في تجمع انتخابي هو الأكبر في تاريخ تركيا، انتظر نحو مليون و700 ألف شخص ساعات طويلة تحت أشعة الشمس، يوم 7 مايو/أيار، لمشاهدة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وهو يلقي خطابه في مطار أتاتورك بمدينة إسطنبول غربي تركيا، ضمن حملته لانتخابات تركيا 2023 في المدينة الأكبر من حيث عدد السكان والناخبين بين المدن التركية.
أمام هذه الحشود العملاقة التي جاءت بعد يوم من تجمع انتخابي للمعارضة التركية في منطقة "مالتبه"، في الجزء الآسيوي من إسطنبول، لم يكن عند مستوى حشد العدالة والتنمية، قال أردوغان: "إذا تحدثت إسطنبول في انتخابات 14 مايو (أيار) فسيحسم الأمر".
الكلمة لإسطنبول بانتخابات تركيا 2023
يبلغ عدد من يحق لهم التصويت في الانتخابات، بحسب بيانات الهيئة العليا للانتخابات التركية 64 مليوناً و113 ألفاً و941 ناخباً في الداخل والخارج، من بينهم 12 مليون شخص في إسطنبول وحدها.
تضم المدينة التي تحتوي على 39 مقاطعة و80 دائرة انتخابية من أصل 1094 في عموم تركيا بكاملها، ويمثلها البرلمان 98 نائباً من أصل 600 نائب.
من بين 191 ألفاً و884 صندوقاً انتخابياً في عموم تركيا وخارجها، تضم المدينة منها 30 ألفاً و802 صندوق انتخابي في مدارسها.
بحسب بيانات الهيئة العليا للانتخابات، فإن أقل منطقة في مدينة إسطنبول من حيث عدد الناخبين لانتخابات تركيا 2023 هي "جزر الأميرات" في بحر إيجه جنوبي المدينة، بنحو 13 ألفاً و504 ناخبين، فيما تصدّرت منطقة "اسنيورت" مقاطعات المدينة بنحو 643 ألفاً و14 ناخباً.
إسطنبول في انتخابات 2018
حصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على 50% من أصوات ناخبي مدينة إسطنبول، في الانتخابات الرئاسية السابقة، التي عقدت في 24 يونيو/حزيران 2018، مقابل 36.9% لمنافسه مرشح حزب الشعب الجمهوري حينها محرم إنجه، فيما حصلت ميرال أكشنر، زعيمة حزب الجيد على 4.8%، بينما حصل مرشح حزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرطاش على 7.2% من أصوات ناخبي مدينة إسطنبول.
على مستوى الانتخابات البرلمانية حصل حزب العدالة والتنمية على 42.7% من أصوات الناخبين في مدينة إسطنبول، بينما حصل حزب الشعب الجمهوري على 26.4%، وحصد حزب الشعوب الديمقراطي الكردي 12.7%، بينما نال حزب الحركة القومية 8.3%، وحزب الجيد 8% من أصوات الناخبين.
هل تعود إسطنبول للحزب الحاكم؟
من جانبه، يرى رئيس شركة "أوبتيمار" للدراسات البحثية والاستقصائية في تركيا، حلمي داشديمير، أن التجمع الانتخابي الذي عقده حزب العدالة والتنمية الحاكم في مطار أتاتورك بإسطنبول لانتخابات تركيا 2023، يدل على أن جزءاً من ناخبي الحزب في المدينة الذين تخلوا عنه في الانتخابات السابقة، خاصة انتخابات البلديات عام 2019، قد عادوا إلى قواعدهم مرة أخرى.
يضيف داشديمير في حديثه إلى "عربي بوست" أن الحشود الكبيرة التي ظهرت في تجمعات الرئيس التركي في مدينة "قيصري"، وتلك التي تجمعت في معقل حزب الشعب الجمهوري بمدينة إزمير، كانت ذات مغزى انتخابي كبير.
يتابع رئيس مركز "أوبتيمار" أن تجمع مدينة إسطنبول جاء ليثبت أن الحزب الحاكم ومعه الرئيس أردوغان يديران حملة انتخابية فاعلة حتى اللحظة، بشكل يقرّب المدينة أكثر وأكثر من العودة إلى دعم ومساندة الحزب الحاكم من جديد.
يقول داشديمير إن البيانات التي جمعتها شركته خلال الفترة الماضية لا تُظهر أن الرئيس التركي قد يحسم الانتخابات من الجولة الأولى، ولكن مع تقدم الحملة الانتخابية واقتراب يوم الاقتراع، تتقدم حظوظ أردوغان في حسمها من الجولة الأولى.
يضيف داشديمير أن استطلاع الرأي الذي عقدته شركته، نهايات شهر أبريل/نيسان الماضي، حصل فيه أردوغان على نحو 53.1 من أصوات المشاركين في الاستطلاع مقابل 42% لمنافسه كمال كليجدار أوغلو.
