مرت 75 عاماً على قيام دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد حظيت باعتراف معظم دول العالم، وتحولت إلى قوة عسكرية واقتصادية كبيرة، لكنها في الوقت ذاته أحيت هذه الذكرى وهي تعاني من جملة تحديات داخلية وتهديدات خارجية، وضعت علامات استفهام عديدة حول ما ينتظرها في عامها القادم، ومدى إمكانية أن تتم عامها المئة، وفقاً لما طرحه العديد من المحافل السياسية والأمنية والاستراتيجية الإسرائيلية.
يمكن تقسيم جملة التحديات الإسرائيلية التي تواجهها في ذكرى التأسيس بالذات، ودوناً عن مناسبات تأسيس سابقة، إلى قسمين: داخلية وخارجية، لا تقلّ إحداهما خطورة عن الأخرى، وكل منهما تضرب في عصب الدولة، وتساهم في إعاقة تقدمها، وإمكانية أن تبقى في الخط التصاعدي ذاته الذي رسمته لنفسها، وفقاً لما قسّمه الجنرال عاموس يادلين الرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية- أمان.
سيناريو الحرب الأهلية
على صعيد التحديات الداخلية، تواجه إسرائيل في ذكرى تأسيسها التحدي الأساسي والأكثر خطورة، ويتمثل أولها بما يواجهه مجتمعها من استقطاب متعمق بين اليمين واليسار، والمحافظ والليبرالي، والعلماني والمتدين، والأغنياء والفقراء.
تواجه كذلك إسرائيل توسعاً للانقسامات، وتفكيكاً للبنية التحتية الاجتماعية؛ ما وضع الكثير من الشكوك حول مستقبل هذه الدولة، لا سيما بالتزامن مع انسداد الأفق السياسي في الصراع مع الفلسطينيين، كما جاء في تقرير موسع لمجلة "Foreign Affairs".
المجتمع الإسرائيلي واجه العديد من مخاطر الانقسام والاستقطاب في سنوات سابقة، لكن "تثار هذه المرة تحذيرات من صراع مرير خطير عميق تهدده من شأنه أن يمزقه، لأن كل طرف مقتنع في أعماق قلبه بأن خصمه على خطأ، ويؤدي لدمار الدولة، وإذا فاز أحدهما بهذه المعركة، فسيشعر الآخر بالإهانة، ولن يتمكن من قبول شروط الخسارة اللاذعة".
التخوف الإسرائيلي هذه المرة أن الأزمة العميقة قد تدخل الإسرائيليين في حرب أهلية دامية، مع توفر قناعات إسرائيلية عميقة بأن وضعها الرهيب الحالي سيستمر، ولن يجلب فائدة؛ خاصة مع عدم وجود مخرج من الأزمة التي تهدد الإضرار بقدرتهم على الاستمرار بحماية الدولة، وهو ما أكده معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى.
يعقوب عميدرور، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، أكد أن "التصدّع في المجتمع الإسرائيلي دموي ومؤلم ليس فقط بالنسبة لإسرائيل، بل لجميع يهود الشتات؛ لأنه عندما يقاتل الإسرائيليون بعضهم، فإنهم يكسرون النسيج الرقيق الذي يوحّد اليهود في جميع أنحاء العالم؛ بسبب ما تواجهه اسرائيل هذه الأيام بواحدة من أكبر الأزمات الاجتماعية في تاريخها، وربما تكون الانقسامات والخلافات هي التهديد الأكبر لها اليوم".
كما تزامن إحياء الاسرائيليين لذكرى تأسيس الدولة الخامسة والسبعين مع انتشار وشيوع لافت لمفردات غير معهودة في نقاشاتهم وسجالاتهم السياسية، مثل: الحرب الأهلية، الفوضى، انهيار الدولة، بالتزامن مع استمرار أزمتهم المستفحلة، وعدم وجود بصيص أمل لحلّها، بل إن المعطيات السائدة تحفّز على مزيد من انحدار النقاشات السياسية، ما يكشف عن حجم المزايدات بين الأحزاب المتنافسة، ويؤثر على نظرتهم السلبية للدولة.
