قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته السبت 29 أبريل/نيسان 2023 إن وزارة الداخلية البريطانية تخطط لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تقليل تراكم طلبات اللجوء، ولهذا ستطلق "هاكاثون"، وهو عبارة عن حدث يجتمع فيه مبرمجو الكمبيوتر وغيرهم لتطوير البرمجيات، مدته ثلاثة أيام لاستكشاف سُبلٍ أسرع لمعالجة قضايا طلب اللجوء غير المحسومة، التي يبلغ عددها 138.052 قضية.
إذ ستجمع الحكومة خبراء أكاديميين، وتقنيين، وموظفي خدمة مدنية، ورجال أعمال لتشكيل 15 فريقاً متعدد التخصصات وتكليفهم بالعصف الذهني لإيجاد حلول للتراكم. وستجري دعوة الفرق للتنافس من أجل العثور على أكثر الحلول ابتكاراً، وتقديم أفكارهم أمام لجنة من القضاة. ومن المتوقع أن تلتقي الفرق الفائزة برئيس الوزراء ريشي سوناك في داوننغ ستريت، من أجل حضور حفل توزيع الجوائز.
بريطانيا تبحث تأثير الذكاء الاصطناعي في ملفات اللجوء
يستمد الهاكاثون الإلهام من نهج وادي السيليكون في حل المشكلات، حيث سينعقد في لندن وبيتربره خلال شهر مايو/أيار. وشهدت المحادثات التمهيدية قبل الحدث نقاش إحدى الوسائل الممكنة لتسريع معالجة طلبات اللجوء، وذلك من خلال تحديد إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي في التفريغ الكتابي لقاعدة البيانات الضخمة بوزارة الداخلية -التي تضم آلاف الساعات من مقابلات اللجوء- وتحليلها لتحديد الاتجاهات البارزة.
في حين وعد المسؤولون بأن الجلسات "ستستكشف كيف يُمكن أن تساعد معالجة اللغة الطبيعية، والذكاء الاصطناعي، في تبسيط العمليات المستخدمة لإنهاء تراكم طلبات اللجوء".
في سياق متصل، أثارت أخبار الحدث حالة عدم ارتياح بين محامي الهجرة والأكاديميين، الذين شككوا في مدى توافق استخدام الذكاء الاصطناعي مع التزام وزارة الداخلية المعلن، الذي يتمثل في تذكير العاملين على قضايا اللجوء بأن كل طلب لجوء يحمل قصة إنسان وراءه. ويجب على جميع الموظفين العاملين على معالجة طلبات اللجوء حالياً إتمام تدريب "الوجه وراء القضية"، من أجل التأكيد على الرسالة التي تُفيد بأنهم يتعاملون مع أشخاص لا أرقام.
بينما أثار استخدام وزارة الداخلية للذكاء الاصطناعي الجدل في الماضي. واضطرت الوزارة للتخلي عن استخدام خوارزمية لاتخاذ قرارات التأشيرة عام 2020، بعد أن كشف نشطاء عن تحيز عنصري في برمجة الخوارزمية.
فيما رفض بعض المدعوين لحضور جلسات الهاكاثون المشاركة في الحدث، مستشهدين بعدم ارتياحهم للمشروع أو تشكيكهم في ما إذا كانوا يتمتعون بالخبرات المناسبة لتقديم المساعدة. في ما قال آخرون إنهم "اندهشوا" من الدعوة، لكنهم يخططون للحضور. ومن المفهوم أن الحاضرين قد طُلِبَ منهم توقيع اتفاقات عدم إفصاح كشرط للمشاركة.
بريطانيا تبدد المخاوف بخصوص قضايا اللجوء
من جانبها، حاولت وزارة الداخلية استباق التوترات المحيطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، حيث علّقت قائلة: "تؤكد الحكومة أن قضايا اللجوء سيجري البتّ فيها بواسطة البشر. بينما جرى تطوير الهاكاثون لتوليد أفكار مبتكرة جديدة".
يأتي البحث عن النهج الجديد بالتزامن مع كفاح وزارة الداخلية للوفاء بالالتزام الصارم الذي أدلى به سوناك، عندما وعد بتصفية تراكم طلبات اللجوء التي وصلت إلى 92 ألف قضية قديمة، وذلك قبل نهاية ديسمبر/كانون الأول 2023. لكن زيادة تراكم طالبي اللجوء الذين ينتظرون البتّ في قضاياهم يمثل مشكلة ضخمة بالنسبة للحكومة، وكذلك الأشخاص الذين ينتظرون استيضاح وضعهم.
رغم وعود سوناك، تكشف الأرقام الصادرة في الأسبوع الجاري أن الأشهر الثلاثة الماضية شهدت معالجة 10 آلاف طلب فقط، مما يشير إلى أن الحكومة لن تحقق هدفها المتمثل في إنهاء الـ80 ألف قضية المتبقية على الأرجح، إلا في حال اتخاذ نهج راديكالي جديد.
من جهة أخرى، تستخدم الحكومات أدوات رقمية لتسريع عملية اتخاذ القرار منذ عقود، بينما يقول نشطاء الهجرة إنهم سيرحبون بأي ابتكار يجعل معالجة الطلبات أسرع. لكن خبراء اللجوء شككوا في ما إذا كان استخدام الذكاء الاصطناعي هو النهج الأكثر منطقية لتصفية الطلبات المتراكمة، بينما قد يتمثل الحل الأوضح في زيادة عدد العاملين على ملفات قضايا اللجوء. وربما كانت هناك زيادة في عددهم على أساس سنوي، لكن إجمالي الموظفين تراجع من 1.333 في يناير/كانون الثاني إلى 1.281 في مارس/آذار. وأصبح انخفاض المعنويات وارتفاع معدل دوران الموظفين بمثابة مشكلةٍ دائمة.
في حين قال محامي الهجرة كولين يو إن 98% من الأفغان، والإريتريين، والسودانيين، والسوريين أصحاب الطلبات المتراكمة سيجري الاعتراف بهم كلاجئين في النهاية. ولهذا سيكون قبول طلباتهم على الفور بمثابة أسرع طريقة للتخلص من ثلث الطلبات المتراكمة.
أردف يو: "لست بحاجةٍ إلى وسيلة تحايل غير إنسانية وغير مختبرة بالذكاء الاصطناعي لمجرد بدء العمل ومنحهم وضعية اللجوء. وليس على المسؤولين سوى التحقق من أنهم يقولون الحقيقة في ما يتعلق بجنسيتهم. مما سيوفر قدراً ضخماً من الأموال العامة، ويسمح للاجئين الحقيقيين أن يمضوا قدماً في حياتهم هنا. لكن بدلاً من ذلك، يُهدر الوزراء المزيد من الوقت والموارد على أفكار سخيفة لن تصل بنا إلى أي مكان".