فرَّ آلاف الرجال من البلاد أو قرروا الاختباء عندما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن تعبئةٍ الخريف الماضي، لكن التدابير الجديدة التي مررها مجلس الدوما الثلاثاء 11 أبريل/نيسان 2023، ستجعل مهمة تهرُّب الروس من التجنيد الإجباري "شبه مستحيلة" في المستقبل.
إذ ينص القانون على إرسال خطابات استدعاء عسكرية إلكترونية مع حظر مغادرة المجندين للبلاد، مما سيُتيح تعبئة الآلاف من الرجال للقتال في هدوء، بحسب ما نشرته صحيفة Washington Post الأمريكية، الأربعاء 12 أبريل/نيسان 2023.
ووافق مجلس الدوما على تمرير التشريع بالإجماع، مع امتناع عضو واحد فقط عن التصويت، بينما من المقرر أن يعتمده مجلس الاتحاد الأربعاء 12 أبريل/نيسان، قبل إرساله إلى بوتين للحصول على موافقته المتوقعة.
يُذكر أن ضباط الجيش كانوا ملزمين بتسليم الإشعارات الورقية بأنفسهم، وذلك خلال التعبئة الفوضوية التي جرت العام الماضي؛ مما تسبب في ظهور مشاهد لشباب يجري إمساكهم في الشوارع ومحطات مترو الأنفاق، أو يجري تثبيتهم على الأرض بالقوة داخل مراكز التسوق.
وفي بعض الحالات، سجّل المارة مقاطع فيديو تُظهر الرجال وهم يركضون أمام مسؤولي الجيش في الشوارع.
قواعد جديدة تمنع التهرب
بموجب القواعد الجديدة، ستصدر خطابات الاستدعاء الإلكترونية للمجندين بموجب قانون الخدمة العسكرية الإلزامية الروسي، وذلك للرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و27 عاماً. ومن المحتمل أن يجري إصدار تلك الخطابات لجنود الاحتياط في الجيش الروسي وغيرهم أيضاً.
ينص القانون الروسي على عدم إرسال المجندين إلى أوكرانيا، لكن ظهرت شكاوى تقول إن بعض المجندين أُرسِلوا إلى هناك وقُتِلوا في المعارك.
بينما تحدث أندريه كارتابولوف، رئيس لجنة الدفاع بمجلس الدوما، عن العقوبات الصارمة التي ستلحق بمن لم يردوا على خطابات الاستدعاء الإلكترونية.
وتشمل العقوبات إمكانية منعهم من القيادة، أو تسجيل شركات، أو العمل لحسابهم الخاص، أو الحصول على ائتمانات وقروض، أو بيع الشقق، أو شراء العقارات، أو الاستفادة بالخدمات الاجتماعية. ومن الممكن تطبيق هذه العقوبات على آلاف الرجال الموجودين خارج البلاد بالفعل.
وسيجري إصدار خطابات الاستدعاء الإلكترونية عبر بوابة خدمات الحكومة (غوساسلوجي Gosuslugi)، التي تُستخدم لكافة أشكال المدفوعات والخدمات الحكومية مثل الضرائب، وجوازات السفر، وخدمات الإسكان، والخدمات الاجتماعية، ووثائق النقل، والمواعيد الطبية، وتأمينات الموظفين، وغيرها من الخدمات التي لا حصر لها.
ينص القانون على نقل كافة البيانات الشخصية للمجندين إلى مكاتب التجنيد العسكرية بواسطة بوابة خدمات الحكومة، ويشمل ذلك وثيقة الهوية، والرقم الضريبي الشخصي، وتفاصيل رخصة القيادة، وأرقام الهواتف، وغيرها من المعلومات. كما يتعيّن على الجامعات، وأصحاب الشركات، والمستشفيات، والعيادات، والوزارات الحكومية، ووكالات تطبيق القانون، ولجنة الانتخابات، ومصلحة الضرائب أن تنقل بياناتها إلى الجيش.
وتُسلّط القواعد الجديدة الضوء على حاجة روسيا لمزيد من الأفراد العسكريين، في ظل حرص الكرملين على اجتناب تدابير التعبئة التي لا تحظى بشعبية، حيث تأتي القواعد في أعقاب هجوم الشتاء الذي لم يكن فعالاً بدرجةٍ كبيرة، ولم يحقق كثيراً من المكاسب رغم خسائره المرتفعة، وقبيل الهجوم الأوكراني المضاد المتوقع قريباً.
يعكُف الكرملين على إعداد الروس لحرب طويلة، لهذا فإن الحاجة لتعزيز وحدات الجيش الروسي المستنزفة باستمرار قد تظل قائمةً لسنوات.
يُذكر أن وزارة الدفاع الروسية جنّدت مئات السجناء مؤخراً بعقود لمدة 18 شهراً؛ من أجل القتال في الحرب، وفقاً لمنظمة Russia Behind Bars الحقوقية، وذلك بعد منع مجموعة فاغنر من تجنيد السجناء.
كما يعرض الجيش منح جوازات السفر الروسية للأجانب الذين ينضمون إلى القوات المسلحة الروسية، فضلاً عن إدارته لحملة تجنيد تطوعي.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أعلن وزير الدفاع سيرغي شويغو عن خططه لزيادة حجم الجيش الروسي بنسبة 30%، حتى يصل تعداده إلى 1.5 مليون جندي يضمون 695 ألف جندي بعقود تطوعية.
بينما قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، إن القانون الجديد "ضروري للغاية"، لكنه أردف أن القانون لا علاقة له بتعبئة مزيد من الجنود للقتال في الحرب، حيث أوضح: "يجب علينا تحسين وتحديث نظام المحاسبة العسكرية"