امتنع الاحتلال الإسرائيلي عن التصعيد في العشر الأواخر من رمضان على عكس ما كان متوقعاً، بحيث فضل تجنب المواجهة، الأمر الذي عده فلسطينيون انتصاراً أمام الحكومة اليمينية المتطرفة، في حين حذّر مختص فلسطيني من أن إسرائيل تسعى إلى ترحيل الأمر إلى ما بعد الشهر الفضيل، للاستفراد في المسجد الأقصى والقدس.
قال رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي، في مقابلة مع "عربي بوست"، إن الاحتلال حاول الابتعاد عن كل الأسباب التي تؤدي للتوتر، وبالذات في العشر الأواخر من رمضان، لا سيما مع الأعداد الكبيرة التي شهدت القيام في المسجد المبارك، ما كان بمثابة رسالة واضحة له، تفاعل معها خوفاً من المواجهة.
رغم الهدوء النسبي، فإن الاحتلال بحسب الهدمي، مارس تضييقات وما زال، بمنع المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك عبر الحواجز المفروضة حول مدينة القدس، وأخرى داخل المدينة باتجاه المسجد الأقصى.
يأتي ذلك في حين كانت تثار مخاوف من تصعيد كبير في العشر الأواخر من شهر رمضان في المسجد الأقصى، قد ينعكس على المناطق الفلسطينية جميعها كما حدث العامين الماضيين 2022 و2021، لا سيما في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو، يعد بعض وزرائها من أشد الداعين لإجراءات تصعيدية داخل المسجد الأقصى، مستغلين تزامن عيد الفصح مع الشهر المبارك لدى المسلمين.
يستعرض الهدمي، في هذه المقابلة، المخاطر التي تهدد المسجد الأقصى بعد رمضان، وكيف تأثرت المعطيات على أرض الواقع في القدس بسبب تزايد العمليات الفلسطينية في كل من الضفة الغربية والداخل المحتل، إلى جانب تنازله في معرض حديثه ما المطلوب فلسطينياً وعربياً لنصرة المسجد المبارك.
إلى نص المقابلة كاملة:
امتنعت إسرائيل عن التصعيد في العشر الأواخر بالشكل الذي كان متوقعاً، بحيث فضّلت التهدئة نوعاً ما، هل هذا يُعد انتصاراً فلسطينياً أمام اليمين المتطرف الإسرائيلي؟
يبدو أن سلطات الاحتلال عادت إلى منطق الحكمة والمكر، في تعاملها مع الشعب الفلسطيني والأحداث الأخيرة، بالذات ما رأيناه من تفضيل الهدوء النسبي في محاولة للابتعاد عن كل الأسباب التي تؤدي للتوتر، وبالذات في العشر الأواخر من رمضان، وذلك لأن الأعداد الكبيرة التي أمت المسجد المبارك أرسلت رسالة واضحة للمسؤولين الإسرائيليين، الذين استجابوا معها خوفاً من التصعيد.
لكن كان هناك تضييقات وما زالت، تتمثل بمنع المسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى المبارك عبر الحواجز المفروضة حول مدينة القدس، والتي فرضت أيضاً داخلها باتجاه المسجد الأقصى المبارك.
المشكلة ليست في ذلك، إنما في أن وسائل الإعلام تروج إلى أن الاعتكاف هو المفتاح السحري في الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك، وكأننا نريد أن نحشر أنفسنا بهذه الطريقة فقط، وأننا لا نريد أن نعطي مجالاً لأي أسلوب آخر، لذلك أنا لا أشك أن الصورة ستكون أوضح بكثير ثاني أو ثالث أيام العيد، حينما نشاهد المسجد الأقصى المبارك فارغاً من المصلين، وقد عادت الاقتحامات والتدنيس إليه، ونعود إلى الدائرة ذاتها بعيداً عن شهر رمضان.
بمعنى أننا نحشد كل قوانا في شهر رمضان، وننسى 11 شهراً في العام يتم فيها انتهاك حرمة الأقصى المبارك من المستوطنين.
ما أريد أن أحذر منه، أن لدى سلطات الاحتلال برنامج يومي لتهويد المسجد الأقصى المبارك، وتسعى لتثبيته، وأن يصبح أمراً واقعاً تنقله وسائل الإعلام يومياً في نشراتها الإخبارية؛ ليتكرر الأمر ولا يؤثر في الأمة الإسلامية.
