قال موقع Business Insider الأمريكى، في تقرير نشره الجمعة 17مارس/آذار 2023، إن أكثر من 7.7 مليون شاب وشابة من الصين قد خضعوا لامتحانات القبول في 200 ألف وظيفة حكومية خلال عام 2023، في أعلى رقمٍ مسجلٍ على الإطلاق وإن عدد المتقدمين الضخم يُعَدُّ مؤشراً على زيادة الطلب على الوظائف المستقرة، بالتزامن مع ارتفاع معدل البطالة الصينية لمستويات قياسية جديدة.
حيث تنافس جميع المتقدمين على فرصة الخدمة في الحكومة الصينية، وهي فرصة تساوي 1 في الـ40. وتُعَدُّ هذه الوظائف من المهن المحترمة التي تُوصف بـ"وعاء الأرز الحديدي"، نظراً للاستقرار والأمان الوظيفي الذي توفره بحسب صحيفة South China Morning Post الصينية.
ملايين الصينيين يتنافسون على وظائف حكومية
يُعَدُّ رقم الثمانية ملايين المذهل أقل من تعداد سكان نيويورك بقليل، كما مثّل زيادةً قدرها خمسة أضعاف عن رقم 1.4 مليون شخص الذين خضعوا للامتحان عام 2021.
يذكر أن امتحانات المتقدمين لتلك الوظائف العامة تُشبه في غرضها وشكلها "الاختبارات الإمبراطورية الصينية" القديمة، التي كانت عبارةً عن سلسلة من الامتحانات التي تُجريها الدولة للعثور على أفضل المرشحين للخدمة البيروقراطية. وكانت تلك الاختبارات تجري في عهد سلالة هان الحاكمة، وكان اجتيازها بالغ الصعوبة، بحسب موقع World History Encyclopedia البريطاني.
كذلك فليست اختبارات الخدمة المدنية المعاصرة ببعيدة عن نسخها الأقدم. حيث تُقيّم هذه الاختبارات المتقدمين بناء على عدة معايير، كمهارات اللغة، وتحليل البيانات، و"الحكم المنطقي"، وغيرها بحسب الشبكة الأمريكية.
وظائف بمرتبات متدنية
كما أن وظائف الخدمة المدنية لا تدفع أجوراً مرتفعة، رغم صعوبة الاختبارات الواجب اجتيازها للحصول على الوظيفة. حيث نقلت CNBC أن موظفي الخدمة المدنية كانوا يتقاضون 6.979 دولاراً سنوياً في المتوسط عام 2012. بينما تحدث موقع News 163 الحكومي الصيني عن رقمٍ أقل من ذلك بكثير. حيث نقل الموقع الصيني أن 60% من موظفي الخدمة المدنية كانوا يتقاضون أقل من 3.600 دولار سنوياً، وذلك في عامي 2008 و2009.
في سياق متصل، توفر الخدمة المدنية الأمان الذي تشتد الحاجة إليه في عصور الشك، ومن المرجح أن يتهافت المزيد من الناس على وظائف الخدمة المدنية اليوم بسبب تعثّر الاقتصاد الصيني، وفقاً لألفريد وو الذي يعمل أستاذاً مساعداً في كلية لي كوان يو للسياسة العامة بجامعة سنغافورة الوطنية.
أوضح وو: "تستطيع وظائف الخدمة المدنية أن توفر المزايا للعائلة بأكملها عامةً، مثل إقامة علاقات مع مراكز النفوذ. وربما أدرك آباء بعض الشباب خلال فترة كوفيد-19 أن وضع أطفالهم سيصبح أفضل بكثير مع الوظائف المستقرة في القطاع العام، بدلاً من وظائف القطاع الخاصة التي تدفع أجوراً أعلى لكنها غير مستقرة". وأردف وو: "هناك أزمة ثقة في القطاع الخاص الآن. ومن المرجح أن ينجذب الشباب وغيرهم من حديثي التخرج إلى وظائف وعاء الأرز الحديدي المستقرة أكثر، لأن العمل في الحكومة يمثل رهاناً أكثر أماناً".
التهافت على وظائف الخدمة العامة يأتي وسط ارتفاع كبير في معدلات البطالة
ارتفاع معدلات البطالة في الصين
جدير بالذكر أنه وفي أغسطس/آب 2022 قالت لجنة الإصلاح والتنمية الوطنية الصينية إن معدل البطالة بين الشباب قد بلغ 19.9% في شهر يوليو/تموز. مما يعني أن عدد العاطلين بلغ 1 من أصل كل 5 باحثين عن الوظائف، ممن تتراوح أعمارهم بين 16 و24 عاماً.
دفع هذا الرقم مقلق بويلي لام، الخبير الصيني في مركز Jamestown Foundation للأبحاث، إلى وصف الوضع الحالي بأنه "أسوأ أزمة توظيف" تشهدها الصين منذ أربعة عقود.
وهناك العديد من الأسباب التي تفسر موجة البطالة التي تضرب الصين حالياً. إذ أدى التزام بكين الصارم بسياسة صفر كوفيد إلى عرقلة سوق التوظيف. وفي الوقت ذاته، شنّت حكومة شي حملة تنظيمية كاسحة ضد قطاع التقنية عام 2021.
بينما يتمرد بعض الشباب الصيني ضد فكرة أن عليهم العمل بنظام "9-9-6". ويُشير هذا المصطلح إلى ثقافة "الكد" الصينية، التي تطالب الناس بالعمل 12 ساعة يومياً من 9 صباحاً وحتى 9 مساءً، وعلى مدار ستة أيام في الأسبوع.
أما في صيف عام 2021، قال عشرات الصينيين من جيل الألفية إنهم سينضمون إلى حركة "الاستلقاء"، بعد مشاهدة أصدقائهم يعملون حتى الموت.
في حين تطورت حركة "الاستلقاء" في عام 2022 إلى نسخةٍ مختلفة بعنوان "دعوها تتعفن". وشهدت الحملة مطالبةً للشباب الصيني بعدم العمل، وتمضية وقت المرء في الفراغ المفتوح.