تشكل ناقلات النفط الروسية القديمة "أسطول الظل" التي لا تخضع للفحص والصيانة بالشكل السليم، خطراً كارثياً في البحر، لاسيما في حال تسرب منها آلاف الأطنان من الوقود الثقيل الذي قد يتسبب في إبادة طيور بحرية ومصايد أسماك، وتدمير شواطئ، بحسب تقرير وكالة Bloomberg الأمريكية، الأحد 26 مارس/آذار 2023.
الوكالة أشارت إلى أنه عادةً ما تتحول ناقلات النفط القديمة إلى خردة، لكن ناقلة النفط الروسية توربا Turba التي تعمل منذ 26 عاماً، أُرسلت لنقل الوقود الثقيل في ميناء سانت بطرسبرغ الروسي عوضاً عن إرسالها إلى شاطئ في بنغلاديش أو الهند أو باكستان لتفكيكها.
ووفقاً للوكالة فإنّ نقل "توربا" إلى أسطول سري ضخم ينقل النفط الروسي إلى جميع أنحاء العالم، كان من تداعيات عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا، واستمرار عملها تذكير صارخ بأن عقوبات مجموعة الدول السبع على موسكو تنطوي على مخاطر بيئية.
فلم تخضع السفينة التي بنيت عام 1997 لفحص كامل منذ عام 2017، وفقاً لقاعدة بيانات مخصصة لتعزيز الشحن الآمن. وهي أيضاً لا تحمل التأمين الصناعي الاعتيادي، وتبحر تحت علم دولة ذات تصنيف ضعيف في الإشراف على السلامة البحرية.
لكن مصدر القلق الأكبر أن بعض السفن القديمة لا تخضع للفحص والصيانة بالشكل السليم، وهذا قد يؤدي إلى وقوع حادث كارثي في البحر.
ولم تكن نحو 40 سفينة نقلت النفط الروسي إلى الصين والهند بين أوائل ديسمبر/كانون الأول وأوائل فبراير/شباط، تحمل تأميناً من أعضاء المجموعة الدولية لنوادي الحماية والتعويض أو شهادات إدارة السلامة الروتينية، وفقاً لبيانات قاعدة السلامة البحرية Equasis. وثلاث من هذه الناقلات، من ضمنها "توربا"، لم تكن تحمل ما يسمى التصنيف الذي يوضح مدى صلاحيتها للإبحار.
أسوأ حوادث تسريبات النفط
وتستدعي "توربا" إلى الذاكرة واحداً من أسوأ حوادث تسريبات النفط من سفن النفط في التاريخ الأوروبي. إذ انشقت الناقلة برستيج Prestige إلى نصفين وسربت آلاف الأطنان من الوقود الثقيل إلى ساحل إسبانيا في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2002.
وقد أدى هذا الحادث إلى إبادة طيور بحرية ومصائد أسماك، وتدمير شواطئ في إسبانيا والبرتغال.
و"توربا" من عمر بريستيج نفسه، وتنقل النوع نفسه من البضائع ومن الميناء الروسي نفسه، وفقاً لبيانات شركة Kpler لتحليلات الشحن.
ولم تستجب وزارة النقل الروسية، ولا الوكالة الفيدرالية للنقل البحري والنهري الروسية، ولا هيئة روزموبورت Rosmorport، التي تشرف على البنية التحتية للموانئ، لطلبات التعليق. وأشارت البحرية التجارية الإسبانية إلى أنها لا يمكنها التحكم في أي نشاط خارج مياهها الإقليمية.
أسباب وجيهة
هناك أسباب وجيهة لوقف عمل ناقلات النفط وتحويلها إلى خردة حين يصل عمرها إلى 20 عاماً. وغالباً ما تكون مرتبطة بمحاولة إبقائها في الخدمة، لأن متطلبات السلامة والصيانة تزداد صعوبة.
ولكن هناك أيضاً تأثير سنوات من الأمواج العاتية، والتآكلات التي تسببها المياه المالحة والاستخدام شبه المستمر الذي يضغط على سلامة الهيكل وأنظمة الدفع.
وعادةً ما تخضع ناقلات النفط لعمليات فحص- تُعرف باسم المسوحات الخاصة- كل خمس سنوات تقريباً. وهذه المسوحات الخاصة قد تكلف ما بين 3 و4 ملايين دولار للناقلات الكبيرة، وتتطلب بعد ذلك فحصاً متوسطاً بعد نحو عامين ونصف العام.
وعادةً ما تكثف سلطات الموانئ فحصها للسفن القديمة أكثر من غيرها أيضاً. وزيادة النفقات وقلة الزبائن- في الأوقات العادية- تشجعان أصحابها على بيعها خردة.
الحظر الأوروبي
حظر الاتحاد الأوروبي، الذي كان أكبر مشترٍ للنفط الروسي منذ سنوات، معظم الصادرات الروسية المنقولة بحراً من شريكه التجاري وانضم إلى مجموعة السبع في وضع سقف لسعر خام موسكو عند 60 دولاراً للبرميل. ولا يزال ممكناً نقل النفط الروسي بأسعار أعلى من هذا السقف ولكن دون الخدمات الغربية مثل التأمين وطاقم العمل وتصنيف السفن والتمويل والنقل.
وكان تأثير ذلك إجمالاً زيادة عمليات النقل طويلة المسافة إلى الأسواق الكبيرة المتبقية لروسيا في آسيا، وإنشاء أسطول سري من الناقلات النشطة خارج نطاق شركات مجموعة السبع.
وغالباً ما تكون هياكل الملكية للشركات التي تبرم هذه الصفقات غامضة.
وشهد العام الماضي ارتفاعاً في مبيعات مشترين غير معروفين، إذ جرى تداول أكثر من 100 ناقلة نفط ووقود. وشهدت الفترة نفسها أيضاً انخفاضاً حاداً في أعداد الناقلات التي بيعت خردة، وفقاً لشركة Clarkson Research Services Ltd.، التي تعد واحدة من أقدم سماسرة السفن في العالم.
وبعض السفن القديمة تنقل حمولتها الخطرة في أعالي البحار، وغالباً في المياه الدولية قبالة اليونان أو معبر سبتة الإسباني في شمال إفريقيا.
ويقول أدي إمسيروفيتش، تاجر النفط الذي يشغل الآن منصب مدير شركة Surrey Clean Energy للاستشارات: "هذه الناقلات تشكل مخاطر بيئية ضخمة، وكان يُفترض تحويلها إلى خردة ولكنها الآن تُستخدم في نقل ملايين براميل النفط دون تأمين مناسب".