يتصدّر التعديل الدستوري رقم 13 تغطيات وسائل الإعلام المهتمة بالشأن الليبي الثلاثاء، 7 مارس/آذار 2023، فمنذ إقراره من المجلس الأعلى للدولة 2 مارس/آذار 2023، وهو يشغل الليبيين، بعد أن كان مجلس النواب قد أقره أيضاً في وقت سابق، ونشره في الجريدة الرسمية.
يأتي التعديل الدستوري وسط حالة جدل في الأوساط السياسية الليبية، لا سيما أنه أُقر من البرلمان والمجلس الأعلى دون توافق بينهما.
تختلف ردود الفعل الداخلية المستمرة في ليبيا، على التعديل الدستوري، بين من يراه سبيلاً لحل الأزمة السياسية، وصولاً لإجراء الانتخابات، وبين من يعتبره غير قانوني، وجاء ليقطع الطريق على مقترح قدمه المبعوث الأممي إلى ليبيا، عبد الله باتيلي.
باتيلي كان قد أطلق مبادرة "تهدف إلى التمكين من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية خلال عام 2023″، بعدما اعتبر أن كلاً من مجلسي النواب والدولة لم ينجحا "في التوافق على قاعدة دستورية للانتخابات".
وأعلن باتيلي، خلال إحاطته أمام مجلس الأمن، في 27 فبراير/شباط 2023، اعتزامه "إنشاء لجنة تسيير رفيعة المستوى للانتخابات"، موضحاً أن الآلية المقترحة ستعمل على "الجمع بين مختلف الأطراف الليبية المعنية، بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية، وأبرز الشخصيات السياسية، وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلون عن النساء والشباب".
في الخبر الرئيسي عن ليبيا، تصدّرت الأنباء الثلاثاء، 7 مارس/آذار 2023، تصريحات لرئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، أكد فيها أن الإرادة السياسية للمجلس تقف مع التعديل الدستوري الـ13.
عن الاتهامات بأن المجلس الأعلى قطع الطريق على مقترح باتيلي، أوضح خلال مؤتمر صحفي، أن المجلس لم يرفض مبادرة المبعوث الأممي حتى الآن، مشيراً إلى إمكانية مواءمتها مع التعديل الدستوري.
لكنه اعتبر أنه لا توجد أي ضمانات لنجاح التعديل الدستوري الـ13، أو مبادرة المبعوث الأممي أيضاً.
وأقر المشري بأن المجلسين، النيابي والأعلى للدولة، لم يستطيعا الفصل في شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، قائلاً: "شروط الترشح رُحلَت، وسنتوقف عندها عند وضع القوانين الانتخابية".
واعتبر المشري أنه إذا لم يتم الفصل في شروط الترشح للانتخابات الرئاسية، فإن حالة الانسداد السياسي ستستمر، ولن تُحل.
في معرض حديثه، هاجم المشري مجلس النواب، وقال إنه "يحاول القفز ليكون سلطة تشريعية مطلقة، إلا أنه سلطة مقيدة بالاتفاق السياسي".
في خبر ثانٍ، هاجمت عضو مجلس الدولة، سعاد ارتيمة، رئيس المجلس المشري، قائلة إنه "يمارس التضليل على الرأي العام".
هجومها جاء بسبب حديث المشري بشأن تحقيق الأغلبية في المجلس لتمرير التعديل الدستوري الـ13.
في تصريحات صحفية نقلها موقع "وطن"، قالت إن حديث المشري عن أن عدد الحاضرين حين جرى إقرار التعديل الدستوري كان 80 عضواً "غير صحيح"، وإن الأعضاء الرافضين للتعديل الـ13 قاطعوا الجلسة ورفضوا المشاركة في "تزكيات مزعومة"، مؤكدة أن المشري حاول الاتصال ببعض المقاطعين لإقناعهم بالحضور.