تدهور الاقتصاد
التحدي الداخلي الثاني الذي واجهته إسرائيل في ذكرى تأسيسها يتمثل بتراجع اقتصادها، وصولاً لأن يتدهور إلى اقتصاد العالم الثالث، بسبب عدم استقرارها الداخلي، وتراجع الناتج المحلي الإجمالي وعائدات الدولة، وبلغت ذروة ذلك في إعلان وكالة التصنيف الائتماني الأمريكية "موديز" عن تخفيض أفق الاقتصاد الإسرائيلي من "إيجابي" إلى "مستقر"، بسبب ما نجم عن أزمة ملف القضاء.
من المفارقات اللافتة أن يأتي هذا الإعلان بالتزامن مع احتفالات إسرائيل بذكرى تأسيسها، ما شكّل فرصة للكشف عن تراجع أسهمها الاقتصادية، لأنه يحمل ضمنياً عدم ثقة كبار الاقتصاديين حول العالم بها، ويعني مع مرور الوقت التسبب بأزمة سياسية اجتماعية مستمرة، قد تؤدي للمساس باقتصادها، ومثل هذا المساس قد يحدث بسبب الانخفاض الحاد في الاستثمارات الأجنبية في فرع التكنولوجيا المتطورة.
سيفر بلوتسكر، المعلق الاقتصادي أكد أن تصنيف "موديز" على أهميته، فإن المشكلة أعمق من ذلك بكثير، وتتعلق بتصاعد القلق الإسرائيلي من التضخم، وانعدام الثقة في قدرة الحكومة على اتباع سياسة اقتصادية صحيحة؛ ما يكشف عن أسباب وجيهة للقلق بشأن التطورات في الاقتصاد الإسرائيلي، خاصة من التضخم الذي قفز في الشهرين الماضيين إلى متوسط معدل شهري مرتفع، وليس بسبب تخفيض قيمة الشيكل.
أكثر من ذلك، فبالتزامن مع القلق الإسرائيلي من تصنيف "موديز" الاقتصادي، وتزامنه مع ذكرى التأسيس، فإن الأشهر الثلاثة الأولى من عمر حكومة نتنياهو، شهدت تراجعاً في سعر السوق للبنوك الخمسة الكبرى بـ17 مليار شيكل، وأعلنت عن عجز مالي قدره 300 مليون شيكل للأشهر الـ12 المنتهية في مارس/آذار 2023، كما تراجعت الإيرادات الحكومية الإسرائيلية إلى 120 مليار شيكل منذ بداية 2023.
انهيار الجيش الإسرائيلي
التحدي الداخلي الثالث يتمثل بتراجع قيمة الجيش لدى الإسرائيليين، وتجلى ذلك بما شهدته احتفالاتهم بذكرى تأسيس دولتهم الخامسة والسبعين؛ حيث شهدت المقابر العسكرية التي تضم رفات آلاف الجنود القتلى خلافات غير مسبوقة بين أهاليهم وعدد من الوزراء، وصلت حدّ المطالبة بطردهم من حضور مراسم التأبين العسكرية، فيما أعلن الجيش انتحار 3 من جنوده في شهر واحد فقط، ما حدا بقائده هآرتسي هاليفي لتسليط الضوء على ما وصفها "الظاهرة الصعبة" التي يواجهها الجيش، وإيعازه بإعداد خطة للحدّ منها.
كما تزداد أعداد الإسرائيليين الرافضين علانية للخدمة العسكرية مع مرور الوقت، ولأسباب سياسية، ورغم أن العدد ما زال منخفضاً، فإن الظاهرة ليست حديثة العهد، وتعود لأربعة عقود سابقة، لكن زيادتها في الآونة الأخيرة يؤكد أن الأزمة الإسرائيلية الداخلية قد وصلت آثارها الى ما يصفه الإسرائيليون "البقرة المقدسة"، وهو الجيش؛ ما يهدد بانفراط عقد الإجماع السياسي حوله.
اللافت أن هذه الأزمة في صفوف الجيش تتزامن مع ترديد عبارة "لكل دولة في العالم جيش يحميها، إلا إسرائيل، فهي جيش، وله دولة"، ما أعلى مكانته بين سواه من مؤسسات الدولة: الأمنية والسياسية، بزعم أن الدولة تواجه تهديداً وجوديّاً، وليس سوى الجيش قادر على التصدي له، وجعله بمنأى عن حالة الاستقطاب السياسي والخلافات الداخلية طوال عقودٍ مضت.
