يجري مستثمرون في "وادي السيليكون" زيارات إلى الشرق الأوسط، لبناء علاقات طويلة الأمد مع صناديق الثروة السيادية، من أجل البحث عن التمويل، وذلك وسط أسوأ أزمة تمويل تواجهها شركات رأس المال الاستشاري منذ ما يقرب من عقد من الزمان، إضافة إلى تزايد رغبة دول المنطقة في تنويع مصادر اقتصادها.
صحيفة Financial Times البريطانية نقلت الأربعاء 12 أبريل/نيسان 2023، عن أشخاص مطلعين – لم تذكر أسماءهم – قولهم إن عدداً من كبرى شركات رأس المال الاستثماري، مثل أندريسن هورويتز، وتايغر غلوبال، وIVP أرسلوا فرقاً من المديرين التنفيذيين إلى السعودية والإمارات وقطر في الأسابيع الأخيرة.
تأتي هذه الزيارات في وقت يواجه فيه الداعمون التقليديون لهذه الشركات في أمريكا الشمالية وأوروبا أزمات اقتصادية، تجبرهم على الحد من الاستثمارات الخاصة.
ما يشجع هؤلاء المستثمرين على القدوم إلى المنطقة أيضاً، سعي المسؤولين الخليجيين وأفراد العائلة المالكة الشباب، إلى تنويع مصادر اقتصادهم بعيداً عن النفط، عبر الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا مثل الذكاء الاصطناعي.
هذا يعني أيضاً أن بعض المستثمرين تراجعوا عن قرارات سابقة، برفض الاجتماع مع السعودية أو الحصول على تمويل منها، جراء الانتهاكات الحقوقية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 في قنصلية بلده بمدينة إسطنبول.
مصدر مطلع قال للصحيفة البريطانية إن عدداً من المديرين التنفيذيين في وادي السيليكون تلقوا دعوة شخصية من مكتب ياسر الرميان، محافظ صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادي السعودي)، الذي تبلغ قيمته 620 مليار دولار، ليكونوا ضيوفه في سباق الفورمولا 1 الشهر الماضي في جدة.
كان من بين المدعوين إلى المملكة، المؤسس المشارك لشركة أندريسن هورويتز بن هورويتز، وهذه الزيارة هي الثانية للمستثمر المخضرم للسعودية في أقل من ستة أشهر.
من جانبها، كشفت "سنابل"، الذراع الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة، مؤخراً عن شراكتها مع ما يقرب من 40 شركة أمريكية، من ضمنها أندريسن هورويتز، وCoatue Management، وشركة ديفيد ساكس Craft Ventures، وInsight Partners و9Yards Capital، التي يشارك فيها المستشار البريطاني السابق جورج أوزبورن. ولكن لم يُكشف عن المبالغ المستثمرة في هذه الشركات.
هذا الاستعداد لإقامة شراكات تجارية في المنطقة واجه بعض الانتقادات، إذ قال كيث رابوا، الشريك المؤسس في شركة رأس المال الاستثماري Founders Fund: "أنا لا أغير قيمي ومبادئي؛ لأن بيئة التمويل صعبة"، وكان رابوا قد قال عام 2018 إن قبول شركات وادي السيليكون للأموال السعودية "ضرب من النفاق".
لكن ميتشل غرين، مؤسس شركة ليد إيدج، الذي ساهم باستثمارات في شركتي "علي بابا" و"أوبر"، قال إنه قضى الأسابيع القليلة الماضية في "بناء علاقات طويلة الأمد" مع أشخاص وشركات في الخليج.
أضاف غرين: "نعتقد أنها ستصبح منطقة ذات أهمية متزايدة في العالم خلال العقد القادم. وهذا يذكرنا بالذهاب إلى الصين عام 2003".
بدوره، قال أحد الشركاء في صندوق استثمار يدير أكثر من 4 مليارات دولار: "هؤلاء الرجال بنوا نماذجهم على استثمارات كبيرة وسريعة، وهم الآن أسرى لدورة رأس المال".
كان صندوق الاستثمارات العامة في السعودية، تحديداً، قد تغلغل تدريجياً في شركات التكنولوجيا الأمريكية باستثماراته خلال العقد الماضي.
ساهم الصندوق بمبلغ 45 مليار دولار في صندوق SoftBank Vision الذي تبلغ قيمته 100 مليار دولار عام 2016، وساهم باستثمارات مباشرة كبيرة في شركات التكنولوجيا الأمريكية، من ضمنها استثمار بقيمة 3.5 مليار دولار في أوبر عام 2016، كما ساهم بأكثر من مليار دولار في شركة لوسيد موتورز لصناعة السيارات الكهربائية عام 2018.