تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الثلاثاء 18 أبريل/نيسان 2023، مقاطع فيديو تظهر جثثاً ملقاة في الشوارع في العاصمة السودانية الخرطوم، وذلك جراء الاشتباكات بين قوات الجيش والدعم السريع. وقال مصور الفيديو إن الجثث ملقاة منذ فترة حتى انتفخت وفاحت رائحتها دون دفنها.
كان الجيش السوداني قد قال، الثلاثاء، إن قائدي طرفي الصراع في السودان اتفقا على وقف إطلاق النار لمدة 24 ساعة اعتباراً من مساء الثلاثاء 18 أبريل/نيسان 2023، وذلك في أعقاب نداءات وجهها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إليهما بشأن المعارك المحتدمة في الخرطوم، والتي شهدت حادثة إطلاق نار على موكب دبلوماسي أمريكي.
هدنة في السودان
حيث صرح الفريق أول ركن شمس الدين كباشي، وهو عضو في مجلس السيادة الحاكم، لقناة العربية بأن وقف إطلاق النار سيبدأ في السادسة مساء بالتوقيت المحلي (1600 بتوقيت غرينتش)، ولن يتجاوز مدة الأربع والعشرين ساعة المتفق عليها.
فيما أشار قائد قوات الدعم السريع إلى أن القوات المسلحة السودانية لم تلتزم بوقف إطلاق النار، وقصفت مناطق مكتظة بالسكان من الجو، وعرضت أرواح المدنيين للخطر. وقال في سلسلة تغريدات: "ننتظر المزيد من المناقشات مع وزير الخارجية الأمريكي حول سبل معالجة هذه الانتهاكات".
كان مراسل الجزيرة مباشر أفاد بخروج معظم مستشفيات الخرطوم من الخدمة بسبب انقطاع الكهرباء والمياه ونقص الأدوية والكادر الطبي. وأكدت وزارة الصحة السودانية أن القطاع الصحي في الخرطوم واجه انهياراً بسبب تضاؤل إمدادات الطاقة والنقص الحاد في أكياس الدم بالمستشفيات.
الصحة السودانية تناشد إنقاذ الأوضاع
في حين ناشدت وزارة الصحة، في بيان، "كل من شأنه أن ينقذ الأرواح، وإيجاد حل أكثر استدامة للتغلب على النقص المزمن في الوقود والطاقة الذي بات يهدد باستمرار المرافق الصحية في الخرطوم، وهي على حافة الإغلاق".
كما أعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، توقف الأنشطة الإنسانية في ولايات عدة، وإغلاق مستشفيات جراء انعدام الأمن، مشيراً إلى نفاد الإمدادات الطبية في مستشفيات الخرطوم مع تواصل الاشتباكات، فضلاً عن إغلاق 9 مستشفيات في الخرطوم و2 في بحري جراء القصف وانعدام الأمن.
من جانبها، دعت منظمة العفو الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر أطراف النزاع في السودان لضمان حماية المدنيين مع بلوغ عدد قتلاهم 180، فضلاً عن 1800 جريح، وحثتا السلطات السودانية وجميع أطراف النزاع على ضمان وصول فوري وغير مقيد ومستدام للجهات الفاعلة الإنسانية لرصد وتقييم احتياجات المدنيين وتقديم المساعدة لهم.
معارك شديدة بين قوات الدعم والجيش السوداني
يأتي ذلك بينما تدخل المعارك بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع يومها الرابع، مع وجود العديد من المدنيين عالقين وسط هذا الصراع وهم يعانون.
قال المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية لشرق وجنوب إفريقيا، تيغيري تشاغوتا، إن استخدام الأسلحة الثقيلة، بما في ذلك المدفعية والدبابات والطائرات النفاثة، في المناطق المكتظة بالسكان في الخرطوم، تسبب في مقتل العديد من المدنيين وتدمير هائل للممتلكات.
فيما أضاف: "يجب على أطراف النزاع التوقف فوراً عن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في محيط تجمعات المدنيين"، وقال إن على شركاء السودان الإقليميين والدوليين أن يشجعوا علناً أطراف النزاع على احترام القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، وأن يوقفوا هجماتهم العشوائية على الفور.
كانت مصر قد أعلنت، في بيان لوزارة الخارجية، الإثنين 17 أبريل/نيسان 2023، أنها أبلغت "الطرفين السودانيين" في الأزمة الحالية، في إشارة إلى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ضرورة وقف إطلاق النار، وأنها تنسق مع السعودية جهود إنهاء الأزمة.
بيان وزارة الخارجية جاء عقب اتصال هاتفي بين وزير خارجية مصر سامح شكري، ونظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، في ظل استمرار الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" شبه العسكرية لليوم الثالث على التوالي.
هجوم واشتباك بين الجيش السوداني وقوات الدعم
في حين أنه ومنذ السبت، تحوّل الطرفان الحليفان؛ رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، إلى متنازعَين، عقب تبادل قوات الجيش برئاسة الأول و"الدعم السريع" بزعامة الثاني، اتهامات ببدء كل منهما هجوماً على مقار تابعة للآخر.
بدأ نزاع البرهان وحميدتي إثر خلاف بدأ بتحريك الأخير قواته نحو عدة مدن سودانية دون إذن من قيادة المؤسسة العسكرية التي يترأسها الأول.
سامح شكري يهاتف فيصل بن فرحان
وفق بيان الخارجية المصرية، "أجرى شكري اتصالاً هاتفياً مع الأمير فيصل بن فرحان، وبحث معه مستجدات الأزمة في السودان". واتفق الجانبان على "ضرورة بذل كافة الجهود للحفاظ على استقرار وسلامة دولة السودان وشعبها"، بحسب البيان ذاته.
كشف شكري، خلال الاتصال الهاتفي، أن مصر نقلت "رسائل للطرفين السودانيين تشدد على أهمية تغليب الحكمة والاستماع لصوت العقل بشكل يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار". ووفق الخارجية المصرية، "اتفق الوزيران على استمرار التشاور والتنسيق خلال الأيام القادمة، لمتابعة تطورات الأزمة وجهود احتوائها".
أما يوم الأحد، وبدعوة من مصر والسعودية، فعقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (21 عضواً)، اجتماعاً طارئاً دعا في ختامه إلى وقف النار. والأحد أيضاً، أبلغ وزير الخارجية السعودي كلاً من البرهان ونائبه "حميدتي" أهمية التهدئة والعودة إلى "الاتفاق الإطاري".
يذكر أنه في عام 2013 جرى تشكيل "الدعم السريع" لمساندة القوات الحكومية في قتالها ضد الحركات المسلحة المتمردة بإقليم دارفور (غرب)، ثم تولّت مهامّ منها مكافحة الهجرة غير النظامية على الحدود وحفظ الأمن، قبل أن توصف في النزاع الحالي بين البرهان وحميدتي بأنها "متمردة".