لكن ما تشهده اسرائيل تزامناً مع إحياء ذكرى الاستقلال كسر هذه القاعدة، وأصبح الجيش عرضة للهجمات المتبادلة بين اليمين واليسار، بجانب ما يواجهه من تهديدات خارجية منتشرة على خمس جبهات، ما يجعل الجيش أمام انفجار لوضعه الداخلي، وصولاً لتفكّكه، وربما انهياره في نظرة بعيدة المدى، ولعلها من المناسبات السياسية اللافتة أن يتعرض الجيش لزيادة التهرب من الخدمة العسكرية، وتآكل الدافع للتجنيد، وانهيار نموذج الجيش الشعبي، وتدهور مستواه البشري، وتآكل ميزته البشرية، والإضرار بقدراته على مكافحة المقاومة.
هجرة الأدمغة
التحدي الداخلي الرابع يتجلى في التخوف الإسرائيلي من فقدان دولتهم للميزة النوعية التي احتفظت بها منذ إعلانها قبل أكثر من 7 عقود، بسبب معاناة قطاعي التكنولوجيا الفائقة والأكاديمية مع تزامن ظاهرة "هجرة الأدمغة"، التي تعني أن إسرائيل تواجه كارثة حقيقية مع تزايد ظاهرة هجرتهم للخارج، حيث يبحثون عن مستقبل أفضل لهم بعيداً عنها، ويتركز هؤلاء في "الباحثين والعلماء والأطباء".
البروفيسور دان بن ديفيد، المحاضر في جامعة تل أبيب، كشف أن كل أكاديمي يهودي يعود لإسرائيل يقابله 4 على الأقل يهاجرون منها، حتى إن الولايات المتحدة وحدها يعمل فيها 3500 طبيب إسرائيلي، أي أن إسرائيل تبتعد مع مرور الوقت عن الدول المتطورة، كما أن الإسرائيليين المثقفين وأصحاب الكفاءات النوعية، ممن يحققون نجاحات جدية للاقتصاد الإسرائيلي يواصلون هجرتهم منها في ظل السياسة الحكومية التي تبعد الكفاءات عن الدولة، بدل تثبيتهم فيها.
تتركز معدلات الهجرة من إسرائيل بثلاث فئات يهودية: "الباحثين والأكاديميين، الأطباء، والعاملين في مجال الهايتك، ويصل عددهم إلى 130 ألفاً من الإسرائيليين، ما نسبته 1.4%، وهذه الأرقام تشكل مؤشرات حرجة على مستقبل إسرائيل".
التحذير الإسرائيلي يصل إلى حدّ حصول تبعات كارثية على الدولة من هذه الظاهرة التي تتركز على العلماء الإسرائيليين المهاجرين للولايات المتحدة في مجالات الكيمياء، الفيزياء، الفلسفة، الحاسوب، الاقتصاد، إدارة الأعمال.
كشفت دائرة الإحصاء المركزية أن عدد المهاجرين من الدولة بلغ 15 ألفاً، أي 1.8 لكل ألف إسرائيلي، و26% من المهاجرين هم إسرائيليون وصلوا لإسرائيل في 2006 وما بعدها، خاصة أنهم يتركزون في خبراء الهايتك الموصوفين بأنهم "سائقو القاطرة الإسرائيلية عالية التقنية".
التراجع الأمريكي
بالانتقال للتهديدات الخارجية التي تواجه إسرائيل في ذكرى تأسيسها، يبدأ الحديث عن التهديد الأول المتمثل بتفكك علاقتها مع واشنطن، وتحوّلها من ذخيرة إلى عبء.
يضاف إلى ذلك تراجع الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، والعزلة السياسية، وتعرضها لعقوبات دولية، وتعريض كبار ضباطها لمذكرات توقيف في محكمة العدل الدولية.
في الوقت ذاته، تتضح ملامح أزمة خطيرة في العلاقات الإسرائيلية مع الولايات المتحدة، قد تؤدي لعقوبات ضد تل أبيب؛ لأن القناعات الإسرائيلية المتّسعة رويداً رويداً تؤكد أن حكومة نتنياهو تتسبب بإلحاق ضرر لا رجعة فيه بالعلاقات مع واشنطن، وفقا لما كشفته مجلة "Economist".