التعديل الدستوري 13
لحلّ الأزمة عبر مبادرة من الأمم المتحدة، بدأ مجلسا النواب والأعلى للدولة مفاوضات قبل نحو عام للتوافق على "قاعدة دستورية"، تقود البلاد إلى الانتخابات، لكن مع تعثر هذا المسار لجأ مجلس النواب إلى تعديل الإعلان الدستوري.
جاء التعديل الدستوري الـ13 في 34 مادة بشأن نظام الحكم، الذي يتألف وفق المادة الأولى من سلطة تشريعية مكونة من غرفتين، وسلطة تنفيذية يرأسها رئيس منتخب مباشرة من الشعب، بالإضافة إلى مواد متعلقة بالأحكام الانتقالية والمرأة.
لكنه لم يحدد شروط الترشح لانتخابات رئيس الجمهورية، وهي من المسائل الخلافية بين مجلسي النواب والأعلى للدولة.
لماذا التعديل الدستوري؟
منذ مارس/آذار 2022 تتصارع على السلطة حكومة برئاسة باشاغا كلفها مجلس النواب في طبرق (شرق البلاد) برئاسة عقيلة صالح، مع حكومة عبد الحميد الدبيبة المعترف بها دولياً (في العاصمة طرابلس)، التي ترفض تسليم السلطة إلا إلى حكومة تأتي بعد انتخابات تشريعية.
لحل الأزمة بين المجلسين، أطلقت الأمم المتحدة مبادرة تقضي بتشكيل لجنة من مجلسي النواب والدولة (نيابي استشاري) للتوافق على قاعدة دستورية تقود البلاد إلى الانتخابات التي تعثر إتمامها أكثر من مرة.
لكن المجلسين الأعلى للدولة والنواب، أقرا التعديل الدستوري الـ13، بعد أن أعلن باتيلي عن مبادرته، الأمر الذي رأى فيه معارضو هذا التعديل أنه يهدف إلى قطع الطريق عن المبادرة الأممية.
فقد جاء في خبر ثالث، تصريح لرئيس حزب "النِداء"، أكرم الفكحال، لوكالة "سبوتنيك"، قال فيه إنه "في الوقت الذي اعتقدنا فيه أن مجلس النواب، والمجلس الأعلى للدولة توافقا على إنجاز قاعدة دستورية لتسيير الانتخابات، غيّر مجلس النواب رأيه، متخلياً عنها، بل أصدر تعديلاً دستورياً جديداً، ومارس في ذلك سياسة الأمر الواقع من خلال نشره في الجريدة الرسمية".
واعتبر ما قام به البرلمان، يهدف إلى أن "يُعدّ التعديل الدستوري نافذاً وفقاً للقانون، وذلك بعد أن شعر بوجود رفض واسع لهذا التعديل، لأن موضع الخلاف يتركز في نقطتين فقط، هما ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للانتخابات".
وأضاف: "بطبيعة الحال، إن كان هناك توافق بين المجلس، فسيكون على رفض المبادرة المطروحة من المبعوث الأممي، لأنها تنهي وجودهما بشكل أو بآخر".
الموافقون والمعارضون
سبق أن أعلن مجلس النواب في طبرق معارضته مقترح باتيلي، في حين شهد المجلس الأعلى للدولة انقساماً بشأنه، ولم يُصدر موقفاً مؤيداً أو معارضاً له، في حين وجدت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، في المقترح فرصة ذهبية للإشراف على الانتخابات تحت قيادة أممية.
في هذا الصدد أصدر رئيس حكومة الوحدة تعليماته لوزارة الخارجية برفع مستوى التنسيق مع الأمم المتحدة في مجال الدعم الفني والمشورة للمفوضية العليا للانتخابات، لإنجاز الانتخابات.
مقابل ردود الفعل الداخلية المتباينة، جاءت ردود الفعل الإقليمية والدولية مرحبة بمقترح باتيلي، ومتجاهلة التعديل الدستوري الـ13 حتى الآن، باستثناء مصر التي أعلنت ترحيبها به.