كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست"، عن أن "رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ومعارضو حزب الله يتوافقون على جهاد أزعور مرشحا رئاسيا"، وهو وزير المالية السابق ومدير صندوق النقد الدولي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
البارز في الأمر انضمام التيار الوطني الحر حليف حزب الله لهذا الخيار، بحسب مصدر برلماني أكد لـ"عربي بوست" أن "هذا الخيار هو ترجمة لمفاوضات خاضتها القوات اللبنانية برئاسة سمير جعجع والكتائب برئاسة سامي الجميل، وكتلة التغيير مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي وصلت علاقته مع حزب الله إلى حد القطيعة"، وفق قوله.
أوضح أن العلاقة ساءت بين باسيل وحزب الله بسبب إصرار الحزب على خيارات يرفضها باسيل وتياره، على رأسها ترشيح فرنجية، ودعم انعقاد حكومة تصريف الأعمال.
65 صوتا داعما لأزعور
أشار كذلك إلى أن فريق المعارضة والتيار الوطني الحر بات يراهن على قدرتهم في تأمين أكثر من 65 نائباً على التصويت لجهاد أزعور، ما يعني أكثر من نصف عدد الأصوات، وهو ما يلزم لاختيار الرئيس الجديد.
بحسب الدستور اللبناني، ينتخب الرئيس بالاقتراع السري بغالبية ثلثي أعضاء مجلس النواب في الدورة الأولى، أي 86 من أصل من 128 نائباً، لكن تكفي الغالبية المطلقة (النصف+1) لانتخابه في دورات الاقتراع التي تلي ذلك، وهو المطلوب حالياً بعد فشل اختيار الرئيس لـ12 جلسة، ما أدى إلى فراغ رئاسي مستمر منذ 7 أشهر، بدأ في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في هذا الصدد، قال النائب المعارض أديب عبد المسيح لـ"عربي بوست"، إن "الاتفاق بين المعارضين لحزب الله ومرشحه فرنجية بكل أطيافهم وبين رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل وصل إلى خواتيم سعيدة، بعد توافق 65 صوتاً منهم على مرشح واحد".
بحسب عبد المسيح، فإن ثمة اتفاقاً ضمنياً وغير منجز وشبه أخير سيجري الإعلان عنه، مشدداً على مبدأ أساسي وهو أن فريقه سيعلن بشكل صريح الاسم المتفق عليه لرئاسة الجمهورية، وذلك عقب إعلان رئيس مجلس النواب نبيه برّي فتح أبواب المجلس، وتحديد جلسة لانتخاب رئيس.
وأضاف النائب أيضاً أنّ الحزب التقدمي الاشتراكي ونواب التغيير والعديد من النواب المستقلين والسنة، سينحازون للمرشح التوافقي الجديد (أزعور)، مشدداً على أنه سيكون الأوفر حظّاً.
لفت كذلك إلى أن القوى السياسية التي خاضت مفاوضات ونقاشات مشتركة لرفض مرشح حزب الله، وضعت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في حيثيات الاتفاق.
في المقابل، يصر الفريق الداعم لسليمان فرنجية في مقدمته حزب الله، بأن المسار الإقليمي يصب في صالحه، في محاولة منه لتسوية تبنتها فرنسا بانتخاب فرنجية رئيساً للجمهورية، ونواف سلام رئيساً للحكومة.
تأتي هذه التطورات جميعها عقب انتهاء فعاليات القمة العربية في السعودية وما نتج عنها من تحولات في السياسة العربية، إذ عاد الملف اللبناني إلى الواجهة لا سيما فيما يتعلق بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في لبنان.
أزعور: أرفض المواجهة
بالتوازي، قال المصدر المعارض في حديثه لـ"عربي بوست": "باسيل ومعارضو حزب الله يتوافقون على جهاد أزعور، لكن الأخير لكل الأطراف التي اتفقت على اسمه أنه لا يريد أن يكون مرشح مواجهة وتحدٍّ، بل مرشحاً توافقياً، انطلاقاً من علمه المسبق بأن صفة المواجهة تقضي على حظوظ أي مرشح.
"رئيس توافق" و"رئيس تحدٍّ"، هما مصطلحان متعارف عليهما في لبنان، لوصف عملية اختيار الرئيس، فالأول يقصد به المرشح الرئاسي الذي تتوافق عليه غالبية القوى في البرلمان العاجزة على اختياره بشكل منفرد أو ما يدعى "رئيس تحدٍّ".
الخلاف الذي يدور حالياً في البرلمان اللبناني هو اختيار رئيس "توافق" أو "تحدٍّ"، إذ يراهن حزب الله وحلفاؤه على مرشح تحدٍّ هو سليمان فرنجية، أما باسيل ومعارضو حزب الله يتوافقون على جهاد أزعور لا سيما بتحالفهم مع القوات اللبنانية، فهم يسعيون إلى مرشح توافقي بينهم هو أزعور، الذي يرفض أم يكون مرشح تحدٍّ.
