اعترف أحد المقاتلين المرتزقة السابقين في مجموعة فاغنر الروسية بقتل عشرات من أسرى الحرب الأوكرانيين وتعذيبهم، في واحدة من الروايات الأشد تفصيلاً التي يرويها أصحابها مباشرة حول الفظائع التي ارتكبتها القوات الروسية في أوكرانيا، بحسب ما أفادت صحيفة The Guardian البريطانية.
حيث قال أليكسي سافيتشيف، المدان الروسي السابق البالغ من العمر 49 عاماً، الذي جندته مجموعة فاغنر في سبتمبر/أيلول 2022، خلال مقابلة عبر الهاتف مع صحيفة الغارديان، إنه شارك في عمليات إعدام بإجراءات موجزة بحق أسرى الحرب الأوكرانيين خلال أشهر القتال الستة التي شارك فيها في شرق أوكرانيا.
وأوضح: "أُبلغنا بألا نصطحب أي أسرى، وأن نطلق عليهم النار في الحال وحسب".
"لستُ نادماً"!
في أحد الأمثلة، أثناء القتال الدائر بالقرب من مدينة سوليدار الواقعة شرقي أوكرانيا في الخريف، قال سافيتشيف إنه شارك في قتل 20 جندياً أوكرانياً كانوا قد استسلموا. وأضاف: "أمطرناهم برصاصنا. إنها حرب، وأنا لست نادماً على أي شيء فعلته هناك. إذا كنت أستطيع، سأعود إلى هناك".
وأوضح سافيتشيف في حلقة أخرى من حلقات هذه الفظائع، أنه قتل هو ومقاتلون آخرون في مجموعة فاغنر "عشرات" من أسرى الحرب الأوكرانيين المصابين عن طريق "إلقاء القنابل" داخل الخندق الذي أُسروا فيه بالقرب من مدينة باخموت، في يناير/كانون الثاني الماضي. وأضاف: "كنا نعذب الجنود أيضاً، لم تكن هناك أية قواعد".
ونُشرت رواية سافيتشيف للمرة الأولى يوم الإثنين 17 أبريل/نيسان عن طريق المجموعة الحقوقية Gulagu.net، في فيديو مدته ساعة و17 دقيقة، حيث ظهر بجانب مقاتل آخر من مقاتلي فاغنر، عُرف باسم عزامات أولداروف، الذي قال أيضاً إنه قتل المدنيين، ومن بينهم أطفال، خلال المعركة في باخموت.
"كانت تصرخ.. كانت طفلة صغيرة"
وقال أولداروف إن زملاءه المرتزقة في أحد الحوادث قتلوا مجموعة من الأشخاص اتخذوا مأوى لهم في قبو مجمع سكني يتكون من 9 أدوار في باخموت، وكانت من بينهم فتاة صغيرة.
وأوضح خلال حديثه مع فلاديمير أوسيشكين، رئيس مجموعة Gulagu.net: "كانت تصرخ، كانت طفلة صغيرة، كانت في الخامسة أو السادسة وأطلقت عليها رصاصة قاتلة. لم يكن مسموحاً لي بأن أترك أي شخصٍ يخرج، هل تفهم ذلك؟".
بدورها، قالت صحيفة الغارديان إنها لم تستطع التحقق بصورة مستقلة من ادعاءات الرجل المروعة، لكنها اطلعت على وثائق جنائية روسية تبيِّن أن سافيتشيف، الذي أدين في جريمة قتل، أُطلق سراحه من سجنٍ في مدينة فارونيش جنوب غرب روسيا، بعفو رئاسي في 12 سبتمبر/أيلول العام الماضي.
وعرض سافيتشيف على الصحيفة صور ميداليتين قال إنه حصل عليهما لمشاركته في معركة سوليدار، التي تقع شرقي أوكرانيا، والتي استولت عليها قوات فاغنر في مطلع يناير/كانون الثاني الماضي.
ويبدو أن شهادته تسهم في مجموعة الأدلة المتزايدة التي تسلط الضوء على جرائم الحرب التي ارتكبها الجنود الروس في أوكرانيا.
