تسبب انهيار الوضع الأمني بالسودان في دفع مجموعات من المدنيين إلى حماية أنفسهم؛ في ظل غياب الشرطة، وإطلاق سراح أو هروب جميع السجناء بالعاصمة الخرطوم من بينهم مدانون في جرائم قتل.
وزادت وتيرة عمليات السطو المسلح في ظل انهيار القانون والنظام بالعاصمة، وسط القتال الدائر بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتوافر الأسلحة المدفوع جزئياً بما يُجمع من أسلحة من الجنود القتلى.
تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية رصد تدابير بدأ المدنيون في السودان باتخاذها، وقال إن سبعة شباب سودانيين يجتمعون كل ليلة، حاملين الأسلحة في جيوبهم، حول صينية شاي عند مدخل أحد منازلهم، كي يحرسوا الحي الذي يسكنونه شرق العاصمة السودانية الخرطوم.
مدنيون يتوجهون للسلاح
يتجول رجال حي الطائف في المنطقة ضمن مجموعات تتكون من شخصين وأحياناً من ثلاثة أشخاص، من المغرب حتى الصباح.
بدوره، قال يوسف السماني (37 عاماً): "بدأنا في القيام بذلك هذه الأيام بعد بداية الحرب، عندما أوشك أحد جيراني أن يتعرض لسطو مسلح عن طريق رجلين مسلحين حطما نافذته، لكن كان لديه بندقية كبيرة، فأبعدهم بها".
إنها قصة تتردد في أنحاء الخرطوم وشقيقتها أم درمان، حيث تعرضت أسواق كاملة، ومصانع، وبنوك للسلب والنهب، وبعدها بيعت الثلاجات والتلفزيونات والأغذية والسجائر في ضواحي العاصمة.
من جانبه، أسس محمد آدم، الطالب السابق البالغ من العمر 21 عاماً والذي يعمل في متجر أبيه بالسوق الشعبي، مبادرة مع أصدقائه لحراسة الحي الذي يقطنونه. وقال: "بسبب نشاطنا، نجحنا في النهار والليل في تقليل حالات السرقة هنا".
يبلغ عمر، أكبر شاب بين هذه المجموعة المكونة من 16 شخصاً، 25 عاماً، بينما يبلغ عمر الأصغر بينهم 17 عاماً. وبعض هؤلاء يتجول في دوريات حول المنطقة خلال اليوم، بينما يتجول آخرون منهم في الليل، ويبدلون المناوبات فيما بينهم.
"قوات الاحتياطي المركزي السودانية"
أما الحكومة فتقول إن قوات الشرطة الخاصة، المعروفة بـ"قوات الاحتياطي المركزي السودانية"، سوف تنشط على الأرض لحماية المدنيين وممتلكاتهم، لكن قوات الدعم السريع أصدرت بياناً تحذرهم فيه من المشاركة في القتال.
لكن قوات الاحتياطي المركزي اتُّهمت بانتهاكات حقوقية، ووضعتها الولايات المتحدة على لائحة العقوبات في العام الماضي، بسبب دورهم في قتل مئات المحتجين السلميين، خاصة في الخرطوم.
على جانب آخر، تبرز مشكلة الأسلحة، حيث تُتاح أسواق السلاح في السودان، إضافة إلى التقارير التي تقول إن عديداً من الأشخاص يحصلون على الأسلحة النارية من الجنود القتلى الذين تُترك أجسادهم مُلقاة في العراء لأيام.
وقالت إحدى سكان أم درمان، تدعى حنان خميس: "الرجال لا يسرقون المقتنيات الثمينة فحسب، بل أيضاً يحصلون على السلاح من جثث الجنود القتلى في الشوارع".
في أكبر أسواق أم درمان، التي تبعد بضعة أميال عن مبنى الإذاعة والتلفزيون الوطني، حيث وقع القتال بين قوات الدعم السريع والجيش، صارت أصوات الطلقات التي يطلقها مُلاك المحال لإبعاد اللصوص، شيئاً اعتيادياً.
فيما يقول بائع خضراوات في السوق: "عدد اللصوص أكبر من عدد الزبائن الذين يأتون للشراء".
"أحدكم عليه أن يحمل بندقية"
أشرف الحاج (43 عاماً)، يعيش في موقع لا يبعد كثيراً عن موقع تمركز قوات الدعم السريع في مفرق ود البشير، حيث أسسوا أيضاً لجنتهم الخاصة لحماية المنطقة.
قال الحاج: "صار التجول مستحيلاً في بعض مناطق أم درمان. تحتاج أن تكون مع مجموعة من الناس، وأحدكم عليه أن يحمل بندقية. اللصوص الآن مسلحون. لا تستطيع حتى الذهاب إلى محطة الوقود لتزويد سيارتك، تحتاج أن تكون في صحبة رجال آخرين كي يحموك، ومن أجل هذا أسسنا هذه المجموعة لحماية منازلنا".
تبدو مجموعة الحاج أكبر؛ ففي كل شارع يوجد خمسة رجال، وأحدهم على الأقل يحمل سلاحاً. قال الحاج: "نظمنا أنفسنا عن طريق وضع رجل مسلح مع كل مجموعة. جميعهم يظل مستيقظاً ويتجولون حتى الصباح. انقلبت حياتنا رأساً على عقب".