هذا لا ينفي أننا رأينا ارتفاعاً في الروح المعنوية لدى المسلمين جميعاً خلال شهر رمضان، وحشودات كبيرة تأتي إلى المسجد الأقصى المبارك بأعداد غفيرة، وهذا الأمر أرسل رسائل واضحة للاحتلال، تعبر عن تمسك المسلمين بالمسجد الأقصى المبارك، ولكن نريد أن يبقى هذا الحال بقية أيام السنة.
رحّل الاحتلال الآن كل ما كان يمكن أن يؤدي إلى مواجهات وإلى غضب، سواء في الشارع الفلسطيني أو العربي أو حتى الدولي، إلى ما بعد رمضان، وهو يعي تماماً أن الاعتكاف والرباط في المسجد الأقصى المبارك لن يكون بالزخم ذاته بعد رمضان، ليستأنف بعدها نشاطه الاستيطاني.
ما نشهده اليوم لا يمثل انتصاراً للشعب الفلسطيني، إلا إذا استمر بقية أيام السنة، فيجب ألا نتعامل مع المخطط الاستراتيجي للاحتلال عبر هبات وردات الفعل ومبادرات فردية.
للأسف ليس لدى قيادة الشعب الفلسطيني أي خطة استراتيجية مبنية على أسس، وما زلنا بعيدين عن ما يمكن تسميته مشروع تحرري، فما نقوم به اليوم استنزاف بسيط جداً لقوات الاحتلال وبطيء.
إذن ما هو المطلوب فلسطينياً من أجل حماية المسجد الأقصى المبارك؟
الواقع الذي نعيشه يحتّم على القيادة الفلسطينية، وأقصد بذلك القيادة التي على مستوى طموحات الشعب الفلسطيني، وليست الحالية، أن تبدأ بالتحول من فكرة حماية المسجد الأقصى المبارك فقط عبر الرباط إلى فكرة حماية المسجد الأقصى المبارك عبر كل عناصر قوة الشعب الفلسطيني التي شهدنا تأثيرها خلال الأسابيع والأشهر الماضية.
شهدنا كيف قلّ عدد المقتحمين للمسجد الأقصى حينما كانت الضفة الغربية تغلي، وحينما كانت طرقات الضفة الغربية غير آمنة للمستوطنين، فلا تسمح لهم بالخروج من مستوطنات الضفة للتوجه لاقتحام المسجد الأقصى المبارك.
ما تقوم به إسرائيل اليوم أسلوب من المكر، عمِل على ترحيل الملف لما بعد رمضان، لاستفراد في القدس وفي المسجد الأقصى المبارك، لنعود إلى البرنامج السنوي المتكرر طيلة أيام السنة، واستكمالاً للمشروع الاستيطاني والتهويدي الخطير الذي يهدد المسجد الأقصى المبارك بشكل يومي.
ما الهدف من التصعيد الإسرائيلي في المسجد الأقصى الذي شهده في بداية شهر رمضان، لا سيما مع الاعتداءات والاعتقالات بحق المعتكفين فيه بالصورة التي شهدناها مؤخراً؟
ما شهدناه من عنف وتصعيد واضحين من سلطات الاحتلال في المسجد الأقصى المبارك كان يعبر عن نيتها إرهاب أبناء الشعب الفلسطيني، وبالذات أهل مدينة القدس والمعتكفين في المسجد الأقصى، ومنعهم من القيام بالاعتكاف الذي يمثل كسراً لإرادة سلطات الاحتلال.
الاعتكاف كان يشكل كسراً لإرادة الاحتلال الذي يريد أن يظهر سيطرته وسيادته الكاملة على المسجد الأقصى المبارك، حتى أننا رأينا كيف تم السماح بالاعتكاف في يومي الخميس والجمعة من كل أسبوع وفي العشر الأواخر من شهر رمضان فقط، ما يصبّ في صالح التقسيم المكاني والزماني.
ما نشاهده في المسجد الأقصى المبارك هو صراع إرادات وسيادة بين أبناء الشعب الفلسطيني وبين الاحتلال، لذلك يريد الأخير فرض أمر واقع، وهذا يفسر العنف الشديد والمفتعل الذي قام الاحتلال به في اليوم الثاني من رمضان، يوم الخميس، حين سبق الاحتلال نهاية صلاة التراويح وهجم على المصلين، في الفترة التي كان فيها الإمام ما زال يصلي صلاة التراويح الراتبة، واستبق أن يقوم المعتكفون بإغلاق الأبواب، وقام بالقمع، وبإخراج المصلين.
