هزّت العاصمة الخرطوم الجمعة، 28 أبريل/نيسان 2023، ضربات بالطائرات والدبابات والمدفعية، في انتهاك لتمديد مدته 72 ساعة للهدنة، أعلنه الجيش وقوات الدعم السريع، برعاية أمريكية-سعودية، فيما تجدد العنف في إقليم دارفور.
وقُتل المئات وفرّ عشرات الآلاف للنجاة بحياتهم في اشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع بدأت في 15 أبريل/نيسان 2023، ما أدى إلى تعطيل انتقال مدعوم دولياً نحو انتخابات ديمقراطية.
في منطقة الخرطوم، هزت تفجيرات وإطلاق نار كثيف وتفجيرات الأحياء السكنية، وتصاعدت أعمدة الدخان فوق منطقة بحري.
وقالت محاسن العوض (65 عاماً) وهي من سكان بحري "نسمع أصوات الطائرات والانفجارات، لا نعرف متى سينتهي هذا الجحيم"، وأضافت "نحن في حالة خوف دائم على أنفسنا وأطفالنا".
يوجّه الجيش السوداني ضربات جوية بطائرات مقاتلة أو مُسيّرة لقوات الدعم السريع المنتشرة في أحياء بالعاصمة.
وقالت الأمم المتحدة إن القتال تسبب في مقتل 512 شخصاً على الأقل، وإصابة نحو 4200، مضيفة أن العدد الحقيقي للقتلى من المتوقع أن يكون أعلى من ذلك بكثير.
واتهمت قوات الدعم السريع، في بيان، الجيش بانتهاك اتفاق هدنة توسطت فيها الولايات المتحدة والسعودية من خلال شن ضربات جوية على قواعدها في أم درمان، المدينة المقابلة للخرطوم على الضفة الأخرى من النيل، وجبل الأولياء. وألقى الجيش بالمسؤولية على قوات الدعم السريع في انتهاك اتفاق الهدنة الخميس.
ومن المفترض أن يستمر وقف إطلاق النار حتى منتصف ليل الأحد.
وقالت وزارة الدفاع التركية إن طائرة إجلاء تابعة لها تعرضت لإطلاق نيران في أثناء هبوطها بمطار وادي سيدنا بأم درمان الجمعة لكن لم تقع إصابات.
فيما دفع العنف عشرات الآلاف من اللاجئين إلى عبور حدود السودان، وهدد بتفاقم حالة عدم الاستقرار عبر منطقة مضطربة من إفريقيا بين الساحل والبحر الأحمر.
قتلى في دارفور
فيما قالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية رافينا شامداساني إن 96 شخصا على الأقل قتلوا في دارفور منذ الإثنين في أعمال عنف قبلية أشعلها الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع.
وأضافت أن الإفراج عن سجناء أو فرارهم من 8 سجون على الأقل، من بينهم 5 في الخرطوم واثنان في دارفور، فاقم حالة الفوضى.
وقالت المنظمة إنه في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، تعرّض مستشفى رئيسي تدعمه منظمة أطباء بلا حدود للنهب في اقتحام عنيف خلال اليومين الماضيين.
فيما قال سيلفان بيرون، نائب مدير العمليات في منظمة أطباء بلا حدود في السودان "وقع كثير من الناس في حصار هذا العنف القاتل. إنهم يخشون المخاطرة بسلامتهم وحياتهم في محاولة للوصول إلى المرافق الصحية الشحيحة التي لا تزال تعمل ومفتوحة".
لم تتمكن وكالات الإغاثة إلى حد كبير من توزيع المواد الغذائية على المحتاجين في ثالث أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة، والتي كان يعتمد ثلث سكانها، البالغ عددهم 46 مليون نسمة، بالفعل على المساعدات الإنسانية حتى قبل تفجر العنف.
وقالت مصر، إحدى الدول المجاورة للسودان، إنها استقبلت 16 ألف شخص، فيما دخل تشاد 20 ألفاً، وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن أكثر من 14 ألف شخص عبروا الحدود إلى جنوب السودان الذي أعلن استقلاله عن الخرطوم في 2011 بعد عقود من الحرب الأهلية الدامية.
وقال المتحدث باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن البعض سار من الخرطوم إلى حدود جنوب السودان لمسافة تزيد على 400 كيلومتر. والخرطوم هي واحدة أكبر مدن أفريقيا وظلت لفترة طويلة بمنأى عن أهوال سلسلة الحروب الأهلية في السودان.
على الرغم من الدعوات العالمية لإجراء محادثات، قال قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان لقناة الحرة الأمريكية، الناطقة باللغة العربية، إنه من غير المقبول الجلوس مع رئيس قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) الذي وصفه بأنه "زعيم التمرد".
وقال إن الجيش يسيطر على السودان كله، رغم أن قوات الدعم السريع حافظت على وجود محدود في بعض أجزاء دارفور. ولم يتسن لرويترز التحقق بشكل مستقل من سيطرة الجانبين على الأراضي.
وتتصاعد الخلافات منذ أشهر بين الجيش وقوات الدعم السريع اللذين أطاحا بحكومة ائتلافية مدنية في انقلاب عام 2021، وكانت تلك الحكومة تشكلت بعد انتفاضة شعبية أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.
ويتعيّن على الجيش وقوات الدعم السريع التنازل عن السلطة للقوى المدنية بموجب خطة انتقالية، كان من المقرر الانتهاء منها في وقت سابق من هذا الشهر، لكن العملية تعثرت بسبب مسائل تتعلق بالتوقيت، منها موعد دمج قوات الدعم السريع.