إن التعاون مع تونس قلَّل من عدد المهاجرين الشهر الماضي، وإن كان بعض المراقبين قد عزوا ذلك الانخفاض إلى سوء الأحوال الجوية.
وفي حديثها بعد الاجتماع في تونس، قالت ميلوني إن تحسين الظروف الاقتصادية في الداخل أمر ضروري لتقليص الهجرة الجماعية، واستشهدت بخطةٍ تحمل اسم "إنريكو ماتي" -السياسي الإيطالي الراحل ورجل الأعمال البارز في مجال الطاقة- التي تروج لها منذ مدة. وقالت: "خطة ماتي الإيطالية لإفريقيا تشمل مايلي: تعاون لا يتسم بالوصاية، ولا القسر، بل يقوم على المساواة، ويتيح لكلِّ المشاركين فيه أن يدافعوا عن مصالحهم الوطنية في شراكة توفر فرصاً للجميع".
تشكيك في خطة ميلوني
مع ذلك، شكك ماوريتسيو أمبروسيني، خبير الهجرة بجامعة ميلانو، في إمكانية نجاح الخطة التي شرعت فيها ميلوني على المدى القصير. وقال: "إن تنمية دول الهجرة يؤدي في البداية إلى زيادة أعداد المغادرين، لأن توافر الموارد يتيح للراغبين في الهجرة دفعَ الأموال للمهربين"، "كذلك فإن التعاون الدولي يزيد من عدد الأشخاص الذين يتطلعون للسفر. والخلاصة أن التنمية ليست حلاً قصير المدى، فهي لا تؤتي ثمارها إلا بعد عقود".
في غضون ذلك، وردَ أن ميلوني تتفق مع رئيس وزراء بريطانيا، ريشي سوناك، بشأن سياسة الهجرة. وأكد وزير داخلية إيطاليا ماتيو بينتيدوسي على جودة التعاون بين إيطاليا وبريطانيا في المعركة ضد مهربي البشر بعد محادثة هاتفية مع نظيرته البريطانية سويلا برافرمان، هذا الأسبوع.
اجتماع في بروكسل لإيقاف تدفق المهاجرين
من جهة أخرى، يجتمع وزراء الداخلية الأوروبيون في بروكسل، الخميس 8 يونيو/حزيران، ويُتوقع أن ينتقل الاتحاد الأوروبي إلى سياسة أكثر تقييداً لاستقبال اللاجئين، إذ تسعى حكومات الدول الأوروبية إلى عقد صفقات مع حكومات شمال إفريقيا، مثل ليبيا وتونس، لإيقاف تدفق المهاجرين هناك.
ويخطط الاتحاد الأوروبي للتخلي تماماً عن خطة -كانت معطلة بالفعل- لتقسيم المهاجرين إلى حصص تُوزع على بلدان أوروبا، وينوي الاتفاق السماح لدول وسط أوروبا وشرقها بأن تقدم المال أو الأفراد بدلاً من استقبال لاجئين من إيطاليا أو اليونان.
في المقابل، حذرت منظمة "أوكسفام" الخيرية من أن أوروبا "تبرم صفقات هجرة مشبوهة مع دول خارج الاتحاد الأوروبي لتتحمَّل عنها عبء المسؤولية عن المهاجرين الباحثين عن الأمان".