كشفت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، أن مصدر معظم وثائق البنتاغون السرية المسربة التي يزيد عددها على أكثر من 60 وثيقة، هو مركز عمليات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وهيئة الأركان المشتركة في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، بينما تكافح واشنطن للوصول إلى تفاصيل العملية التي أزعجت أمريكا وأقرب حلفائها.
حسب تقرير الصحيفة الذي نُشر الخميس 13 أبريل/نيسان 2023، يأتي ذلك على الرغم من أن هذه الوثائق لا يطلع عليها في العادة إلا صانعو القرار رفيعو المستوى بالبنتاغون في أوساط محصنة من المراقبة الإلكترونية، ومؤمَّنة من التسريب.
تدابير استخباراتية مستعجلة
هذا الأمر دفع وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) إلى البدء فوراً، في الحد من الأشخاص الذين يتلقون ملخصات استخباراتية يومية سرية للغاية في جميع الجهات الحكومية.
بينما قالت مصادر مطلعة لشبكة CNN، إن بعض المسؤولين الأمريكيين الذين اعتادوا تلقي المواد الإعلامية يومياً، توقفوا عن تلقيها في الأيام الأخيرة، حيث تواصل هيئة الأركان المشتركة في البنتاغون تقليص قوائم التوزيع الخاصة بها.
فيما بدأت هيئة الأركان المشتركة، التي تضم أعلى قيادة نظامية في وزارة الدفاع تقدم المشورة للرئيس، بفحص قوائم التوزيع الخاصة بها فور علمها بمجموعة وثائق البنتاغون السرية المسربة والتي كان للعديد منها علامات تشير إلى أن استخبارات هيئة الأركان المشتركة أنتجتها، وهي الذراع المعروفة باسم J2.
في الوقت ذاته قال مسؤولو إنفاذ القانون إن مكتب التحقيقات الفيدرالي يفحص في تحقيقه الجنائي أدلة مشتقة من الصور التي تداولها الناس على الإنترنت في الأسابيع الأخيرة. وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أن بعض وثائق البنتاغون السرية تداولها مئات من الأشخاص، وبعضها لم يطلع عليه إلا مجموعة أقل بكثير. وقالوا إن تركيز التحقيقات على أكثر الوثائق سرية سيُساعد المحققين في تضييق نطاق البحث عن المشتبه فيهم بتسريب الوثائق.
المحققون يتعقبون مصدر التسريب
كما أشار مسؤولون استخباراتيون سابقون ومسؤولون في البنتاغون إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية لديها تدابير شاملة للتعامل مع المستندات السرية الرقمية والورقية. ولذلك فإن طباعة المستندات المصنَّفة دائماً ما يكون له أثر رقمي من نوع ما، ويعمل المحققون على تعقب هذه الآثار للكشف عن مصادر التسريب.
تتصل الطابعات الحكومية بشبكات إلكترونية سرية، وتحتفظ بسجلات مفصلة لجميع المستندات السرية التي تطبع بواسطتها. ولفتت مصادر مطلعة إلى أن بعض المستندات المصنفة بالسرية تحتوي على علامات غير مرئية يمكن أن تساعد في تُعقب مصدر التسريب. وقالت المصادر إن كثيراً من الجهات المعنية بتداول هذه الوثائق تشتمل على كاميرات داخلية للكشف عن سرقة المستندات الورقية.
مع ذلك، قال غلين غيرستيل، المستشار العام السابق لوكالة الأمن القومي، إن هناك عدداً كبيراً من الأشخاص لديهم إمكان الوصول إلى هذا النوع من الوثائق، لا سيما أنها شائعة الاستخدام في إطلاع صانعي السياسات البارزين بأجهزة مختلفة في الحكومة على آخر المستجدات الاستخباراتية.
كما أوضح غيرستيل أن "تقارير الإحاطة الصادرة عن وكالة الاستخبارات المركزية تُرسل إلى كثير من المسؤولين، مثل نواب الكونغرس. وتُرسل تقارير هيئة الأركان المشتركة إلى عدد كبير من كبار القادة العسكريين"، و"الوثائق تتوافر في نسخ رقمية ومطبوعة، وتُتخذ تدابير أمنية كبيرة لحماية الوثائق"، و"إن طُبعت أيٌّ من هذه التقارير، فإنها تُطبع بواسطة طابعات محمية من الاختراق. ولا تُترك على المكاتب، كما يحدث في أماكن العمل الحكومية العادية".
وقال جوشوا سكول، أحد كبار التنفيذيين السابقين في مكتب التحقيقات الفيدرالي، إن "المكتب سيُجري تحليلاً معملياً للأدلة التي جُمعت، لفحص نوع الورق والحبر وغيرهما من العناصر التي يمكن تعقب مسار الوثائق بها"، و"هذا عمل آخر من أعمال التحقيق التقليدية، إضافة إلى الفحص بتقنيات الأدلة الجنائية".
وثائق البنتاغون السرية طُبعت
لم تتمكن صحيفة The Wall Street Journal من التحقق من موثوقية المستندات من مصدر مستقل، لكنها تحتوي على تفاصيل تكفي لمنحها قدراً من المصداقية. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع إن بعض وثائق البنتاغون السرية يمكن أن تكون أصلية.
من جهة أخرى، يبدو أن المستندات المسربة قد طُبعت مرتين، وطُويت مرتين. ويُرى عناصر مرئية واضحة في خلفية بعض الصور، مثل مجلة لشؤون الصيد وسكين وأنبوب غراء. وقد تدل هذه القرائن على كيفية تسريب الوثائق ومصدر تسريبها في البداية ضمن مجموعة صغيرة من مستخدمي منصة "ديسكورد" Discord الشائع استخدامها بين عشاق ألعاب الفيديو الإلكترونية.
مع ذلك، يرى مسؤولون عسكريون سابقون أن هذه القرائن قد تكون مختلقة من جهة تُريد خداع المحققين. ولم يقطع المحققون بعدُ باستبعاد احتمال أن يكون نشر الوثائق عملية استخباراتية ترعاها جهة أجنبية وقد صُممت لتبدو كأنها تسريب، أو أنها معلومات سرية فقدت بالخطأ، ثم نشرها بعد ذلك أشخاص غير مصرح لهم بالاطلاع عليها.
في غضون ذلك، قال براد سميث، رئيس شركة مايكروسوفت، يوم الأربعاء 12 أبريل/نيسان، إن "فريق تحليل المخاطر الرقمية" التابع لشركته قد اكتشف مساعي روسية في الأشهر الأخيرة، للتسلل إلى المجموعات المعنية بالألعاب الرقمية عبر الإنترنت. وقد سبق أن استخدم جواسيس وإرهابيون وسائط الدردشة في الألعاب الإلكترونية كوسائل اتصال سرية فيما بينهم.