في الوقت الذي تسعى فيه الدول العربية لانتزاع تنازلات من النظام السوري لإعادته إلى الجامعة العربية وتطبيع علاقتها معه، قال مسؤولون إن بشار الأسد لم يبد أي اهتمام بالتوصل إلى تسوية، وفق ما ذكرته صحيفة Financial Times البريطانية الإثنين 1 مايو/أيار 2023.
الصحيفة أشارت إلى أن الزيارات التي قام بها "كبار الشخصيات" العربية إلى سوريا، تشير إلى أن عزلة بشار الأسد التي استمرت 12 عاماً في المنطقة ربما تقترب من نهايتها، دون تعويض يُذكر عن الانتهاكات التي ارتكبها جنوده في حربهم مع قوات المعارضة والحرب الأهلية التي تلتها.
هل يقدم بشار الأسد تنازلات؟
في المنطقة العربية، يقول مسؤولون ومحللون إن المناقشات تدور بين إن كانت عودة بشار الأسد مقبولة من الأساس، والتنازلات التي ستُطلب من النظام السوري.
هذه الجهود العربية لإنهاء عزلة الأسد تقودها الإمارات والسعودية، التي التقى وزير خارجيتها الأسد في دمشق في أبريل/نيسان، في أول زيارة علنية لمسؤول سعودي منذ عام 2011. وجاءت هذه الزيارة بعد زيارة نظيره إلى الرياض لمناقشة "عودة سوريا لمحيطها العربي".
في الوقت نفسه، يشعر الأسد بالثقة. ففي اجتماع لوزراء الخارجية انعقد مؤخراً لمناقشة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، قال مسؤولون إنه لم يبد أي اهتمام بالتوصل إلى تسوية. وقال مسؤول: "السوريون يريدون استسلاماً كاملاً؛ بل ويمزح البعض بالقول إنهم قد يطلبون اعتذاراً".
اختبار جدية النظام السوري
على أن بعض الدول العربية لا تزال مترددة، وكانت قطر والكويت من بين الدول التي امتنعت عن المشاركة في الجهود التي تقودها السعودية لدعوة الأسد لحضور قمة جامعة الدول العربية هذا الشهر.
لكن كبار المسؤولين من عدة دول عربية، مثل السعودية والأردن والعراق ومصر، بدأوا العمل على بعض القضايا التي يرغبون في مناقشتها مع سوريا. وقال أحد الدبلوماسيين إن هذه المفاوضات ستختبر مدى "جدية" الأسد في العودة إلى الحظيرة الدبلوماسية العربية.
حسب الصحيفة البريطانية، فإنه في الواقع، حتى الرياض، التي قادت المبادرات الدبلوماسية الأخيرة مع دمشق، لم تتعهد بعد بالتطبيع الكامل مع الأسد دون خطوات يتخذها الجانب السوري.
حيث قال دبلوماسي عربي إن عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية "يجب أن تكون نتيجة بذل مجهود". وقال الدبلوماسي إنه بعد اجتماع وزراء الخارجية في الرياض، اجتمعت لجنة من مسؤولين رفيعي المستوى من السعودية والأردن ومصر والعراق لمناقشة الخطوات التالية.
كما قال الدبلوماسي العربي: "توصلنا إلى إجماع حول القضايا التي يجب التركيز عليها، مثل المخدرات والقضايا الإنسانية واللاجئين. هذه قضايا نريد من النظام أن يحلها".
الأولوية لوقف تصدير المخدرات
اكتسبت هذه المبادرة زخماً الإثنين الأول من مايو/أيار، حين التقى وزراء خارجية تلك الدول في عمان لمناقشة تلك القضايا، وهذه المرة مع وزير الخارجية السوري فيصل مقداد. وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأردنية إن الاجتماع يهدف إلى مناقشة مبادرة بلاده "للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية".
بعد محادثات يوم الإثنين، قالت وزارة الخارجية الأردنية إن دمشق وافقت على العمل على خطوات "لإنهاء تهريب المخدرات" على الحدود مع الأردن والعراق، ومعالجة قضايا اللاجئين والمفقودين والنازحين داخلياً.
لكن قد يكون صعباً إحراز تقدم كبير؛ إذ يقول خبراء إن الزعماء العرب لن يضغطوا على الأسد في انتهاكات القتال لتجنب لفت الانتباه إلى ملفاتهم الحقوقية. وملايين اللاجئين في الخارج، الذين يخشون أن يجبرهم التقارب مع بشار الأسد على العودة إلى سوريا، مشكلة مستعصية أيضاً. فكثيرون منهم لا يزالون خائفين من العودة.
لذا تحول التركيز إلى الكبتاغون، عقار الأمفيتامين الإدماني الذي أصبحت التجارة فيه شريان الحياة الاقتصادية لدمشق. وقد تضررت السعودية والإمارات والأردن من تهريبه عبر حدودها.
في الوقت نفسه، لا يبدو واضحاً ما سيعنيه التطبيع مع بشار الأسد للمناطق الخارجة عن سيطرة النظام في سوريا، وتحديداً في الشمال الغربي، الذي يخضع إما لسيطرة المعارضة أو تركيا، والشمال الشرقي الذي تسيطر عليه القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة.