أوكرانيون يهجرون منازلهم بعد تفجير سد كاخوفكا.. يواجهون التشرد والأمراض، وتحذيرات من عواقب كارثية

عربي بوست
تم النشر: 2023/06/07 الساعة 18:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/07 الساعة 18:04 بتوقيت غرينتش
المياه غمرت الكثير من المنازل بعد تدمير سد كاخوفكا - رويترز

هجر الأوكرانيون منازلهم بعدما غمرت مياه الفيضانات مساحة شاسعة من جنوب البلاد، الأربعاء 7 مايو/أيار 2023، جراء تدمير سد كاخوفكا الضخم بمدينة خيرسون، والذي تبادلت كل من روسيا وأوكرانيا الاتهامات باستهدافه، فيما حذّر خبراء من أن تدمير السد قد تكون له تبعات بيئية وبشرية "غير مسبوقة" من تدمير أنظمة بيئية وفيضانات وتلوث ومخاطر على إمدادات الطاقة.

التدفق الهائل للمياه تسبب بخروج السكان إلى الشوارع التي غمرتها المياه، حاملين أطفالهم على أكتافهم ومتعلقاتهم في أكياس بلاستيكية، وباتوا يواجهون التشرد والأمراض، وذلك في وقت استخدم رجال الإنقاذ قوارب مطاطية لتمشيط المناطق التي ارتفع فيها منسوب المياه لنحو مترين.

أولكسندر ريفا أحد المتضررين من تدمير سد كاخوفكا، قال بينما كان ينقل ممتلكات عائلته من قرية على ضفة نهر دنيبرو إلى منزل لجار له مقام على أرض مرتفعة: "إذا ارتفع منسوب المياه متراً آخر، فسنفقد منزلنا".

سكان في منطقة الفيضانات بجنوب البلاد، اتهموا القوات الروسية بتفجير السد، وهي التي سيطرت عليه من مواقعها على الضفة المقابلة، وقال ريفا: "إنهم يكرهوننا (…) إنهم يريدون تدمير الأمة الأوكرانية وتدمير أوكرانيا نفسها".

بدورها، قالت أوكرانيا إن الفيضانات ستتسبب في حرمان مئات الآلاف من مياه الشرب، وستغمر أراضي زراعية تصل مساحتها إلى عشرات الآلاف من الهكتارات.

نائب رئيس ديوان الرئاسة الأوكرانية أوليكسي كوليبا، أشار إلى أن أوكرانيا تتوقع توقف ارتفاع منسوب مياه الفيضانات بحلول نهاية اليوم الأربعاء 7 يونيو/حزيران 2023، بعد أن وصل إلى نحو خمسة أمتارٍ الليلة الماضية، فيما أفادت وكالة "تاس" الروسية للأنباء بأن منسوب المياه قد يظل مرتفعاً في بعض الأماكن لمدة تصل إلى عشرة أيام.

من جانبها، فرضت روسيا حالة الطوارئ في مناطق بإقليم خيرسون الذي تسيطر عليه، وحيث تقع العديد من البلدات والقرى في الأراضي المنخفضة أسفل سد كاخوفكا، وقال سكان هناك في تصريح لوكالة رويترز، إن "القوات الروسية التي تجوب الشوارع تهدد من يقترب من المدنيين".

يأتي هذا، فيما أجلت السلطات ألفي شخص حتى الآن من الجزء الخاضع للسيطرة الأوكرانية من منطقة الفيضانات، ووصل منسوب المياه إلى أعلى مستوى له في 17 منطقة سكنية تضم 16 ألف شخص.

أوكسانا السيدة البالغة من العمر 53 عاماً، والتي تسكن بمنطقة منخفضة في مدينة خيرسون، قالت إن "المياه غمرت كل شيء؛ الأثاث، والثلاجة، والطعام، وكل الزهور، كل شيء يطفو. لا أعرف ماذا أفعل".

تحذير من آثار سلبية قادمة

يشكل نهر "دنيبرو" الواسع الذي يقطع أوكرانيا، خط المواجهة في الجنوب، وشكَّل الخزان الضخم خلف سد كاخوفكا أحد المعالم الجغرافية الرئيسية في البلاد، وكانت مياهه تروي أجزاء كبيرة من أوكرانيا، إحدى كبريات الدول المصدرة للحبوب في العالم، ومن بينها شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا في عام 2014.

مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة مارتن غريفيث، قال لمجلس الأمن إن "الحجم الهائل للكارثة لن يتضح إلا في الأيام المقبلة"، فيما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في خطابه أثناء الليل: "العالم بأسره سيعرف بجريمة الحرب الروسية هذه"، واصفاً إياها بأنها "قنبلة دمار شامل بيئية".

في سياق متصل، حذّر خبراء وجمعيات مدافعة عن البيئة من أن تدمير سد كاخوفكا قد تكون له تبعات بيئية وبشرية كبيرة، وقالت منظمة "إيكو أكشن" غير الحكومية الأوكرانية إن أولى عواقب انهمار 18 مليار طن من المياه التي كان السد يحتجزها، ستكون بلبلة خطيرة للأنظمة البيئية في نهر دنيبرو، رابع أطول أنهار أوروبا، وصولاً إلى المناطق الساحلية على شواطئ البحر الأسود.

توقعت المنظمة "نسبة نفوق كثيفة محتملة لكائنات مائية (أسماك ورخويات ومحار وكائنات مجهرية ونبتات مائية)، كذلك قوارض بعضها متوطن أو مهدد أساساً بالانقراض، ما "سيؤدي إلى تدهور نوعية المياه نتيجة تحلل الكائنات الميتة".

وتحظر اتفاقيات جنيف بشكل صريح، استهداف السدود في الحروب، ولم يقدم أي من الجانبين أدلة علنية تكشف المسؤول عن انهيار سد كاخوفكا.

في موازاة ذلك تبادلت أوكرانيا وروسيا الاتهامات حول تدمير سد كاخوفكا، وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، الثلاثاء 6 يونيو/حزيران 2023، إن أوكرانيا دمرت السد لصرف الانتباه عن هجوم مضاد جديد، قال إنه "يتعثر".

بدورها قالت واشنطن إنها لا تزال تجمع أدلة لتحديد المسؤول، مشيرةً إلى أن أوكرانيا لن يكون لديها سبب لإلحاق مثل هذا الدمار بنفسها.

في هذا الصدد، قال روبرت وود نائب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، للصحفيين: "لماذا تفعل أوكرانيا ذلك بأراضيها وشعبها وتغمر أراضيها (بمياه الفيضانات) وتجبر عشرات الآلاف من الناس على ترك منازلهم؟ هذا غير منطقي".

تتزامن كارثة انهيار سد كاخوفكا مع هجوم مضاد على وشك أن تشنه القوات الأوكرانية، ويُنظر إليه على أنه المرحلة الرئيسية التالية من الحرب.

أوكرانيا قالت اليوم الأربعاء، إن قواتها في الشرق تقدمت بأكثر من كيلومتر حول مدينة باخموت المدمرة في شرق أوكرانيا، وقال سكرتير مجلس الأمن القومي الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، إن الهجمات الجارية لا تزال محدودة، وإن الهجوم الواسع النطاق لم يبدأ بعد. وقال لـ"رويترز": "عندما نبدأ الهجوم المضاد، سيعرف الجميع وسيرونه".

تحميل المزيد