كل هذا يبيّن أن الاحتلال لديه نية مبيتة لا تقف عند حد تأمين الاقتحامات للمقتحمين الذي تعتبره تحصيل حاصل، ولكن ما يريده أكثر من ذلك، بأن يكون هو الذي يقرر في المسجد الأقصى، وإرادته هي التي تحصل.
تتزامن أعياد الفصح اليهودي مع شهر رمضان للعام الثاني على التوالي، وسيتكرر ذلك العام المقبل أيضاً، فكيف تستغل الحكومة اليمنية المتطرفة الحالية ذلك؟
نعم الاحتلال يستغل الأعياد في تهويد المسجد الأقصى المبارك، رغم أن كل أعياد اليهود ليس لها علاقة بالمسجد الأقصى المبارك، مثل عيد "البوليم" المساخر، فحتى هذا العيد استغله الاحتلال للدعوة لاقتحام المسجد الأقصى المبارك.
اليوم، مع قدوم عيد الفصح بالوقت ذاته الذي يأتي فيه شهر رمضان المبارك والعام المقبل كذلك، ستتزامن المناسبتين، والاحتلال يستغل ذلك من أجل فرض أمر واقع والقيام بخطوات نوعية، من ذلك موضوع القرابين مثلا، الذي أصبح بالنسبة للاحتلال عقدة يريد فرضها.
سنوات مضت والاحتلال يحاول ويتحدث عن إدخال قرابين في المسجد الأقصى المبارك وذبح قرابين فيه، وكل عام يتحدث عن ذلك، ولكنه يفشل ولا يطبقه ولا يستطيع تنفيذ مآربه.
هذا العام كان من الواضح جداً أن الاحتلال سيفشل في ذلك مجدداً، علماً بأنه كان هناك بعض التخوفات، لأن هذه الحكومة هي أكثر تطرفاً وأكثر عنصرية، وكان واضحاً توتر الأجواء جداً لا سيما مع ما نشاهده الآن من عمليات في الضفة الغربية.
كل ذلك يعبر تماماً عن أن الأمور ليست مثل العام الماضي الذي حدثت فيه المواجهة العسكرية وانتهت، لكن الآن الوضع في الضفة مختلف، فهو أخطر على الاحتلال، الذي يتخوف من أن تنشب انتفاضة مسلحة في الضفة أكثر من خوفه من المواجهة مع قطاع غزة.
الاحتلال يعي تماماً أن الضفة الغربية هي الخاصرة الضعيفة له، وأن الانتفاضة المسلحة في حال حصلت في الضفة الغربية، فحينها سيكون الاحتلال في مأزق، لذلك نعم نقول إن الواقع الذي نعيشه الآن واقع متوتر جداً، يحاول الاحتلال أن ينفذ فيه الكثير من الخطوات النوعية عن طريق استغلال موسم الأعياد باتجاه تهويد المسجد الأقصى المبارك، وحتى الآن لم يستطع أن يخطو أي خطوة نوعية.
يطلق مسمى "مصلي" على كل مسلم يدخل المسجد الأقصى، في حين يطلق مصطلح "زوار" على كل من يدخله من غير المسلمين، بحسب (تفاهمات كيري 2015)، فكيف يسعى الاحتلال الآن إلى الإخلاف بذلك وإطلاق مسمى "مصلين" على المقتحمين من المستوطنين، وما الذي يهدفه من وراء ذلك؟
هناك قرار محكمة إسرائيلية (السماح للمقتحمين بأداء طقوسهم داخل المسجد الأقصى المبارك) وهناك من يقوم بالسجود الملحمي، وهناك من يقوم بعقد قران في المسجد الأقصى المبارك، إلى جانب أنهم حاولوا أن ينفخوا بالبوق في المسجد الأقصى المبارك، بل تم نفخه عن طريق الهاتف.
هذه التفاصيل إذا أضيف إليها ذبح القرابين تعزز الوجود الاستيطاني داخل المسجد المبارك، وحينها سيتم الادعاء ومحاولة تقنين الموضوع، وستقدم القضية على أن هذه المنطقة من المسجد الأقصى المبارك يتم اقتطاعها لصالح المستوطنين والسماح لليهود بأداء طقوسهم فيها بأريحية، دون أي مواجهة وأي احتكاك مع المسلمين بحجة ضمان حرية العبادة للجميع، رغم أن المسجد الأقصى للمسلمين بحسب التفاهمات الدولية.
