بينما يتواصل القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مناطق متفرقة من البلاد، دقت منظمات دولية ناقوس الخطر بشأن بداية كارثة إنسانية، في ظل استهداف مناطق المدنيين ونقص المواد الأساسية، وتوقعات بموجة لجوء كبيرة إلى الدول المجاورة، بينما تواصل دول العالم إجلاء رعاياها من السودان، وفق ما ذكرته تقارير، السبت 22 أبريل/نيسان 2023.
حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، فإن القتال الذي اندلع في مطلع الأسبوع الماضي بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع شبه العسكرية بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف أيضاً باسم حميدتي، أسفر عن مقتل أكثر 400 شخص وإصابة نحو 3551 آخرين.
ملايين المدنيين محاصرون
فقد حذر الصليب الأحمر الدولي من نفاد الماء والغذاء لدى المدنيين السودانيين المحاصرين في بيوتهم، جراء الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع، وقالت منظمة "مجموعة الأزمات الدولية" غير الحكومية إن "ملايين المدنيين محاصرون في القتال، وتنفد لديهم بسرعة المواد الأساسية".
أضافت المنظمة في بيان لها أن "النزاع يمكن أن ينزلق بسرعة إلى حرب حقيقية دائمة"، تشمل الولايات المضطربة في السودان ثم بعض دول الجوار.
كما جاء في البيان: "تفاقمت المعاناة بسبب حقيقة أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر لم تتمكن من إيصال المساعدات إلى الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها، حيث لم يقدم لنا الطرفان الضمانات الأمنية اللازمة".
بينما قالت جمعية الهلال الأحمر السوداني إن مخازنها تعرضت للسطو من قبل أفراد مسلحين (لم تحدد هويتهم)، وأضافت أن المسلحين نهبوا 8 سيارات دفع رباعي وشاحنة تابعة للجمعية.
فيما دانت الجمعية الاعتداء على مرافقها، وحذرت من استخدام سياراتها لأغراض تجارية أو إجرامية، مشيرة إلى أن المخاطر الناجمة عن سوء استخدام شارة الهلال الأحمر ستؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية.
كما قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أن نحو 16 مليون سوداني بحاجة إلى مساعدات خلال العام الجاري.
موجات لجوء من السودان
من جهته، قال مدير برنامج الأغذية العالمي، التابع للأمم المتحدة في تشاد، إن البرنامج يتوقع وصول مزيد من اللاجئين من السودان عبر الحدود، هرباً من القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية.
حيث عبر ما بين عشرة آلاف و20 ألف سوداني الحدود إلى تشاد بالفعل، بعد أسبوع من بدء القتال في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى في البلاد، وفق ما ذكرته وكالة رويترز السبت.
كما قال بيير أونورا مدير البرنامج في تشاد "نتوقع مزيداً من الموجات، ذلك أكيد. على الفور، حين يسمح الموقف الأمني لهم بالقدوم. توجد بلدات كبيرة بالقرب من الحدود، والموجودون فيها لم يتمكنوا من التحرك".
بينما قال أونورا إن 400 ألف لاجئ سوداني فروا خلال صراعات سابقة منتشرون في 14 مخيماً بمنطقة الحدود في تشاد. ولا يستطيع سكان العاصمة السودانية الخرطوم مغادرة منازلهم بسبب القصف ومع تجول الجنود في الشوارع.
كما أن الآلاف من الأجانب عالقون بسبب القتال في الخرطوم ومناطق أخرى من السودان، ومن بينهم موظفو السفارات وعمال المساعدات وطلبة. وقال الجيش السوداني السبت إنه سيساعد في إجلاء الرعايا الأجانب بعد أن تسبب الصراع على مدى أسبوع في مقتل مئات المدنيين.
فيما قال أونورا "برنامج الأغذية العالمي سيستعد لاستقبال 100 ألف على الأقل. من المرجح أن يكون هناك المزيد، لذلك علينا أن نكون مستعدين". وأضاف أن أغلب من وصلوا في الأيام القليلة الماضية كانوا من النساء والأطفال من قرى على الحدود.
كما أردف "عدد الأطفال مدهش. فوجئنا برؤية هذا العدد الكبير من الأطفال يعبرون الحدود. فُطرت قلوبنا لرؤية النساء والأطفال تحت الأشجار. عانى بعضهم من العنف واحترقت منازلهم ودُمرت قراهم ونُهبت أحياؤهم تماماً".
توقف خدمات شبكة الإنترنت
من جهة أخرى، أفاد موقع رصد للشبكة العنكبوتية العالمية، الأحد 23 أبريل/نيسان، أن السودان يشهد انقطاعاً "شبه كامل" لخدمة الإنترنت، مع دخول المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أسبوعها الثاني.
حيث قالت منظمة "نت بلوكس" ومقرها لندن، التي تعنى برصد الوصول إلى شبكة الإنترنت في العالم "تُظهر بيانات الشبكة في الوقت الحالي انهياراً شبه كامل للاتصال بالإنترنت في السودان، حيث تبلغ نسبة الاتصال الوطني حالياً 2% مقارنةً بالمستويات العادية".
دول العالم تجلي رعاياها من السودان
مع تصاعد حدة الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع تواصل الدول إجلاء مواطنيها من السودان، فبعد السعودية وأمريكا، اللتين كانتا سباقتين بإخراج مواطنيهما من البلاد، بدأت فرنسا الأحد العملية، كما أعلنت دول أخرى من بينها تركيا ولبنان عزمها الإسراع بذلك.
فقد وصل عشرات من السعوديين ورعايا دول أخرى بحرا الى مدينة جدة، في أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين من السودان منذ اندلاع المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع قبل أسبوع، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي السعودي السبت.
كما أوردت قناة "الإخبارية" خبراً عن "وصول أول سفينة إجلاء من السودان تضم 50 مواطناً وعدداً من رعايا الدول الشقيقة". وأوضحت أنّ أربع سفن أخرى "قادمة من السودان إلى جدة، على متنها 108 أشخاص من 11 دولة"، من دون تفاصيل إضافية.
العملية التي نفذتها السعودية هي أول عملية إجلاء معلنة لمدنيين من السودان منذ اندلاع الاشتباكات، علماً أن الجيش السوداني أعلن في الـ20 من الشهر الجاري، إجلاء 177 عسكرياً مصرياً كانوا يتواجدون في مدينة مروي بشمالي البلاد.
بدورها قالت وزارة الخارجية الفرنسية، الأحد، إن البلاد تنفذ عملية إجلاء دبلوماسييها ومواطنيها من السودان، ولفتت الخارجية الفرنسية إلى أن العملية ستشمل أيضاً مواطنين أوروبيين، وآخرين منحدرين من "دول شريكة حليفة"، دون أن تقدّم تفاصيل إضافية.
كما أعلنت السفارة التركية لدى الخرطوم أنها ستجلي الأحد مواطنيها الراغبين في مغادرة السودان على خلفية الاشتباكات العسكرية بالبلاد. وقالت السفارة في بيان، السبت، إنها ستجلي مواطنيها الأحد براً إلى بلد ثالث، تمهيداً لإعادتهم إلى تركيا.