يخشى طالبو لجوء، في جنوب العاصمة البريطانية لندن، على أرواحهم، إذا أقدمت وزارة الداخلية على نقلهم، في غضون مهلة قصيرة، إلى منطقة دونستابل التي يستهدفها اليمين المتطرف، حسب ما ذكر موقع Middle East Eye البريطاني، الخميس 16 مارس/آذار 2023.
ونقل الموقع البريطاني عن طالبي اللجوء أنَّ فندقهم كان يؤوي في السابق 134 لاجئاً على الأقل، لكنه يضم الآن 30 رجلاً على الأقل من أفغانستان وإريتريا والهند والعراق والسودان وسوريا واليمن.
لكن في فبراير/شباط الماضي، نُقِل معظم الرجال إلى فندق ثانٍ في بيدفوردشير استهدفه اليمين المتطرف، حيث حثّت الشرطة طالبي اللجوء على عدم مغادرة المبنى حفاظاً على سلامتهم.
بينما أعرب العشرات من الرجال المتبقين في فندق غرينتش عن خوفهم من أنَّ الحياة التي بنوها خلال العامين الماضيين ستضيع إلى الأبد.
فقد وجد بعض الرجال مجتمعات رحبت بهم هناك، وأعطوهم طعاماً من أوطانهم الأصلية، وبدأوا الدراسة في الكليات المحلية، واشتركوا في الخدمات الصحية المحلية حيث تتوفر لهم مساعدات مثل العلاج والرعاية الطبية العاجلة.
بناء حياة في جنوب لندن
غيّر موقع Middle East Eye البريطاني أسماء الرجال الذين تحدثوا إليه حفاظاً على سلامتهم بينما ينتظرون نتيجة طلبات لجوئهم.
إذ وصف سامي، وهو رجل في منتصف الثلاثينيات من عمره، كيف بنى حياة في جنوب لندن منذ وضعته وزارة الداخلية البريطانية هناك.
سامي المقيم في هذا الفندق بجنوب لندن منذ ما يقرب من عام ونصف، قال: "عندما جئنا إلى هنا لأول مرة، لم يكن لدينا أحد نلجأ إليه باستثناء موظفي وزارة الداخلية والفندق الذين لم يقدموا لنا شيئاً سوى القلق والحزن".
وأردف: "لكن بعد ذلك، زوّدتنا الجمعيات الخيرية مثل جيش الخلاص بالمال والملابس، وساعدتنا في الوصول إلى الخدمات، وشرحت لنا كيفية طلب اللجوء هنا في بريطانيا".
وشارك أبو فرح، وهو أيضاً في الثلاثينيات من عمره، قلق سامي ومخاوفه بشأن خطط نقله إلى بيدفوردشير.
بعد أن ساعد أبو فرح في تنظيم طالبي اللجوء للاحتجاج على هذه الخطوة، قال إنَّ العديد من الرجال قلقون بشأن ما يخبئه المستقبل لهم، ويخشون أنَّ تهديدات اليمين المتطرف ستجعلهم محبوسين في سكنهم الجديد في بيدفوردشير.
أبو فرح أضاف: "يبدو كأنه سجن. أي نوع من الوجود هذا؟ هذا الفندق [في جنوب لندن] ليس مثالياً، لكن على الأقل يمكننا أن ندرس ونعيش حياة تشبه الحياة هنا".
من جانبها، أسست منى باني منظمة Revoke الخيرية المحلية التي تساعد الأطفال اللاجئين وطالبي اللجوء، وقالت إنَّ الاستقرار الذي وجده العديد من الرجال لأول مرة منذ سنوات في الفندق يُسحَب منهم، وغالباً دون فترة إنذار كافية.
وسلّطت منى الضوء أيضاً على عدد الرجال الذين يتلقون رعاية صحية عقلية مناسبة لاحتياجاتهم الثقافية، والذين يواجهون احتمال فقدان هذه المساعدة إذا نقلتهم وزارة الداخلية إلى مدينة نائية ليس بها سكان متنوعون عرقياً.
"ليست فنادق فاخرة"
وفقاً لصحيفة The Guardian، فإنَّ مجموعة "الوطنية البديلة" اليمينية المتطرفة توزع في منطقة دونستابل منشورات تحمل اسم الفندق الذي يأوي طالبي اللجوء، وعليها شعار: "أنت تدفع، والمهاجرون يبقون".
وفي وقت سابق من هذا العام، نشر أعضاء من منظمة الوطنية البديلة منشورات في منطقة في ميرسيسايد، واشتبكوا أيضاً مع نشطاء مؤيدين للاجئين بعدما نظم السكان مظاهرة عنيفة خارج فندق يضم طالبي لجوء.
وزعمت منشورات في الاحتجاج أنَّ طالبي اللجوء يقيمون في "فنادق خمس نجوم، بينما يتجمد البريطانيون في البرد".
لكن تؤكد منى باني أنَّ من المفاهيم الخاطئة الشائعة لدى البريطانيين أنَّ طالبي اللجوء المُودَعين في الفنادق يقيمون في أماكن إقامة فاخرة.
وأوضحت منى: "نحن لا نتحدث عن فنادق خاصة. إذ غالباً ما يعيش طالبو اللجوء هؤلاء في غرف مشتركة، حيث لا تتوفر لهم مساحات فردية، ولا يمكنهم الوصول إلى مرافق المطبخ، ولا يتمتعون بالاستقلالية نظراً لأنهم مضطرون لتناول الطعام والنوم بناءً على تعليمات توصيل الطعام إلى الفندق".