أدانت أكثر من 30 منظمة حقوقية ونقابية في تونس، الأربعاء 8 مارس/آذار 2023، تصريحات وزير الداخلية التونسي توفيق شرف الدين، التي هاجم فيها نقابيين ورجال أعمال، وإعلاميين وصفهم بـ"المرتزقة"، واعتبرت المنظمات أن تصريحاته "تقسيمية" و"تحريضية".
شرف الدين كان قد قال في تصريحات للصحفيين، الثلاثاء 7 مارس/آذار 2023، خلال زيارته لمدينة بن قردان بجنوب شرقي تونس، إن "رجال إعلام مرتزقة ورجال أعمال باعوا الوطن ونقابيين باعوا الوطن وأحزاباً باعت الوطن، النخبة السياسية هي نكبة سياسية تحالفوا جميعاً ضد الشعب التونسي، إنهم خونة"، وفق تعبيره.
أضاف الوزير في التصريحات التي نشرتها الوزارة على صفحتها بموقع فيسبوك: "لابد من أخطأ أن يحاسب".
المنظمات وضمنها "نقابة الصحفيين" و"الاتحاد العام التونسي للشغل"، أصدرت بياناً مشتركاً، اعتبرت فيه أن خطاب الوزير الذي "يصف فيه الإعلام والنقابات ورجال الأعمال والسياسيين بالمرتزقة والخونة، تخويني رثٌّ، يضع الجميع في سلة واحدة ويحرّض على الأجسام الوسيطة، في استعادة لخطاب شعبوي خطير يبشر بالدولة البوليسية".
كما وصفت المنظمات خطاب الوزير "بالتقسيمي والفئوي يحتكر الوطنية ويسحبها من أغلب القوى"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.
كذلك شددت المنظمات على أن الخطاب يأتي "في سياق أزمة الإعلام العمومي والخاص التي تهدد وجوده والتي من أسبابها المباشرة سياسة الحكومة التي تتلكأ في إصلاح الإعلام تمهيداً لتصفية العديد من مؤسساته".
ودعت المنظمات الوزير إلى تقديم الاعتذار عن هذا التصريح "العنيف" و"الخطير والمتسرع"، وسحبه من صفحات الوزارة على شبكات التواصل الاجتماعي.
كانت تصريحات وزير الداخلية قد جاءت إثر حملة اعتقالات وتحقيقات تشمل نحو عشرين شخصية بين سياسيين وإعلاميين ورجال أعمال وقياديين بأحزاب معارضة، ويتهم الرئيس قيس سعيّد الذي يحتكر السلطات في البلاد منذ العام 2021، المعتقلين "بالتآمر على أمن الدولة الداخلي والخارجي"، ولم يصدر القضاء بعد بياناً رسمياً في خصوص التهم الموجهة للموقوفين.
في وقت سابق من اليوم الأربعاء، طالبت جبهة الخلاص الوطني التونسية، بإطلاق سراح السجناء "السياسيين"، وجاء ذلك خلال وقفة احتجاجية نفذها العشرات من أنصار الجبهة؛ للمطالبة بالإفراج عن "السجناء السياسيين" والاحتجاج على سياسات الرئيس سعيّد.
الأمين العام لحزب العمل والإنجاز وعضو قيادة جبهة الخلاص الوطني، عبد اللطيف المكي، قال في كلمة له: "نتضامن مع المعتقلين السياسيين ضمن ما يطلق عليه أنصار قيس سعيد زوراً وبهتاناً: المحاسبة"، وفق تعبيره.
أضاف المكي أن "تمرير الاعتقالات على أنها محاسبة هي أكبر مغالطة.. أؤكد لكم أن أفشل نظام في مواجهة الفساد هو النظام الاستبدادي، وأن أكبر حاضنة للفساد بأنواعه هو نظام الاستبداد، وأن هذا النظام يعتمد على الأجهزة والمناولين السياسيين (يخدمون النظام) الذين يقولون نعم دائماً ولا يخدمون المستبد مجاناً".
تقول جبهة الخلاص الوطني إن 3 من قادتها، هم جوهر بن مبارك وشيماء عيسى ورضا بلحاج، معتقلون لـ"أسباب سياسية"، فيما اتهم سعيد بعض المعتقلين بـ"التآمر على أمن الدولة والوقوف وراء أزمات توزيع السلع وارتفاع الأسعار".
يُذكر أن تونس تعاني منذ 25 يوليو/تموز 2021، من أزمة سياسية حادة حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها حل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة وإقرار دستور جديد عبر استفتاء.
تلك الإجراءات تعتبرها قوى في تونس "تكريساً لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بالرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).