قال مسؤولون بريطانيون سابقون وقادة ميليشيات ومصادر في السودان وبريطانيا لصحيفة The Observer البريطانية، إن اللواء الليبي خليفة حفتر قد شارك في تجهيز قوات الدعم السريع للمعركة الدائرة مع الجيش السوداني على مدار الأشهر التي سبقت اندلاع النزاع في 15 أبريل/نيسان 2023.
ورصدت الصحيفة البريطانية في تقرير لها علاقة حفتر بحميدتي الممتدة إلى ما قبل سقوط عمر البشير في عام 2019، لكن محللين أشاروا إلى أن تدخل حفتر، الذي يدير معظم الجزء الشرقي من ليبيا، في النزاع السوداني يستثير المخاوف من اشتعال صراع طويل الأمد في السودان تُغذيه مصالح خارجية.
المحللون وصفوا هذا المسار بأنه "سيناريو مرعب" تتورط خلاله جهات فاعلة وقوى إقليمية متعددة في حرب بالوكالة في هذا البلد الذي يسكنه أكثر من 45 مليون نسمة.
من جهة أخرى، نبَّهت المنظمات غير الحكومية المحلية موظفيها إلى الاستعداد لتصاعد العنف بعد انتهاء شهر رمضان وعيد الفطر. وقال مسؤولون ليبيون سابقون وحاليون لصحيفة The Observer إن حفتر نقل معلومات استخباراتية مهمة إلى حميدتي، واحتجز أعداء له، وزاد شحنات الوقود المرسلة إليه، وربما درَّب له وحدات عسكرية تضم مئات من مقاتلي قوات الدعم السريع على حرب المدن خلال المدة من فبراير/شباط ومنتصف أبريل/نيسان.
علاقة حفتر بحميدتي
وكشفت المصادر أن علاقة حفتر بحميدتي تعود إلى ما قبل سقوط عمر البشير في عام 2019، لكن العلاقة توطدت في السنوات الماضية، خاصة بعد أن أرسل حميدتي مرتزقة إلى ليبيا للقتال مع حفتر، وما يُعرف بقوات الجيش الوطني الليبي التابعة له.
المصادر زعمت أن حميدتي وحفتر تعاونا كذلك في تنفيذ عمليات تهريب درَّت عليهما أرباحاً كبيرة، وأسهمت في تعزيز الروابط بين القادة من الرتب المتوسطة في الميليشيات التابعة لهما أثناء الإشراف على عبور الشحنات غير المشروعة بين البلدين، إذ يقع السودان وليبيا على طرق رئيسية للاتجار بالبشر والمخدرات وأشياء أخرى كثيرة.
وقالت المصادر إن حفتر زاد من جهوده لدعم حميدتي خلال الأسابيع الأخيرة. ومع ذلك، فإن حفتر حرص على موازنة تحركاته؛ لأنه لا يريد ولا رعاته الدوليين، الإمارات وروسيا، أن يُحسبا على طرف واحد في صراعٍ لا تزال مآلاته غير محسومة بعدُ.
وقد راعى حفتر كذلك عدم إغضاب السلطات المصرية التي تناصره في الصراع الليبي وتدعم البرهان في الوقت نفسه. وقال أحد قادة الميليشيات في الجيش الوطني الليبي إن قواته "مستعدة لدعم [حميدتي].. لكننا لا نزال نراقب الوضع في السودان".
قبل أيام من اندلاع الصراع أمر حفتر باعتقال موسى هلال، أحد قادة الميليشيات السودانية، والعدو اللدود لحميدتي.
وكانت قوات هلال ألحقت خسائر فادحة بمرتزقة روس من مجموعة فاغنر -المتحالفة أيضاً مع حفتر- بعد أن أوقعتهم في كمين جمهورية إفريقيا الوسطى بالقرب من الحدود السودانية هذا العام.
نجل حفتر بالخرطوم
بالإضافة إلى ذلك، سافر صادق حفتر، أحد أبناء حفتر، إلى الخرطوم قبل أيام وتبرع بمليوني دولار لنادي المريخ السوداني، وهو نادٍ مرتبط بحميدتي الذي أشرف من قبل على إصلاح ملعبه. وبعد الإعلان عن التبرع استضاف حميدتي نجل حفتر.
إلى ذلك، قالت مصادر استخباراتية مقربة من الجيش الوطني الليبي لصحيفة The Observer، إن حميدتي تلقى أثناء الزيارة تحذيراً من حفتر بأن خصومه في السودان يستعدون للتحرك ضده. وقالت المصادر إن حميدتي ما لبث بعد مغادرة نجل حفتر للسودان أن حرَّك قواته للسيطرة على مطار مَرَوي الدولي، وبدأ في نشر مقاتلين للسيطرة على مواقع رئيسية في العاصمة.
والأسبوع الماضي، أوردت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية أن حفتر أرسل شحنة أسلحة على الأقل إلى حميدتي، لكن الجيش الوطني الليبي أنكر هذه المزاعم، ومع ذلك فقد ذكرت شبكة CNN الأمريكية أن رحلات جوية انطلقت من القواعد الجوية التابعة لقوات حفتر وتُديرها مجموعة فاغنر، وهبطت في السودان.
ونقل شهود عيان على الأرض أن طائرات محمّلة بالأسلحة هبطت بمطار الجوف في الكفرة جنوبي ليبيا، وأرسلت الأسلحة بعد ذلك في قوافل من الشاحنات باتجاه السودان.
وأشارت تقارير إلى أن روسيا أقامت علاقات وثيقة مع كل من حفتر وحميدتي، لكن يفغيني بريغوجين، مؤسس مجموعة فاغنر، نفى ما ورد في هذه التقارير.
من جهة أخرى، قال جلال حرشاوي، الخبير في الشأن الليبي والخبير المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة، إن الدعم الذي يقدمه حفتر ورعاته إلى حميدتي محسوب بعناية، فهم "يريدون لحميدتي أن يصمد على الأقل.. وإرسال الوقود أهم من الأسلحة والذخيرة، وهو أيسر شيء يمكن لحميدتي أن يضمن الحصول عليه من أصدقائه الليبيين".
كما قالت المصادر إن شحنات الوقود تُسلم بالشاحنات من ميناء بنغازي على البحر المتوسط، وأشارت مصادر أخرى إلى أن الوقود يُنقل من مصفاة صرير الواقعة في الجنوب الليبي.
وتزداد أهمية ذلك في وقت تعاني فيه قوات حميدتي نقص إمدادات الوقود بعد أن قطع أنصار البرهان -الذين ما زالوا يسيطرون على جزء كبير من البنية التحتية للنفط والبنزين في السودان- في الخرطوم الإمدادات عن قواعدها الرئيسية في دارفور.
– هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The Guardian البريطانية.