تظاهر المئات من النشطاء المتضامنين مع فلسطين، أمام مقر الحكومة البريطانية في داونينغ ستريت بالعاصمة البريطانية، مساء الجمعة 24 مارس/آذار 2023؛ وذلك احتجاجاً على زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي واجه أيضاً في لندن احتجاجات نظمها معارضون لـ"الانقلاب القضائي" الذي تسعى حكومته لإقراره رغم غضب ورفض واسع في تل أبيب.
بحسب مصدر خاص لـ"عربي بوست"، فقد نظمت التظاهرة بدعوة من المنتدى الفلسطيني في بريطانيا، وجمعية التضامن مع فلسطين في بريطانيا، وتحالف أوقِفوا الحرب، ومنظمة أصدقاء الأقصى، إضافة إلى الرابطة الإسلامية في بريطانيا.
وأعرب المتظاهرون عن غضبهم من استقبال نتنياهو، "المسؤول عن مقتل مئات الفلسطينيين ومعاناة الآلاف"، كما شاركت مجموعة من النشطاء اليهود ببريطانيا في الاحتجاج، وأعربوا عن رفضهم لزيارة نتنياهو.
ودعا المتظاهرون إلى إنهاء نظام الإفلات من العقاب الذي تتمتع به إسرائيل ومسؤولوها، كما دعوا إلى تحميل إسرائيل المسؤولية عن جرائمها ضد الإنسانية واحتلالها غير القانوني لفلسطين.
فيما أرسل المتظاهرون رسالة إلى الحكومة البريطانية، مفادها أن المسؤولين الإسرائيليين غير مرحب بهم في المملكة المتحدة، وأنه بينما تخوض المملكة المتحدة نزاعاً شرساً مع روسيا بسبب الحرب الدائرة على أوكرانيا، فمن المتوقع أيضاً أن تتخذ موقفاً مشابهاً ضد إسرائيل، بسبب انتهاكاتها من قتل وترهيب للفلسطينيين بشكل يومي.
من جانبه، قال زاهر بيراوي، رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا: "في ظل هذه التطورات، يتعين على المملكة المتحدة، وبدلاً من الترحيب بنتنياهو بأذرع مفتوحة، إصدار مذكرة توقيف بحقه بسبب جرائم الحرب التي ارتكبها ضد الشعب الفلسطيني".
وأضاف بيراوي: "للأسف، اختارت المملكة المتحدة مكافأة إسرائيل بخريطة طريق جديدة لعام 2030 تعزز رسمياً العلاقات بين المملكة المتحدة ودولة الفصل العنصري. لا تكتفي هذه الاتفاقية بتعزيز التشريعات المناهضة لحركة المقاطعة، ولكنها تلزم المملكة المتحدة أيضاً بتحدي جميع المحاولات الدولية التي تسعى لتحقيق العدالة ضد إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية".
خلال المظاهرة، ألقى ممثل عن مجموعة يهود من أجل العدالة خطاباً قارن من خلاله الحكومة الإسرائيلية بمعسكرات الاعتقال اليهودية خلال الحرب العالمية الثانية، قائلاً: "لم يتغير شيء، مجزرة حوارة تنسب إلى 19 مجزرة في عام 1948، صبرا وشاتيلا، مجازر جنين، قصف غزة، اغتيالات مسيرة العودة، القدس، الأطفال الأسرى الفلسطينيين، كثيرون في الحبس الانفرادي".
ومنذ بداية عام 2023، قُتل 90 فلسطينياً (بينهم 17 طفلاً وامرأة واحدة) بجميع أنحاء الأراضي الفلسطينية، في عام يعتبر من أكثر الأعوام دموية بالنسبة للفلسطينيين منذ عقود، كما تضاعفت قوة "الإرهاب" الذي ترعاه الدولة مثل ما حصل مؤخراً في قرية حوارة الفلسطينية التي هاجمها المستوطنون بشكل عنيف وطالب وزير إسرائيلي بمحوها عن الخريطة قبل أسابيع.
احتجاجات إسرائيلية
في سياق قريب، تعالت أصوات مئات المحتجين بالصراخ والصفير لدى وصول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، إلى مقر رئيس الوزراء البريطاني، إذ تبعته المعارضة لخططه لإصلاح النظام القضائي إلى لندن.
وصافح نتنياهو، رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك عند مدخل داونينغ ستريت، بينما سمعت أصوات المتظاهرين على مقربة منهما وهم يرفعون علم إسرائيل ويهتفون: "نتنياهو اذهب إلى السجن، لا يمكنك التحدث باسم إسرائيل".
تتشابه تلك المشاهد في لندن مع أخرى في برلين هذا الشهر، تجمع خلالها المئات للاحتجاج على التعديلات القضائية المزمعة التي دفعت بإسرائيل إلى أزمة.
وخارج "داونينغ ستريت" لوّح محتجون، أحاطت بهم الشرطة البريطانية والحواجز المعدنية، بأعلام إسرائيل، ورفعوا لافتات كتبوا عليها: "لا يمكنك الاستمتاع بعطلة نهاية أسبوع في لندن بينما تسقط الديمقراطية!".
ونظم يهود بريطانيون وإسرائيليون العديد من المظاهرات الحاشدة بلندن في الأسابيع القليلة الماضية، تحت شعار "دافعوا عن الديمقراطية"، للتعبير عن معارضتهم لإصلاحات نتنياهو القضائية، ومن المقرر أن يلتقي نتنياهو أيضاً وزيرة الداخلية البريطانية سويلا بريفرمان.
يأتي هذا في وقت تشهد فيه إسرائيل احتجاجات حاشدة على مدى أسابيع؛ اعتراضاً على محاولات ائتلاف نتنياهو الحاكم، المؤلف من أحزاب دينية وقومية، الدفع بتعديلات على النظام القضائي من شأنها أن تمنح الحكومة نفوذاً حاسماً في اختيار القضاة، وتحدّ من سلطة المحكمة العليا في إلغاء القوانين.
وتسببت الخطوة في قلق بالداخل والخارج على المعايير والتوازنات الديمقراطية في إسرائيل، فيما توقعت هيئات البث أنها ستتمكن من تصوير بداية الاجتماع بين نتنياهو وسوناك، لكن تم إلغاء ذلك فيما يبدو الجمعة.
وتصاعدت الاحتجاجات منذ بداية العام، عندما اقترحت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة تشريعاً جديداً من شأنه أن يحد من سلطة المحكمة العليا، فيما أثارت الخطة القلق في الداخل والخارج على وضع الديمقراطية في إسرائيل.
كما تم التصديق في وقت سابق، على قانون يضع قيوداً على الحالات التي يمكن فيها إقالة رئيس الوزراء.
وبموجب القانون الذي صدّق عليه الكنيست، يصعب عزل رئيس الوزراء الذي يتولى منصبه حالياً بنيامين نتنياهو، إذ قال الكنيست في بيان، إنه "تم التصديق على مشروع القانون بالقراءتين الثانية والثالثة، بأغلبية 61 عضو كنيست مقابل معارضة 47 نائباً".
ويقول نتنياهو، الذي يُحاكم بتهم فساد ينفي ارتكابها، إن إصلاح النظام القضائي ضروري لإعادة التوازن بين دوائر الحكم، ويقول منتقدون إن ذلك سيُضعف الديمقراطية في إسرائيل، وسيمنح الحكومة صلاحيات غير خاضعة للرقابة.