سبق لأزعور أن التقى منذ أسابيع ولمرات متعددة مسؤولين في حزب الله على رأسهم رئيس كتلة الحزب محمد رعد، والمعاون السياسي لنصرالله الحاج حسين خليل، وذلك بهدف شرح أهداف ترشيحه.
أكد المصدر البرلماني أيضاً، أن "مرشح الكتائب والتيار الوطني الحر بات يمتلك تصوراً متكاملاً، سياسياً واقتصادياً، يضعهما في سياق رؤية شاملة بالتعاون مع كل القوى السياسية، بهدف وضع لبنان على سكة الحلول الشاملة".
وأضاف أن أزعور "حريص على كل التواصل مع كل الأطراف، وهو سيعقد لقاءات مباشرة مع النواب الذين لم يحسموا أمرهم كالنواب السنة والمستقلين، وهو معروف بصلاته بكل القوى السياسية، خاصة أنه كان وزيراً للمالية في المرحلة السابقة".
زيارة البطريرك الماروني إلى فرنسا
أشار المصدر إلى أن القوى الداعمة لأزعور تحاول إنجاز الاتفاق على اسمه بشكل رسمي خلال أيام قليلة، وتحديداً قبيل موعد زيارة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي إلى فرنسا.
كشف عن أن "زيارة البطريرك الماروني إلى فرنسا، تهدف إلى أن يفاتح الفرنسيين بشكل صريح عن انزعاج القوى المسيحية من التدخل السلبي في الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح حزب الله، على أن يحمل معه اسم أزعور، بناءً على توافق المسيحيين عليه، خاصة أن حجة المسؤولين الفرنسيين ألا مرشح آخر في مواجهة فرنجية".
أسباب باسيل
باسيل ومعارضو حزب الله يتوافقون على جهاد أزعور بعد عودة رئيس التيار الوطني من فرنسا ولقاءاته مع المسؤولين هناك، بحسب المحلل السياسي جوني منير، الذي أوضح في حديثه لـ"عربي بوست"، أن قرار باسيل أتى بعد أن سمع بأنّ المبادرة الفرنسية باتت تصطدم بعوائق عدة، أهمها ممانعة القوى المسيحية والمعارضة لفرنجية، إضافة لرفض البطريركية لمرشح الحزب، مع عدم الإغفال عن أن أي حل داخلي يجب أن يحظى بموافقة حزب الله، الذي يصر على طرح سليمان فرنجية.
أضاف أن باسيل باختياره أزعور، هرب من سيناريو فرنجية الذي تؤيده فرنسا، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون الذي تطرحه واشنطن والرياض والدوحة ضمناً.
شكل المرحلة المقبلة
في المقابل، اعتبر مصدر مقرب من الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) أن الجميع بات أمام مشهد فيه وضوح كبير، يتمثّل بقيام جبهة مسيحية واسعة ضد ترشيح فرنجية، وهي جبهة تواجه عملياً حزب الله، وهذا أمر له انعكاساته على أمور كثيرة في المرحلة المقبلة.
وفقاً لرأيه، فإن "الجميع سيترقب إذا ما كان هذا التحالف جدياً أم مناورة، باعتبار أن هذه الخطوة تمثل أساس التحرك الذي سيقوم به البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي استفاد من التوافق بين القوى المسيحية ليحمل معه ورقة تفاوض في لقاءاته مع المسؤولين الفرنسيين، خاصة أن باريس لا يمكنها تجاهل توافق غالبية مسيحية على مرشح هو يفضله، وكان جزءاً من ورقته الرئاسية.
يرى المصدر المقرب من حزب الله أن المعطيات المتصلة بزيارة الراعي لباريس، تؤكد أن مهمته باتت محصورة الآن في إقناع الفرنسيين بأن التسوية التي يسيرون بها تخالف توجهات غالبية مسيحية كبيرة، برلمانية وسياسية وشعبية، خاصة أن الفريق المعارض لفرنجية، نجح في اختيار مرشح جديد، بالتالي، فإن على فرنسا ودول اللقاء الخماسي تعديل وجهة النقاش، لناحية فتح حوار حول أي مرشح هو الأنسب، وليس العمل على إقناع الناس بالتصويت لفرنجية حصراً.
يشار إلى أن لبنان يعيش فراغاً رئاسياً منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2022، رغم عقد 12 جلسة لاختيار خلف له، إلا أن أعضاء البرلمان فشلوا في التوافق على اسم توافقي حتى الآن، إذ إنه وفقاً للدستور اللبناني، فإن الرئيس لا ينتخب مباشرة من الشعب، وإنما من خلال مجلس النواب.
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة للمعلومات التي تأكدنا من مصداقيتها من خلال مصدرين موثوقين على الأقل. يرجى تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو سلامتها.