أعلن ثلاث شخصيات عامة في تونس، خلال أسبوع واحد، الدخول في "إضرابات جوع"، احتجاجاً على ما اعتبروه "ملاحقات قضائية على خلفيات سياسية"، وسط حملة تضييقات تقودها السلطات التونسية ضد معارضي قيس سعيد.
وكل على حدة، أعلن مهدي زقروبة المحامي، والصحبي عتيق القيادي بحركة "النهضة"، ومحمد ريان الحمزاوي الرئيس السابق لبلدية الزهراء (ولاية بن عوس جنوب تونس)، الشروع في إضراب جوع، بغرض ما سمّوه "رفع مظالم". وقرر زقروبة الأربعاء إنهاء إضرابه.
ومنذ 11 فبراير/شباط الماضي، شهدت تونس حملة توقيفات شملت سياسيين وإعلاميين ونشطاء وقضاة ورجال أعمال، فيما اتَّهم الرئيس التونسي قيس سعيد بعض الموقوفين بـ"التآمر على أمن الدولة، والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار"، إلا أن المعارضة تتهمه بتعمُّد الملاحقة القضائية "التعسفية" بحق الرافضين لإجراءات استثنائية، بدأ فرضها في 25 يوليو/تموز 2021.
مهدي زقروبة
في 25 مايو/أيار الماضي، أعلن زقروبة الدخول في إضراب جوع والاحتماء بمقر هيئة المحامين بالعاصمة تونس؛ احتجاجاً على "فتح القضاء بحثاً ضده، بطلب من وزيرة العدل ليلى جفال، وفق مرسوم 54 الخاص بالجرائم الإلكترونية على وسائل التواصل الاجتماعي".
وذكر زقروبة حينها، في تدوينة على فيسبوك، أن وزيرة العدل "أذِنت أيضاً بفتح بحث تحقيقي ثانٍ ضده، بسبب تدوينة موضوعها إعفاءات قضاة من مهامهم، وعدم تنفيذ أحكام المحكمة الإدارية لصالحهم".
وبعدها بيومين، أصدرت المحكمة الابتدائية بتونس حكماً بسجن زقروبة مدة عام واحد "وذلك من أجل نسبة أمور غير صحيحة إلى موظف من السلك العدلي، دون تقديم ما يُثبت صحة ذلك"، وفق ما نشره "راديو موزاييك" المحلي (خاص).
وبحسب المحامي سمير بن عمر فإن "الحكم على زقروبة لم يكن بالنفاذ العاجل ويمكن استئنافه"، وقال بن عمر، عضو هيئة الدفاع عن زقروبة للأناضول، الأربعاء، إن موكله "قرر رفع إضرابه عن الطعام".
الصحبي عتيق
وفي 30 مايو/أيار الماضي، أعلنت "النهضة" أن القيادي بالحركة، الموقوف لدى السلطات التونسية، الصحبي عتيق، يعاني "تدهوراً حاداً في صحته"، بعد 18 يوماً من إضرابه عن الطعام.
وقالت الحركة، في بيان، إن "الحالة الصحية للنائب الصحبي عتيق شهدت تدهوراً حاداً جراء الإضراب الوحشي عن الطعام الذي يخوضه منذ 18 يوماً"، مشيرة إلى أن "التدهور في حالته حتّم نقله إلى المستشفى".
وتابعت أن عتيق يخوض إضراب الجوع "احتجاجاً على إيداعه السجن ظلماً في قضية ملفقة وغريبة الأطوار، شابتها عدة تجاوزات قانونية"، كما دعت "النهضة" إلى "إطلاق سراح عتيق وكل المعارضين السياسيين، والكفّ عن سياسة التنكيل والتشفي".
من جانبها، أعلنت زينب مرايحي، زوجة عتيق، أن الوضع الصحي لزوجها الموقوف منذ 6 مايو الماضي، في "تدهور مستمر بسبب تنفيذه إضراباً عن الطعام منذ اعتقاله".
وكتبت مرايحي على على فيسبوك أن زوجها يتابع في "قضية كيدية ومبنية على شهادة زور، هدفها تشويه زوجي وسجنه"، على حد تعبيرها.
فيما لم يصدر تعليق من السلطات بشأن بيان "النهضة" وتصريحات مرايحي، لكن الرئيس التونسي يؤكد عادةً على استقلال السلطات القضائية وحماية حقوق الموقوفين والسجناء.
ريان الحمزاوي
أمس الأول الثلاثاء أعلن محامو رئيس بلدية الزهراء السابق، محمد ريان الحمزاوي، أن موكلهم "دخل في إضراب جوع حتى تُرفع عنه المظلمة".
وجاء في بيان نشرته هيئة الدفاع عن الحمزاوي، أن موكلهم الموقوف "يتابع في قضية وفق وشاية كيدية عن شخص تم حجب هويته، نُسب فيها لمحمد ريان الحمزاوي علاقة بنادية عكاشة (مديرة ديوان الرئيس قيس سعيد السابقة)، في إطار قضية تآمر على أمن الدولة".
وأوضحت هيئة الدفاع أن القضية "المنسوبة لمديرة الديوان الرئاسي السابقة أثبت الدفاع بحجج ومستندات لا تدع مجالاً للشك، زيف هذه الوشاية وصبغتها الكيدية".
وأضافت أنه "تم إصدار بطاقة (إذن) إيداع من قبل قاضي التحقيق، متجاهلاً ما تم الإدلاء به، وقد امتنع جميع أعضاء هيئة الدفاع عن إمضاء محضر الاستنطاق".
ووفق قرار "فتح بحث في قضية إرهابية منسوب للقطب القضائي لمكافحة الإرهاب بتونس"، نشره نشطاء تونسيون على فيسبوك، الثلاثاء، "يتابع الحمزاوي في قضية تآمر على أمن الدولة مع عشرين شخصية أخرى، منهم نادية عكاشة ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي والصحفية شهرزاد عكاشة".
ولم تعلق السلطات فوراً على "إضرابات الجوع" التي أعلنها الموقوفون، غير أن الرئيس التونسي في أكثر من مناسبة شدد على "ضرورة تطبيق القانون على الجميع وعلى قدم المساواة".