أثار الدخول المفاجئ لبابا الفاتيكان فرنسيس إلى المستشفى، الأسبوع الماضي، على إثر مشكلات صحية يعاني منها، تساؤلات جديدة حول مستقبله على رأس الكنيسة الكاثوليكية، كما أحيا أملاً لدى خصومه من المحافظين، الذين يرغبون في رؤية تغيير في المنصب البابوي.
المحرّر في صحيفة "لا كروا" الفرنسية، روبرت ميكنز، قال إن المشاكل الصحية للحبر الأعظم "تعطي بعضاً من الأوكسجين" للمحافظين الذين يقدّمونه على أنه بابا ضعيف، ويرغبون في رؤيته ينتحّى كما فعل سلفه البابا بنديكتوس السادس عشر في العام 2013، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
لطالما ترك البابا فرنسيس المجال مفتوحاً أمام إمكانية تنحيه عن منصبه، وفي العام 2022، اضطر البابا فرنسيس مراراً إلى إلغاء أنشطة أو اختصارها بسبب آلام في الركبة، وأقر في مقابلة أُجريت معه، في يوليو/تموز 2022، بأنه يحتاج إلى تقليص أنشطته.
لكن البابا أكّد، في فبراير/شباط، أن الاستقالة غير واردة "على جدول أعماله في الوقت الحالي"، غير أن بقاءه ثلاثة أيام في مستشفى "جيميلي" في روما أحيا التكهّنات، ما أثار "حركة محمومة" في صفوف حلفائه كما هو الحال لدى أشدّ منتقديه، حسبما رأى خبير شؤون الفاتيكان في صحيفة "كورييري ديلا سيرا"، ماسيمو فرانكو.
فرانكو قال في تصريح أوردته الوكالة الفرنسية، إنه "لم تعد التكهنات حول مستقبل البابوية مجرد نظريات".
تأتي المشاكل الصحية التي تصيب البابا فرنسيس مع تزايد الانتقادات في الفاتيكان لكيفية إدارته للكنيسة، وخصوصاً بعد وفاة البابا السابق بنديكتوس السادس عشر، في 31 ديسمبر/كانون الأول 2022.
لم تمضِ بضعة أيام على وفاة بنديكتوس حتى دشن سكرتيره الخاص المونسنيور يورغ غانسفاين، حملة الانتقادات للبابا، مؤكداً أن فرنسيس "حطّم قلب" سلفه عبر حدّه من استخدام اللغة اللاتينية في القداس.
لم تكن الانتقادات الصادرة عن الأسقف الألماني معزولة، بل تأتي ضمن خط يتبعه بصورة خاصة المحافظون في الفاتيكان، حيال ما يُعرف بـ"نهج فرنسيس"، متهمين إياه بالتساهل في العقيدة وباعتماد قدر من التسلط.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2015، ووسط دعوات من البابا للمحافظين لتفهّم وضع المطلّقين والمتزوجين أكثر من مرة، اضطرّ الفاتيكان إلى نفي شائعات مفادها أن البابا يعاني ورماً دماغياً.
لعبة "الشائعات هذه انطلقت مجدداً"، بحسب الصحفي المتخصص في شؤون الفاتيكان ياكوبو سكاراموتزي، في ظلّ انتشار شائعات مفادها أن البابا مصاب بسرطان منتشر في كل جسمه منذ خضوع لجراحة القولون، وقال البابا حينها "البعض يريدني ميتاً".
اعتبر سكاراموتزي أن أعداء البابا فرنسيس يجعلون من مشاكله الصحية "ساحة معركة عبر المبالغة في بعض المعلومات واختراع أخرى بالكامل".
في حين أوضح المحرر في صحيفة "لا كروا"، روبرت ميكنز: "لم نعد نعلم إذا كان بابا الفاتيكان يعاني مشاكل صحية أكبر أو إذا كان مصاباً بورم كما رجّح البعض"، لأنه يتحفّظ عن إعطاء الكثير من المعلومات عن نفسه.
غير أن نقص الشفافية هذا يغذّي التكهّنات حول الفترة المتبقية له على رأس الكنيسة الكاثوليكية.
مشاكل صحية مزمنة
يعاني بابا الفاتيكان الأرجنتيني مشاكل صحية مزمنة، وبات يستخدم كرسياً متحركاً بسبب آلام في الركبة، وفي يوليو/تموز 2021، خضع لعملية جراحية في القولون.
ويوم الأربعاء 29 مارس/آذار 2023، أُدخل البابا البالغ 86 عاماً إثر إصابته بالتهاب الشعب الهوائية الى الجناح المخصص للبابوات في الطابق العاشر من مستشفى جيميلي الجامعي، الذي أدخل إليه مراراً البابا الراحل يوحنا بولس الثاني، والذي أنشئ في عام 1981.
بعد أيام من العلاج، خرج البابا فرنسيس من المستشفى، يوم السبت 1 أبريل/نيسان 2023، عائداً إلى الفاتيكان، حيث يرأس قداس أحد الشعانين، اليوم الأحد 2 أبريل/نيسان 2022، إيذاناً ببدء احتفالات عيد الفصح.
عند خروجه من المستشفى، قال البابا ممازحاً الصحفيين والعديد من الذين حضروا للاطمئنان على صحته: "ما زلت على قيد الحياة".
ولطالما أثار البابا فرنسيس، منذ تعيينه في العام 2013، جدلاً بالنسبة إلى مواقفه الليبرالية بشأن الميول الجنسية، خصوصاً بعد مقولته الشهيرة "من أنا لأحكم؟"، في يوليو/تموز 2013.
كذلك في نهاية يناير/كانون الثاني 2023، قال بابا الفاتيكان فرنسيس، في رسالة نشرها موقع "أوتريتش" Outreach، المتخصص في نشر مقالات ومعلومات قد تفيد الكاثوليكيين من مجتمع الميم-عين (المثليين)، إن الأشخاص الذين يجرّمون المثلية الجنسية "مخطئون"، في محاولة لتوضيح تعليقات سابقة له حول كون الممارسات الجنسية المثلية "خطيئة".
يُذكر أن بابا الفاتيكان، فرنسيس، كشف الأحد 18 ديسمبر/كانون الأول 2022، أنه بعد انتخابه في عام 2013، وقع خطاب استقالة لاستخدامه إذا حالت مشاكل صحية خطيرة ودائمة يوماً ما دون القيام بواجباته.