يرى رئيس شركة "أوبتيمار" للأبحاث الاستقصائية أن "ارتباط تحالف الأمة المعارض مع التنظيمات الإرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني، وكذلك علاقات بعض قياداته مع تنظيم فتح الله غولن، أسهم بصورة كبيرة في توجه الناخبين القوميين والكثير من فئات الشعب نحو التصويت لأردوغان وتحالف الشعب بقيادة العدالة والتنمية".
رغم ذلك، يؤكد داشديمير في تصريحاته أن الصراع لم يُحسم بعد، وأن العمل حتى الساعات الأخيرة من عمر الحملة الانتخابية لكسب المزيد من أصوات الناخبين، سيكون هو كلمة السر في جذب الناخبين ناحية تحالف أو حزب بعينه.
40 يوماً حاسماً لانتخابات تركيا 2023
يرى الرئيس العام لمركز "سيتا" للدراسات "برهان دوران" أن الاهتمام الهائل من الناخبين بالمشاركة في التجمع الانتخابي للرئيس التركي في انتخابات تركيا 2023 له العديد من الدلالات، أبرزها هي حرص أهل المدينة على العودة إلى سياق الحزب الحاكم بعد 4 سنوات من حكم حزب الشعب الجمهوري لمدينة منذ انتخابات البلديات عام 2019.
إلى ذلك يضيف "دوران" أن هذا الرقم الهائل الذي حضر تجمع الرئيس التركي في إسطنبول يدلل كذلك على استجابة هائلة من الشعب للمشروعات التي دشنها أو افتتحها الرئيس التركي في عموم تركيا، خلال الـ40 يوماً الأخيرة، منذ بدأت الحملات الانتخابية.
بحسب رئيس مركز "سيتا" للدراسات، كان هناك الكثير من الرضا الذي ظهر في خطاب الرئيس أردوغان، خاصةً بعدما بدا حبه لإسطنبول واضحاً بكل الطرق، وظهر ذلك بوضوح حين ذكر أن من استطاع الوصول إلى المنطقة بلغ مليوناً و700 ألف مشارك.
العدالة والتنمية.. حركة دؤوبة
بحسب بيان رئاسة مدينة إسطنبول لحزب العدالة والتنمية، تتحدث فرق الحزب يومياً مع ما يقرب من 500 ألف ناخب، في مقاطعات المدينة الـ39، عبر زيارة المنازل والأسواق، إلى جانب التجار، وذلك ضمن الحملة الانتخابية للحزب في أنحاء المدينة.
قال بيان الحزب في إسطنبول، إن مرشحي الحزب للبرلمان البالغ عددهم 98 مرشحاً برلمانياً تحدثوا واستمعوا في مقاطعات المدينة لمشاكل المدينة واحدة تلو الأخرى، كما شرحوا رؤيتهم لـ"قرن تركيا" الذي أعلن عنه الرئيس التركي.
الهيئة العليا للانتخابات في إسطنبول
يتوجه الناخبون الأتراك للتصويت في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في 14 مايو/أيار 2023، لاختيار الرئيس الـ13 في تاريخ تركيا، وأعضاء الدورة 28 من البرلمان التركي البالغ عددهم نحو 600 نائب.
بحسب بيانات الهيئة العليا للانتخابات، سيكون مقر الهيئة العليا للانتخابات في إسطنبول بانتخابات تركيا 2023 في مبنى قصر العدل بمنطقة تشاغلايان بالمدينة، على أن يرأسها رئيس المحكمة الابتدائية الـ15 رمضان سيتشكين، الذي تم اختياره عن طريق القرعة العام الماضي.
إلى جانب رئيس المحكمة الابتدائية الخامسة عشر، تتشكل الهيئة الانتخابية لمدينة إسطنبول من رئيس المحكمة التجارية الأولى في إسطنبول، أوزلام أكتاش، والقاضي السابع لمحكمة العمل في إسطنبول، حمزة إمري، وذلك بعدما تم اختيارهم عن طريق القرعة كذلك.
بينما تم اختيار رئيس المجالس الانتخابية الثمانين في إسطنبول، والأشخاص الذين سيرأسون صناديق الاقتراع وموظفي الخدمة المدنية بالقرعة، سيشارك أيضاً الأشخاص الذين تحددهم الأحزاب الخمسة الأولى التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات في الانتخابات الأخيرة كأعضاء صناديق الاقتراع.
في حالة وجود شكاوى حول مخالفات أو انتهاكات في أماكن التصويت، يمكن للهيئة العليا للانتخابات في إسطنبول التوجه إلى مكان اللجنة، والتأكد من سير العملية والتعامل مع الانتهاكات المبلغ عنها.