"الاعتراف ليس كافياً"
ورداً على المقابلة التي نشرها موقع Gulagu Net، قال رئيس مكتب الرئيس الأوكراني، أندريه يرماك، إن المسؤولين عن هذه الأمور يجب أن يعاقبوا. وكتب في موقع تويتر: "الاعتراف ليس كافياً. يجب أن يكون هناك عقاب صارم وعادل. وسوف يحدث هذا قطعاً".
منذ بداية الحرب، فرّ عدد من الجنود الروس، من بينهم مدانون سابقون كانوا قد انضموا إلى مجموعة فاغنر، إلى خارج روسيا، ووصفوا جرائم الحرب التي كانوا شهوداً عليها، لكن شهادة سافيتشيف تعد رواية نادرة لجندي سابق في مجموعة فاغنر لا يزال داخل روسيا.
وقال سافيتشيف إنه كان هارباً منذ المقابلة الأولى التي أجراها الإثنين 17 أبريل/نيسان، وإنه تلقى "عديداً" من التهديدات.
من جانبه، قال يفغيني بريغوجين، رئيس مجموعة فاغنر، إن رواية الجنديين السابقين في مجموعة فاغنر ما هي إلا "كذبة صارخة"، وإن مقاتلي فاغنر "لم يتعرضوا قط ولن يتعرضوا" للأطفال.
من جانب آخر، قال سافيتشيف إنه يخشى أن يلقى نفس مصير يفغيني نوزين، القاتل المدان الذي جندته فاغنر واستسلم للقوات الأوكرانية لكنه سُلم لاحقاً إلى روسيا وأُعدم بصورة وحشية.
أضاف: "كنت مع فاغنر، وأعرف ما يستطيعون أن يفعلوه مع الذين يتحدثون علناً. أعي أنني قد أموت قريباً. أريد فقط ألا يكون موتي عنيفاً".
"أبحث عن قتلة"
وأوضح أنه كان شاهداً على العديد من عمليات الإعدام بإجراءات موجزة ضد مقاتلين آخرين بمجموعة فاغنر اتُهموا بعصيان أوامر قادتهم أو انتهاك "مدونة السلوك"، بما في ذلك استهلاك الكحوليات.
وقال سافيتشيف إنه انضم إلى مجموعة فاغنر بعد أن زار بريغوجين المستعمرة العقابية IK-12 في فارونيش، التي كان يقبع فيها في سبتمبر/أيلول الماضي. وأوضح: "جاء بريغوجين إلى سجننا، وقال إنه كان يبحث عن قتلة. وقال إن الجيش النظامي كان مليئاً بالضعفاء الذين لا يستطيعون إنجاز المهمة".
أضاف أنه قُبل ضمن مجموعة فاغنر رغم تشخيص إصابته بفيروس نقص المناعة البشرية، مع أن الجيش النظامي لا يسمح للجنود الذين يعانون من أمراض خطيرة بالانضمام إلى صفوفه. وتابع قائلاً: "لا يعبأون إن كنت مصاباً بفيروس نقص المناعة البشرية أو السكري، مادمت قادراً على القتل".
وفقاً لرواية سافيتشيف، فإن حوالي 100 سجين من مستعمرة IK-12 العقابية فارونيش وافقواً على القتال ضمن صفوف فاغنر. وبعد أسبوعين من التدريبات، أُرسل إلى الخطوط الأمامية للقتال في سوليدار أولاً، ثم في باخموت بعد الاستيلاء على سوليدار.
وأشار إلى أنه وُضع ضمن وحدات صغيرة تتكون من 4 مقاتلين استخدموا بوصفهم "قوات اقتحام"، يتلقون أوامر بشن هجمات شديدة الخطورة ضد المواقع في أوكرانيا. وبحسب تقديراته، فإن 21 مقاتلاً فقط لا يزالون على قيد الحياة، من أصل 100 سجين جُندوا من السجن الذي كان يقبع فيه.
وختم سافيتشيف بالقول: "كنا في الأساس مجرد لحوم بالنسبة للقادة، لا أعرف كيف نجوت. لم يعبأ أي شخص بنا".