نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية، الإثنين 29 مايو/أيار 2023، عن المرشد الأعلى في إيران "آية الله علي خامنئي"، قوله إن طهران ترحب بتحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر، حيث تشهد علاقات البلدين فتوراً منذ العام 1979 الذي شهد وصول روح الله الخميني إلى السلطة عقب الإطاحة بنظام الشاه.
جاءت تصريحات خامنئي خلال لقائه بسلطان عُمان هيثم بن طارق، الذي وصل إلى العاصمة طهران برفقة وفد مرافق له.
وكالة "فارس" الإيرانية للأنباء قالت على موقعها الإلكتروني، إن "قائد الثورة الاسلامية خامنئي أكد أن تطوير العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية وسلطنة عمان في جميع المجالات يخدم مصلحة البلدين، مرحّباً باستئناف العلاقات بين إيران ومصر".
جاءت تصريحات خامنئي في الوقت الذي تتخذ فيه دول بالشرق الأوسط من بينها مصر، خطوات لتخفيف التوتر في المنطقة، وفي شهر مارس/آذار 2023 وضعت السعودية وإيران حداً لسنوات من العداء واتفقتا على إعادة العلاقات الدبلوماسية بموجب اتفاق توسطت فيه الصين.
حتى الساعة 10:30 بتوقيت غرينتش من الإثنين 29 مايو/أيار 2023، لم يصدر تعليق رسمي مصري على تصريحات خامنئي.
العلاقات بين مصر وإيران
اتسمت العلاقات بين مصر وإيران بشكل عام بالتوتر خلال العقود الماضية رغم أن البلدين أبقيا على اتصالات دبلوماسية، فمنذ عهد الرئيس المصري السابق جمال عبد الناصر شهدت العلاقات بين البلدين تقلصاً، حينما كانت طهران محسوبة على المعسكر الغربي في زمن الشاه محمد رضا بهلوي، في حين تحولت القاهرة إلى حليف للاتحاد السوفييتي.
عادت العلاقات من جديد على مستوى السفراء، إثر وساطة كويتية ومفاوضات بين الدولتين، في أغسطس/آب 1970.
بعد تولي الرئيس المصري الراحل أنور السادات السلطات، بدأت البوصلة المصرية تتغير تدريجياً، لتصبح تابعة للسياسة الأمريكية، وفي تلك الآونة تحسنت العلاقات المصرية الإيرانية بصورة لافتة، ودخلت عصرها الذهبي.
في هذه الفترة أصبح البلدان ضمن السياق الأمريكي، فبادر السادات عام 1971م بإرسال مستشاره الأمني أشرف مروان لزيارة الشاه، وبحث سبل التعاون وتوقيع اتفاقيات تجارية، وتدفقت المساعدات الإيرانية على مصر لتبلغ 850 مليون دولار عام 1977.
إلا أنه منذ العام 1979 دخلت إيران تحت حكم الخميني في حالة عداء مع المعسكر الغربي، وتوترت علاقاتها مع مصر، خاصة بعد أن استضاف السادات، في مارس/آذار 1980 شاه إيران المعزول، الذي لم يجد بلداً آخر يقبله.
ورغم أن مصر اعترفت في أبريل/نيسان 1979 بجمهورية إيران الإسلامية، فإن الخميني قرر في مايو/أيار من العام نفسه قطع العلاقات الدبلوماسية مع القاهرة، بسبب اتفاقية كامب ديفيد.
كذلك انزلقت العلاقات الثنائية إلى أسوأ مراحلها مع اندلاع الحرب بين إيران والعراق، في سبتمبر/أيلول 1980، والتي استمرت حتى 1988م، في تلك الحرب وقف السادات في البداية على الحياد الظاهري، مستنكراً قصف المدنيين في البلدين، لكنه لم يلبث أن اندفع بقوة مع الجانب العراقي، ثم تابعه الرئيس الراحل حسني مبارك.
تحسن طفيف بالعلاقات
ومع اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 في مصر، سارعت إيران عن طريق مرشدها علي خامنئي إلى دعمها بصورة صريحة، حتى قبل أن يسقط مبارك، إذ أعلن خامنئي في خطبة الجمعة بطهران، يوم 4 فبراير/شباط 2011، أن نظام مبارك كان عميلاً لإسرائيل.
مع تولي الرئيس الراحل محمد مرسي كان واضحاً أن مصر تسعى لاتباع نهج أكثر استقلالية في سياستها الخارجية، فسعى لإعادة العلاقات مع إيران إلى سياق إقليمي متوازن، فقام بزيارة إلى طهران، في سابقة تاريخية.
كذلك زار الرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد مصر، في فبراير/شباط 2013، وتعددت اللقاءات بين المسؤولين والوفود الاقتصادية، ولم تصل هذه التطورات إلى غايتها، إذ سرعان ما وقع الانقلاب العسكري في مصر في يوليو/تموز 2013، لتعود العلاقات الإيرانية المصرية إلى المقاربة التي كانت سائدة في عهد مبارك.
وقبل أن يتولى منصب الرئاسة بأيام قليلة، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عودة مصر في علاقتها مع إيران إلى "مقاربة مبارك"، فقال: "نقول لأشقائنا في الخليج هي مسافة السكة.. لدينا القدرة على حماية أمننا القومي العربي".
أضاف السيسي أن "إيران تدرك أن العلاقة مع مصر تمر عبر الخليج العربي. الخليج أهلنا ويهمنا أن يعيش بسلام"، ثم ألمح إلى أن هذه المقاربة لا تشمل العداء أو التباعد التام مع إيران، فقال: "كل ما نسعى إليه مع إيران هو علاقة عادلة، من حقنا تأمين مصالحنا، كما يحق لإيران القلق على مصالحها".