هذا ما يسعى الاحتلال إلى تعزيزه، ومن بين ذلك اعتبار أن المقتحمين هم مصلون داخل المسجد المبارك، لهم ما للمصلين المسلمين من حقوق وحرية وحق في المسجد الأقصى، وهذا أمر خطير جداً.
كيف يحاول الاحتلال الإسرائيلي فرض التقسيم المكاني من خلال التصعيد في المسجد الأقصى الذي طال المعتكفين فيه في رمضان؟
يسعى الاحتلال إلى أمر آخر، وهو موضوع تطبيع الوجود اليهودي في المسجد الأقصى المبارك.
أعني أن الاحتلال ينظر إلى التفاصيل على أنها جزء من حلقة كاملة تجعل له مجالاً بأن يتم اقتطاع جزء من الأقصى المبارك (تقسيم مكاني) هذا الجزء يتم فيه ما يتم أداؤه الآن من طقوس وشعائر للمستوطنين، ولكنه فشل حتى الآن.
ما هي تحركات الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد لمواجهة المخططات الإسرائيلية التي تستهدف المسجد الأقصى المبارك؟
الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد هي الآن في أضعف حالاتها، جلّ عملها يكون على أساس مراقبة ما تقوم به سلطات الاحتلال من خروقات ومن استراتيجيات تهويدية، ووضعها في مكانها وفق الاستراتيجية العامة لتهويد مدينة القدس والمسجد الأقصى المبارك.
هي عملياً تحليل ومتابعة ورسم خطة لما يقوم به الاحتلال من تجاوزات بحق الشعب الفلسطيني والمقدسات.
هل تختلف المعطيات الحالية عما كان عليه الأمر في الأعوام الماضية بالنسبة للأقصى والقدس عامة، لا سيما في ظل وجود حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة في السلطة اليوم؟
أرى أن الأحداث المتدحرجة من عمليات في داخل الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني كل هذه الآن يضع حكومة الاحتلال في مأزق.
العمليات الأخيرة التي قام بها الفلسطينيون في الداخل المحتل والضفة الغربية أشعلت الأمور، بالتزامن مع اعتداءات الاحتلال في القدس.
حكومة الاحتلال الآن ليس لديها الكثير من الخيارات لتتخذ إجراءات بحق الشعب الفلسطيني، وعملية إطلاق الصواريخ من الجنوب اللبناني باتجاه شمال فلسطين المحتلة كان رسالة قوية بأن الجبهات متحدة، وأن عناصر قوة الشعب الفلسطيني تتحد، وهذا أمر خطير جداً بالنسبة للاحتلال الذي يعاني من حالة انقسام.
حتى لو شهدنا اليوم توقفاً للتظاهرات المعارضة ضد حكومة نتنياهو والتعديلات القضائية التي يتحدثون عنها، إلا أن الانقسام موجود، وله آثار كبيرة، سواء في جيش الاحتلال أو حتى في المجتمع نفسه.
كيف تسهم تصريحات وزراء متطرفين في حكومة نتنياهو حول تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى، في تأجيج الأوضاع بشكل أكبر؟
سلطات الاحتلال ليس لديها خيارات كثيرة لمواجهة ما يجري، فضرب قطاع غزة مستبعد الآن، لأن إسرائيل لا تريد أن توتر الأمور باتجاه مواجهة عسكرية وحرب، وكذلك لن تضرب لبنان، وهذا أمر ربما فات أوانه، لأنها ردت بشكل محدود وأوقفت كل الإجراءات وانتهى الموضوع.
أرى أن الاحتلال في مأزق كبير، وأن المجتمع الإسرائيلي سيبدأ بالحديث لماذا أشعلتم نيران المسجد الأقصى المبارك فهي ستحرقنا، وهذا سيعيد النظر في كل الوعود والتعهدات التي قدمها بن غفير وزير الأمن القومي بأنه سيغير الواقع في المسجد المبارك، وأنه سيساوي اليهود بغيرهم في المسجد الأقصى المبارك.
كل هذا سيصبح من الماضي، بتصوري، إذا توقف الزخم الفلسطيني في الضفة والداخل المحتل.
