دفعت أزمة "الإصلاحات القانونية" التي تسعى حكومة نتنياهو لإقرارها وأثارت أزمة ضخمة في تل أبيب، الجالية اليهودية بأمريكا إلى التدخل، حيث كشفت صحيفة Yedioth Ahronoth الإسرائيلية، الخميس 16 مارس/آذار 2023، أن وفداً رفيعاً من القادة اليهود الأمريكيين قد وصل إلى تل أبيب، الأربعاء، في زيارة سريعة؛ لحثّ القادة على إيجاد حل وسط.
بحسب الصحيفة، فقد وصل نحو 30 من قادة الاتحادات اليهودية الأمريكية بمثابة مشاركة نادرة من الجالية اليهودية بأمريكا في الشؤون الإسرائيلية الداخلية، وهو ما يعكس مخاوف من أنَّ الاضطرابات داخل إسرائيل يمكن أن تمتد إلى الجاليات اليهودية في الخارج.
من جانبه، قال إريك فينغرهوت، الرئيس والمدير التنفيذي للاتحادات اليهودية الأمريكية، إنَّ الزيارة التي استغرقت 24 ساعة، ورُتِّبَت خلال فترة وجيزة، توضح "الخوف والقلق الجسيمين" اللذين أثارهما الجدل الإسرائيلي وسط اليهود الأمريكيين.
وأطلق حلفاء نتنياهو، وهم مجموعة من الأحزاب الدينية والقومية المتطرفة، خطة الإصلاح الشامل في يناير/كانون الثاني 2023، بعد أيام من توليه منصبه. ويهدف البرنامج إلى إضعاف سلطات المحكمة العليا في إسرائيل، ويمنح حلفاء نتنياهو السيطرة على تعيين قضاة الدولة.
ويقول حلفاء نتنياهو إنَّ الخطة ضرورية للحد من التأثير الضخم للقضاة غير المُنتخَبين على السياسة الوطنية. لكن منتقدي الخطة يقولون إنها ستدمر نظام الضوابط والتوازنات الهش في إسرائيل، وإنَّ نتنياهو، الذي يُحاكَم بتهم فساد، لديه تضارب في المصالح.
وخرج مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الشوارع كل أسبوع؛ للاحتجاج على "الإصلاح الشامل". وقد تحدث قادة التكنولوجيا الفائقة والاقتصاديون الحائزون جائزة نوبل ومسؤولون أمنيون بارزون ضدها، وهدد جنود الاحتياط العسكريون بوقف التسجيل في الخدمة، وحتى بعض أقرب حلفاء إسرائيل؛ وضمن ذلك الولايات المتحدة، حثوا نتنياهو على التأني في البرنامج.
وتعثرت الجهود المتكررة التي يبذلها رئيس إسرائيل، إسحاق هرتسوغ، للتوسط في الوصول لتسوية. وفي الوقت الحالي، دفع حلفاء نتنياهو الخطة قُدماً.
لأول مرة في التاريخ
وقالت الاتحادات اليهودية الأمريكية إنَّ الزيارة كانت المرة الأولى "في التاريخ الحديث" التي ترسل فيها مثل هذا الوفد لمناقشة السياسة الداخلية مع القادة الإسرائيليين.
وقال فينغرهوت إنَّ مجموعته لم تتمكن من لقاء نتنياهو الذي كان متوجهاً إلى ألمانيا الأربعاء 15 مارس/آذار. لكنه أردف أنَّ الوفد أجرى محادثات مع أعضاء كبار في ائتلاف نتنياهو وقادة المعارضة والرئيس هرتسوغ. وأوضح أنَّ رسالة مجموعته لجميع الأطراف هي إيجاد حل وسط وتهدئة الأجواء شديدة الاستقطاب.
وأشار إلى أنَّ منظمته قررت التحدث علانية، لأنَّ اليهود الأمريكيين "يحبون إسرائيل ويهتمون بها بعمق"، لكن أيضاً لأنَّ "القيم المشتركة" لإسرائيل مع أمريكا مصدر أساسي للدعم من الولايات المتحدة.
ويميل اليهود الأمريكيون إلى شغل مناصب سياسية ليبرالية والتماهي مع التيارات الليبرالية اليهودية التي ناضلت من أجل الاعتراف بها في إسرائيل. وأثارت مجموعة من الجماعات اليهودية مخاوف من أنَّ حقوق الأقليات والتعددية الدينية يمكن أن تضعف بسبب برنامج الإصلاح القضائي الشامل.
وقال فينغرهوت: "الوصول إلى الحد الذي نضطر فيه إلى مناقشة القضايا الأساسية للديمقراطية، يثير بالتأكيد قلق الجالية اليهودية في أمريكا الشمالية".
وتمثل الاتحادات اليهودية في أمريكا الشمالية أكثر من 400 جالية يهودية بجميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا. وهي تجمع وتوزع أكثر من ملياري دولار سنوياً لدعم المجتمعات اليهودية والفئات السكانية الضعيفة بإسرائيل وفي جميع أنحاء العالم؛ مما يجعلها أكبر منظمة خيرية يهودية في أمريكا الشمالية.