أوردت وثائق سرية أمريكية حصلت عليها صحيفة The Washington Post الأمريكية، ونشرتها في تقرير لها الجمعة، 14 أبريل/ نيسان 2023 أن قوات "سبيتسناز" الخاصة الروسية قد تعرّضت لخسائر مدمرة في حرب أوكرانيا، وأن إعادة بنائها تحتاج إلى سنوات.
لم يُكشف عن هذه المعلومات من قبل، وقد وردت ضمن الوثائق السرية التي تسربت إلى شبكة الإنترنت عبر منصة الدردشة الإلكترونية "ديسكورد" Discord.
اعتماد روسيا على الوحدات الخاصة في أوكرانيا
في سياق متصل، فقد أرجع مسؤولون أمريكيون التقديرات الواردة في هذه التقارير إلى الاعتماد المفرط للقادة الروس على الوحدات الخاصة بين تشكيلات المشاة التي تقاتل في جبهات القتال الأمامية، والتي تكبدت -مثل القوات الأوكرانية- خسائر هائلة من القتلى والجرحى.
جرت العادة أن تُكلف قوات سبيتسناز الخاصة بالمهمات السرية عالية الخطورة -التي شملت مثلاً الأوامر بأسر رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي- إذ تتلقى هذه القوات أكثر التدريبات تقدماً في الجيش الروسي. لكن بعد أن شنّت موسكو حربها على أوكرانيا العام الماضي، فإن كبار القادة الروس المتحمسين لاغتنام القوة الدافعة للحرب والمرتابين في براعة الجنود العاديين انحرفوا عن القواعد المألوفة، وأمروا بمشاركة قوات النخبة في القتال المباشر، وفقاً لما خلصت إليه تقارير للاستخبارات الأمريكية، ومحللون مستقلون معنيون بمراقبة قوات سبيتسناز الخاصة الروسية.
استنزاف وحدات الكوماندوز الروسية في الحرب
قال مراقبون إن القوات الروسية تأثرت بالاستنزاف السريع لوحدات الكوماندوز الخاصة في بداية الحرب، فحدَّ ذلك بشدة من قدرة موسكو على استخدام هذه القوات في العمليات السرية اللازمة لدعم عمليات القتال التقليدية.
يذهب مسؤولون أمريكيون في تقارير يمتد تاريخها من أواخر عام 2022 إلى مطلع هذا العام، إلى أن الخسائر الهائلة التي تكبدتها هذه الوحدات ستنتقص من فاعليتها، ليس فقط في أوكرانيا، ولكن أيضاً في مناطق مختلفة من العالم تعمل فيها القوات الروسية.
في حين يبدو العجز الذي تعانيه هذه الوحدات -بفعلِ الخسائر التي تعرضت لها- واضحاً في صور الأقمار الاصطناعية الواردة بين المواد المسربة. إذ تكشف صور ملتقطة لقاعدة يستخدمها "لواء العمليات الخاصة سبيتسناز 22" جنوبي روسيا قبل مشاركة اللواء في قتال أوكرانيا وبعدها، أن "جميع فرق اللواء الخمسة التي عادت من العمليات القتالية في أوكرانيا أواخر صيف 2022، قد تكبدت خسائر كبيرة، ما عدا فرقة واحدة".
تتضمن الوثيقة صورتين علويتين بالأقمار الاصطناعية، التُقطت إحداهما في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أي قبل أشهر من بدء الغزو، والأخرى التُقطت بعد عام. وقد أظهرت الصورة الأولى ساحة مزدحمة تعج بالمركبات، أما الصورة الأخرى فتُظهر عودة أقل من نصف مركبات "غاز 2975" التكتيكية التابعة للواء، وتدلل على ما خلص إليه مسؤولون أمريكيون من أن هذه القوات قد استُنزفت بشدة بعد أشهر من القتال. وتشير التقديرات إلى أن اللواء 22 ولواءين آخرين لقوات سبيتسناز قد تكبدت خسائر بلغت نسبتها نحو 90% إلى 95% من إجمالي قوام هذه القوات.
يزيد من تأثير هذه الخسائر أن روسيا فقدت بها كثيراً من الخبرات التي كانت موجودة داخل قوات النخبة. وخلصت التقارير الواردة في الوثائق الأمريكية إلى أن جنود سبيتسناز يحتاجون إلى تدريبات خاصة على مدى 4 سنوات على الأقل لاستعادة الجاهزية، وأن روسيا تحتاج إلى عقد من الزمن لإعادة تشكيل هذه الوحدات.
وثائق ترصد حجم القتل في صفوف جيش روسيا
من جهة أخرى، لا تذكر الوثائق عدد جنود سبيتسناز الذين قُتلوا وجرحوا في أوكرانيا، لكن بعض التقارير المعتمدة على اعتراض لمعلومات استخباراتية، تذهب إلى أن إحدى الوحدات -الوحدة 346- "خسرت اللواء بأكمله تقريباً، إذ لم يتبق إلا 125 فرداً مؤهلاً للقتال من بين 900 فرد" أُرسلوا للقتال في أوكرانيا.
في حين تمكن محللو الاستخبارات الأمريكية من تعقب جميع وحدات سبيتسناز التي عادت إلى موطنها من أوكرانيا، ما عدا واحدة منها: هي فوج "سبيتسناز 25". وتقول الوثائق إن عجز الاستخبارات عن تعقب آثار الوحدة ربما يرجع إلى فداحة الخسائر التي تعرضت لها في الأفراد والمعدات.
قال روب لي، الخبير في الشؤون العسكرية الروسية والزميل البارز في معهد أبحاث السياسة الخارجية الأمريكي، إن جنود المشاة الآلية أبانوا عن ضعف فاعليتهم في روسيا، فلجأ القادة الروس إلى الاستعاضة عنهم بوحدات من قوات النخبة المحمولة جواً والمشاة البحرية ووحدات سبيتسناز الخاصة.