الاحتلال الإسرائيلي متهم بعدم احترام القانون الدولي بما يتعلق بالأوضاع في القدس عامة، وفي المسجد الأقصى خاصة، فما تعليقكم على ذلك، وهل يمكن إجبار الاحتلال على الانصياع له؟
ليس جديداً بأن الاحتلال الإسرائيلي لا يحترم القانون الدولي، ولا يحترم الاتفاقيات حتى التي وقعها مع الأردن ومصر ومع منظمة التحرير. ولم نشاهد طيلة 75 عاماً أي احترام إسرائيلي للعهود والاتفاقيات.
هذا يقودنا أيضاً إلى التساؤل: هل شهدنا موقفاً دولياً في العالم كله طيلة 75 عاماً ليُجرّم الاحتلال بسبب نقضه للعهود؟ وهل من محاسب للاحتلال الإسرائيلي أو معاتب؟ وهل من يقف في وجه الاحتلال ليُجبره على أن يرجع ويطبق القانون الدولي؟
لم نشاهد؛ كلها قرارات حبر على ورق لم تغن شيئاً. إنما الذي سيغير الواقع هو أن تصبح الأمور على شفير الهاوية بالنسبة للغرب، بمعنى أن يشعر بأن مصالحه مهددة، وأن الحالة الثورية في فلسطين تتصاعد بشكل سريع، وتنتقل إلى الشعوب المختلفة؛ لتبدأ بالتحرك وبواجبها باتجاه القدس والأقصى المبارك، وأن تتحرك كل فلسطين شعبياً في الشوارع وأمام السفارات وأمام المؤسسات الدولية، لتعلن غضبها من كل ما يجري من الاحتلال.
عندها نعم، يمكن أن نقول إن القضية بدأت تتحرك بشكل يمكن البناء عليه، ويمكن من خلاله إيقاف الاحتلال وإجباره على الانصياع للقانون الدولي على الأقل.
هذا في تصوري ما يمكن أن يسهم ويساعد في حماية المسجد الأقصى المبارك.
العمليات الفلسطينية التي تجري الآن كلها يغذي بعضها بعضاً، ويشجع بعضها بعضاً، وأتوقع أننا سنشاهد العديد غيرها، وبدأنا نشاهد أن هناك عمليات منظم لها من منظمات المقاومة، ولكن في العموم هي تحريض أكثر منها تنظيم، وهذه العلاقة حالة استنزاف للمجتمع الإسرائيلي ولجيشه، لذلك يجب أن يتطور رد الفعل ليكون منظماً ويهدف إلى مشروع التحرر من الاحتلال.
توقعاتي لما هو قادم سيكون صعباً على الجميع، ولكن فيه من بشريات تطور حالة الثورة الفلسطينية.
كان هناك رد فعل دولي واسع بعد الاعتداءات الإسرائيلية في المسجد الأقصى مؤخراً، هل تمثل الإدانات الدولية ضغوطاً على الاحتلال الإسرائيلي؟
هناك جزء ضئيل من المجتمع الإسرائيلي بدأ يحسب حساباً بأن ما يجري سيؤدي لكراهية العالم لهم ولدولة الاحتلال، وسيؤدي إلى كوارث كبيرة تطالهم.
لكن من يحكمون ويؤثرون على سياسة دولة الاحتلال لا يهتمون في هذا الأمر الآن، لأن لديهم مشاكلهم الأكبر داخلياً، فنتنياهو يريد أن يهرب من السجن، وبن غفير يريد أن يصبح زعيماً للمتطرفين الذين انتخبوه، ويعتقد أن أكبر إنجاز له أن أصبح وزيراً، وأنه يمكن أن يقوده الأمر ليكون رئيس الوزراء القادم، أما سموتريش فشخصية كانت مغمورة لا تساوي شيئاً، وأصبحت الآن على سدة الحكم، ولذلك نظرته مقصورة على المصالح الشخصية أكثر منها على مستقبل دولة الاحتلال.
إضافة إلى ذلك، فإن حالة الشعب الفلسطيني أراها هي التي ترعب الاحتلال أكثر من الإدانات الدولية.
الشعب الفلسطيني في أقوى حالته اليوم إذا ما تم قيادته بشكل حذر وبشكل حكيم، فهو يحتاج إلى قيادة حكيمة تتقن نقله من حالة التواصل البعيد إلى وجود قيادة داخلية بينها وبينه، لا بد من الوصول إلى هذه المرحلة رغم خطورتها.