تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، الجمعة 10 مارس/آذار 2023، لقطات فيديو لطلاب في جامعة الزيتونة بتونس، وهم منخرطون في ندوة تحت عنوان "كلنا إفريقيا"، وذلك دعماً وتكريماً لطلابها الوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء بعد موجة من التصريحات "العنصرية" التي طالت المهاجرين الأفارقة والتي تبناها الرئيس التونسي قيس سعيد في الأيام الماضية، ثم عاد ليتراجع عنها بعد موجة كبيرة من الانتقادات والهجوم.
إذ إنه وفي 21 فبراير/شباط 2023، دعا سعيد، عقب اجتماع لمجلس الأمن القومي، إلى وضع حد لتدفق "أعداد كبيرة" للمهاجرين من جنوب الصحراء لبلاده، ووصف الأمر بأنه "ترتيب إجرامي يهدف إلى تغيير تركيبة تونس الديمغرافية".
تصريح سعيد أدانته بشدةٍ منظمات حقوقية دولية ومحلية، من بينها "العفو الدولية"، التي حذّرت من "تصاعد خطاب الكراهية والإقصاء، لا سيما تجاه مهاجرات ومهاجري إفريقيا جنوب الصحراء الموجودين في تونس".
ندوة في جامعة تونسية دعماً للمهاجرين ضد تصريحات قيس سعيد
في حين حضر الندوة طلاب وأساتذة مهاجرون من إفريقيا جنوب الصحراء إلى تونس، وهدفت إلى رفع معنويات وتعزيز بقاء هذا "المكوّن الهام" في جامعة الزيتونة، وفق المنظمين.
في حين طمأنت إدارة الجامعة في بيان، طلبتها الأجانب عامة والوافدين من إفريقيا جنوب الصحراء خاصة على مواصلة دراستهم بشكل طبيعي، وأن جميع مؤسساتها "تسعى لتوفير أحسن الظروف لتكوينهم وحسن إقامتهم في بلدهم تونس". وأوضح البيان الذي تلاه إلياس قويسم نائب رئيس الجامعة، أن "إدارة الزيتونة ستتدخل في حال وجود أي طارئ أو مساس بحقوقهم المادية والمعنوية".
كما أكدت الجامعة احتضانها لطلبتها الدوليين دون تمييز حفاظاً على صورتها الداعية إلى قيم التسامح والأخوة وصورة الجامعة التونسية عموماً، ووعد مدير الدراسات في معهد الحضارة الإسلامية بجامعة الزيتونة الدكتور سامي الفريكي، بأن تسعى إدارة الجامعة مع وزارة التعليم العالي لتجديد المنح للطلاب الأفارقة وزيادتها.
كما تعهّد بتأدية إدارة الجامعة وأساتذتها لدورهم في خدمة الطلاب من جنوب الصحراء مثل باقي طلاب الجامعة، مطمئناً الحاضرين منهم في الندوة.
في حين شدد المنظمون على أن الندوة جاءت بمبادرة من إدارة الجامعة والقائمين عليها، وبموافقة من وزارة التعليم العالي الحريصة على رعاية طلاب إفريقيا جنوب الصحراء، بناءً على توصيات مجلس الجامعات المنعقد أمس الخميس.
تداعيات كثيرة بسبب تصريحات قيس سعيد ضد المهاجرين
في حين أن هناك ثمة تداعيات سياسية واقتصادية واسعة، أثارها تصريح وُصف بـ"العنصرية"، أدلى به الرئيس التونسي قيس سعيد، بشأن تدفق مهاجرين غير نظاميين من دول إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلاده.
داخل تونس لاقى تصريح سعيد رفضاً واسعاً من أحزاب ومنظمات مجتمع مدني وسياسيين وحقوقيين، كما نظم عدد من الحركات المدنية تظاهرات رافضة للموقف الرسمي من المهاجرين الأفارقة.
التداعيات الأشد جاءت من الخارج، إذ وجهت منظمات دولية انتقادات شديدة لموقف سعيد من المهاجرين، كما أجْلت دول إفريقية رعاياها من تونس، وتوقفت مفاوضات دولية كان من المفترض أن تفضي إلى قروض وتمويل لتونس.
إذ إن "إفريقيا جنوب الصحراء" هي المنطقة الجغرافية والعرقية التي تقع جنوب الصحراء بالقارة السمراء، ووفقاً للأمم المتحدة، فالمسمى يشير إلى جميع البلدان والأراضي الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى كلياً أو جزئياً.