حتى إن آخر استطلاع للرأي العام الأمريكي أشار إلى تآكل دعم الرأي العام الأمريكي لإسرائيل، خاصة بين الليبراليين والديمقراطيين والأقليات والشباب، وصولاً لدعوة المشرّعين الأمريكيين لاشتراط المساعدة العسكرية لإسرائيل بوقف الانقلاب القانوني، وسياسة اليمين المتطرف تجاه الفلسطينيين.
في الوقت ذاته، فإن قلة الزيارات والمحادثات مع واشنطن على مستوى رئيس الوزراء والوزراء تتسبب بالفعل بإلحاق ضرر جسيم بمكانة اسرائيل مع أهم حليف لها؛ حيث تظهر بوادر منها على اتساع الشقوق بينهما، لاسيما أن الرأي العام الداعم كان ولا يزال عنصراً مهماً في العلاقة الخاصة بين واشنطن وتل أبيب، بحسب تقرير لموقع "ynet".
تقدّم الصين
التهديد الخارجي الثاني يتجلّى في نجاح الصين بتجديد العلاقات بين السعودية وإيران، ما دفع الأوساط السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية لمراقبة توجهاتها الجديدة، وما كشفته عن زيادة تدخلها في الشرق الأوسط، وقد سُئل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عنها، فأجاب: "نحترم الصين، لكن لدينا تحالف مع الولايات المتحدة".
فيما أشار معلق الشؤون العسكرية والأمنية رون بن يشاي إلى أن "واشنطن تعتبر بكين منافساً وعدواً رئيسياً لها في جميع المجالات الاقتصادية والعسكرية، لذلك من المقلق لإسرائيل أن تعزز قبضتها على الشرق الأوسط على حساب الولايات المتحدة، باعتبارها القوة الراعية لإسرائيل في المنطقة".
أما تومي شتاينر، خبير العلاقات الصينية الإسرائيلية في مجموعة "SIGNAL"، فأوضح أن كلام نتنياهو يعني أن إسرائيل بدأت تفهم أن التدخل الصيني في القضايا السياسية والاستراتيجية في الشرق الأوسط قد يضرّ بها، لأن المبادئ التي استرشدت بها الصين ضمن "مبادرة الأمن العالمي" أساساً للمصالحة السعودية الإيرانية تعتبر إشكالية للغاية من وجهة نظر إسرائيل، لأنها تسعى للحفاظ على أمن جميع دول المنطقة، وعدم وضع "الأمن المطلق" لدولة واحدة فوق الدول الأخرى، في إشارة إلى إسرائيل، بحسب تقرير لـ"إسرائيل اليوم".
تكمن مصلحة إسرائيل بمنع توسع النفوذ السياسي الصيني في الشرق الأوسط، بل يشير لخيبة أمل مشتركة لإسرائيل وشركائها بالمنطقة من تراجع الاهتمام الأمريكي بالشرق الأوسط، لأن التنافس مع الصين وروسيا يؤثر على الاهتمام السياسي والاستراتيجي الرئيسي لواشنطن، رغم أن الشرق الأوسط فقد أهميته بالنسبة لها، وسواء كان التقدير بشأن المصلحة الأمريكية في المنطقة صحيحاً أم لا، فهذا هو العامل الذي دفع الصين لزيادة مشاركتها في الشرق الأوسط.
يأتي التذمر الإسرائيلي من زيادة التحركات الصينية في المنطقة على حساب الولايات المتحدة، انطلاقاً من فهمها بأنها ليست قوة إقليمية فحسب، بل قوة وسيطة في الساحة العالمية، وتحتاج للاستفادة من قدراتها في مجالات الابتكار والتكنولوجيا والأمن، وإنشاء شراكات جديدة لنفسها، والانخراط بتحالفات سياسية لتوسيع سلطتها السياسية، ما يدفع إسرائيل لوضع خطوط حمراء واضحة أمام الصين لمنع تغلغلها المتزايد في الشرق الأوسط.
