قالت مصادر مطلعة إن السعودية وبعض أعضاء منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" تنازعوا بشأن حصص إنتاج النفط قبيل اجتماع محتدم بين دول المنظمة الأحد 4 يونيو/حزيران 2023، وهو ما يدل على تنامي التوترات داخل المنظمة في ظل المخاوف من ضعف الطلب العالمي على الطاقة.
صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية نقلت عن مصادر، قولها إن السعودية، الزعيم الفعلي لمنظمة أوبك، طالبت صغار المنتجين الأفارقة بخفض حصصهم، في حين أن المملكة تجري في الوقت نفسه محادثات مع الإمارات -العضو القوي في المنظمة- بشأن السماح للأخيرة بإنتاج حصة أكبر من النفط.
كما زعمت المصادر أن وزير النفط السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، استدعى بعض المندوبين الأفارقة بالمنظمة إلى جناحه بفندق الإقامة في فيينا يوم السبت 3 يونيو/حزيران، وأبلغهم أن حصص بلادهم من إنتاج المنظمة ستُخفض، لكن المندوبين انسحبوا من الاجتماع دون اتفاق.
يأتي ذلك على الرغم من أن الدول الإفريقية في المنظمة، مثل نيجيريا وأنغولا، قد كابد معظمها جهوداً شاقة حتى بلغت حصص الإنتاج الحالية لأسباب مختلفة، منها إجراءات الإغلاق المرتبطة بكورونا ومعاناة تجاوز تداعياتها، ثم سنوات نقص الاستثمار في قطاع إنتاج النفط.
لم يرد ممثلو وزارات الطاقة في السعودية، ولا الإمارات، ولا نيجيريا، ولا أنغولا، ولا غينيا الاستوائية، ولا الغابون، ولا جمهورية الكونغو على طلبات التعليق.
خفض إنتاج النفط لرفع الأسعار
في غضون ذلك، قال مندوبون إنّ خفض الإنتاج بنحو مليون برميل يومياً مسألة مطروحة للنقاش في اجتماع أوبك وشركائها من الدول المنتجة للنفط بقيادة روسيا -في التحالف المعروف باسم "أوبك بلس"- نهاية الأسبوع في فيينا، ضمن محادثات خطة الإنتاج.
إذ ينتج هذا التحالف المكون من 23 عضواً، أكثر من نصف إنتاج النفط في العالم. وتوقع المندوبون أن يؤدي خفض الإنتاج إلى زيادة أسعار النفط الخام، إلا أن هناك مخاوف من أن يؤدي تباطؤ الاقتصاد العالمي إلى تقليل الطلب على الطاقة. ومع ذلك، فإن معظم الدول الأعضاء لا تريد تقليص حصص إنتاجها، لأن ذلك يُنقص من عائداتها الإجمالية.
إذا توافقت دول "أوبك بلس" على خفض الإنتاج في اجتماع الأحد، فسيكون ذلك ثالث تخفيض للإنتاج يقره التحالف منذ أكتوبر/تشرين الأول، حين توافقت دول المنظمة على تخفيض الإنتاج وقتها بمقدار مليوني برميل يومياً؛ ثم خفض بعض المنتجين الكبار بالمجموعة -مثل السعودية وروسيا- إنتاجهم بمقدار 1.6 مليون برميل أخرى يومياً في أبريل/نيسان.
فيما انخفض سعر خام برنت، خام القياس العالمي للنفط، أكثر من 20% منذ أن هزَّت أوبك وحلفاؤها السوق بتخفيضات الإنتاج في أكتوبر/تشرين الأول. ولا يتوقع أن يثير خفض آخر للإنتاج، يوم الأحد، أي اعتراض كبير من واشنطن، إذ يذهب معظم المحللين إلى أن أسعار النفط ستبقى في دائرة الانخفاض.
توترات متزايدة بين السعودية وروسيا
من جهة أخرى، يأتي اجتماع "أوبك بلس" هذا الأسبوع وسط توترات متزايدة بين اثنين من أكبر منتجي النفط في العالم بشأن تخفيضات الإنتاج المتفق عليها سابقاً. فقد أوردت صحيفة The Wall Street Journal أن روسيا تواصل ضخ كميات ضخمة من الخام الرخيص في السوق، ما يقوض جهود السعودية لتعزيز أسعار الطاقة.
بينما لا يُعرف بعدُ ما إذا كانت السعودية ستتعجل الرد على ذلك بردٍّ من شأنه أن يضر بتحالف الطاقة مع روسيا. لكن الخلافات بين الرياض وموسكو ليست أمراً تشهده منظمة "أوبك بلس" لأول مرة.
فقد انهارت أسعار النفط من قبل في مارس/آذار بعد فشل السعودية وروسيا في الاتفاق على خطة طارئة لمعالجة التضخم في معروض النفط. وقد شرعت السعودية بعد ذلك في حرب أسعار سعت بها إلى انتزاع حصة في السوق من روسيا.
كما قال مندوبون بمنظمة أوبك إن الأمير عبد العزيز بات يتخذ كثيراً من القرارات المؤثرة في إنتاج النفط دون التشاور مع بقية أعضاء المنظمة. وأشار مسؤولون سعوديون ومصادر مطلعة على سياسة النفط السعودية إلى أن الرياض حريصة على ارتفاع أسعار النفط، لأنها قدرت التعادل بين نفقات الإنتاج وعوائده في ميزانيتها بنحو 81 دولاراً للبرميل.
في الأشهر الأخيرة، نبه مستشارون اقتصاديون سعوديون كبار صانعي السياسات في العالم إلى أن المملكة تحتاج إلى ارتفاع أسعار النفط خلال السنوات الخمس المقبلة؛ لمواصلة إنفاق مليارات الدولارات على مشروعاتها الطموحة التي لم تجتذب حتى الآن سوى استثمارات ضئيلة من الخارج.