ينتظر صندوق النقد الدولي رؤية مصر في تنفيذ المزيد من الإصلاحات واسعة النطاق التي تعهدت بها، قبل إجراء المراجعة الأولى لبرنامج إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار، بحسب ما نقلته وكالة بلومبرغ الأمريكية، الأحد 16 أبريل/نيسان 2023، عن أشخاص مطلعين.
إذ قال الصندوق الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، إنَّه يريد أن يرى صفقات خصخصة لأصول الدولة، ومرونة حقيقية في العملة المصرية لضمان نجاح المراجعة، بحسب ما قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، لأنَّ الأمر يتعلق بالسرية.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، وافق صندوق النقد الدولي على برنامج مدته 46 شهراً لمصر، ما يشير لاحقاً إلى أنَّ المراجعة من المحتمل أن تكتمل في مارس/آذار.
وفي مؤتمر صحفي الخميس، قال جهاد أزعور، مدير صندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى، إنَّ "مرونة سعر الصرف هي أفضل وسيلة لمصر لحماية اقتصادها من الصدمات الخارجية".
أزعور أشار إلى أنَّ هناك أيضاً حاجة إلى إعادة تصميم دور الدولة للتركيز على القطاعات ذات الأولوية، وفسح المجال لقدرة القطاع الخاص المصري على تحقيق النمو وتوفير المزيد من العملات الأجنبية.
وفي ذات اليوم، قالت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إنَّ الصندوق يستعد لإجراء المراجعة، دون إعطاء جدول زمني. وقالت للصحفيين إنَّ "الفرق تعمل، وأنا واثقة من أنَّنا سنحقق نتيجة جيدة".
تمثل صفقة صندوق النقد الدولي عنصراً حيوياً في جهود مصر لتحويل الاقتصاد الذي انزلق إلى أزمة بسبب صدمات الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث يعاني من أسوأ أزمة للعملات الأجنبية وأعلى معدل تضخم منذ سنوات.
ويفترض أن يحفّز دعم الصندوق استثمارات بمليارات الدولارات من الحلفاء الخليجيين، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي وصفها صندوق النقد الدولي بأنَّها "بالغة الأهمية".
القطاع الخاص
كما يتطلع صندوق النقد الدولي إلى رؤية مصر تحد من دور الدولة في الاقتصاد، عبر خطوات تشمل بيع حصص في الشركات المحلية. فقد اشتكت الشركات الخاصة مراراً من أنَّ المنافسة غير العادلة من قبل مؤسسات الدولة، بما في ذلك تلك التي يملكها الجيش، تعيق الاستثمار الأجنبي على نطاق واسع.
يأتي ذلك بينما توضح سياسة ملكية الدولة الجديدة التي تم تقديمها في أواخر عام 2022 دور القطاع العام، ويُفترض أن تعزز مشاركة القطاع الخاص في مشاريع التنمية. بموجب اتفاقية الصندوق، يجب على الكيانات المملوكة للدولة أيضاً تقديم تقارير مالية إلى وزارة المالية، ومع ذلك حذر المُقرض من "مقاومة محتملة من جانب المصالح الخاصة".
وفي فبراير/شباط 2023، كشفت الحكومة عن قائمة تضم 32 شركة ستبيع منها حصصاً في غضون عام، حيث قال وزير المالية محمد معيط إنَّ العدد قد يرتفع، وإنَّ بعض الأصول ستطرح في السوق في أبريل/نيسان.
ووفقاً لبرنامج صندوق النقد الدولي؛ فإنه يُتوقَّع أن تجمع مصر ملياري دولار من بيع حصص مملوكة للدولة خلال السنة المالية الحالية التي تنتهي في يونيو/حزيران.
سعر الجنيه
حول العملة، فإن إصلاحها هو قضية حاسمة أيضاً، حيث قالت السلطات المصرية إنَّها تتحول إلى سعر صرف مرن، وخفّضت قيمة الجنيه ثلاث مرات منذ مارس/آذار 2022، لكنَّ فترات الاستقرار الطويلة للجنيه حتى مع انخفاض قيمته في السوق السوداء المحلية، أثارت تساؤلات حول التزامها.
وبخصوص مخاوف التضخم والتأثير على الاستقرار الاجتماعي في بلد يزيد عدد سكانه عن 104 ملايين نسمة، قد يضعان قيوداً على السياسة النقدية، حيث حذر صندوق النقد الدولي، في يناير/كانون الثاني، من أنَّ البنك المركزي المصري "قد يواجه ضغوطاً سياسية واجتماعية لعكس مساره".
كانت دول الخليج الغنية بالطاقة في السابق مصادر سريعة وموثوقة لمساعدة مصر، لكن في حين وعدت المملكة العربية السعودية وقطر بأكثر من 10 مليارات دولار كاستثمارات منذ حوالي عام، لم يتحقق منها سوى جزء بسيط؛ حيث يضغط البلدان لمزيد من الوضوح بشأن السياسات بشأن العملة وأدلة على إصلاحات أعمق.
وستؤدي الموافقة على المراجعة، التي ينبغي أن يناقشها مجلس إدارة صندوق النقد الدولي بحلول شهر يونيو/حزيران، إلى حصول مصر على شريحة ثانية من القرض، بقيمة 261.13 من حقوق السحب الخاصة لدى الصندوق (حوالي 354 مليون دولار).
ويمكن لصندوق النقد الدولي أن يجمع بين المراجعات في بعض الحالات، ما يعني أنَّه إذا لم تكتمل المراجعة الأولى بحلول يونيو/حزيران، فيمكن دمجها مع المراجعة التالية المقرر إجراؤها في النصف الثاني من عام 2023.