العقوبات الدولية
التهديد الخارجي الثالث بدا لافتاً في أن إسرائيل لم تدع هذا العام خلال احتفالاتها بذكرى تأسيسها الخامسة والسبعين ضيوفاً دوليين، كما جرت العادة، وهو أمر ليس عفوياً، لأنه في الوقت الذي تجددت فيه الاحتجاجات الإسرائيلية الداخلية حول خطط حكومة نتنياهو القضائية القانونية، فإن هناك تخوفاً متزايداً من تردي علاقاتها الدولية مع باقي بلدان العالم، والنظرة الإسرائيلية قلقة لما قد يحدث في السنوات القادمة من عقوبات على اقتصادها المحلي الذي أصابه الضعف، وتضرر مستوى معيشته، لكن المثال المناسب لإسرائيل الأسوأ بكثير هو مصير جنوب إفريقيا في ظل العقوبات الدولية زمن نظام الفصل العنصري.
وسبق أن اتهم المجتمع الدولي إسرائيل بانتهاك القانون الدولي، بل إن الولايات المتحدة وبّختها مؤخراً فيما يتعلق بإلغاء قانون فك الارتباط الذي يسمح بالعودة لمستوطنات الضفة الغربية، رغم أن فرض عقوبات ملزمة ومتعددة الأطراف غير مرجّح عليها على المدى القريب، ولا يزال بإمكان عدد من الدول الفردية والكيانات الأخرى اتخاذ إجراءات ضد الاحتلال بشكل مستقل، ما ستكون له عواقب مدمرة على الاقتصاد الإسرائيلي.
مع العلم أن العقوبات الاقتصادية الدولية، في حال فرضها، ستضرّ بشكل كبير بالاقتصاد الإسرائيلي، بل إن الضرر الذي يلحق به سيكون أشد بكثير من الضرر الناجم عن العقوبات المفروضة سابقاً على جنوب إفريقيا زمن الفصل العنصري، لأن الاقتصاد الإسرائيلي صغير ومنفتح، ويقوم على علاقات وثيقة مع دول العالم في التجارة والتمويل واستيراد وتصدير السلع والخدمات، ويعتمد نجاحها الاقتصادي على الصادرات المعرضة بشدة للعقوبات، وتحديداً ما يتعلق بأصولها الاقتصادية من استثمارات التكنولوجيا والمهارات وريادة الأعمال.
إلى جانب ذلك، قد يتم تعليق عضويتها بالمنظمات الدولية؛ مثل منظمة العمل الدولية (ILO) ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، مع وجود مبادرات لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية، استكمالاً لما قام به موظفو جوجل وأمازون منع توفير الخدمات الأساسية لإسرائيل، وتصويت جمعية اللغة الحديثة وجمعية الدراسات الأمريكية لصالح مقاطعتها.
يهود العالم
بدا واضحاً هذا العام، وفي غمرة احتفال إسرائيل بذكرى تأسيسها الخامسة والسبعين، غياب الحضور الدوري لقادة يهود العالم عن هذه المراسيم، وهو التهديد الخارجي الرابع في إشارة واضحة لتراجع علاقة الدولة بهم.
تشهد إسرائيل استقطابات حادة متصاعدة بين اليهود أنفسهم، بين الشرقيين والغربيين، العلمانيين والمتدينين، وانقساماً جديداً يشهده اليهود، بين المقيمين في فلسطين المحتلة، و"يهود الشتات" المنتشرين في دول العالم، في ظل اتساع الفجوة بينهما، واتهام إسرائيل بإهمالهم، ما دفعهم لفقدان التعاطف معها، وتأييد مواقفها، وتمسكهم بهويتهم المحلية، في الولايات المتحدة وأوروبا على حساب إسرائيل ذاتها.
شهد هذا العام زيادة القناعات التي يتفق عليها الإسرائيليون والأمريكيون، ومفادها أن هناك مسافة كبيرة بين إسرائيل ويهود الشتات، وهذه الفجوة المتزايدة في بعض أسبابها أن علاقتهما مقتصرة على الشعارات الأيديولوجية والرمزية، في ضوء تفاقم الخلافات التي اندلعت بينهما، كما أن اليهود الأصغر سناً حول العالم لا يعرفون إلا قليلاً من الأحداث البارزة في التاريخ اليهودي غير الهولوكوست أو إقامة اسرائيل، ما كشف عن مسافة كبيرة بينها وبين ويهود الشتات.