كشفت أرقام رسمية حديثة أن سفارات وقنصليات دول منطقة "شنغن" في المغرب، رفضت 157 ألف طلب تقدم به المغاربة للحصول على "تأشيرة شنغن" خلال عام واحد فقط، وأشارت الإحصائيات إلى أن هذا الرفض كلفهم ما لا يقل عن 3 ملايين يورو.
هذه الأرقام الكبيرة أثارت الكثير من علامات الاستفهام، وقال تقرير لوكالة الأناضول، نشرته الأربعاء 1 مارس/آذار 2023، إنه ضمن مساعيها للضغط على المغرب لتحقيق مكاسب سياسية واقتصادية، عمدت دول الاتحاد الأوروبي إلى رفض عشرات الآلاف من طلبات تأشيرة شنغن التي تقدم بها مغاربة خلال الأعوام الأخيرة.
أسباب رفض منح تأشيرة شنغن
خلال عام 2021 وحده، رفضت دول أوروبا نحو 157 ألفاً طلب للحصول على تأشيرة شنغن من مغاربة، بنسبة 27.6% من إجمالي الطلبات، وفق موقع "فيزا شنغن إنفو"، المختص بمعلومات تأشيرات أوروبا.
حيث أفاد الموقع، في 13 فبراير/شباط الجاري، أن المغرب الخامس بين أكثر الدول طلباً لتأشيرات أوروبا، لكنه سجل أعلى معدل رفض بينها بنسبة 27.6%، فيما تتراوح نسبة الرفض لمواطني البلدان الأربعة بين 2.7 و16.9%.
يرى حقوقي مغربي أن أوروبا تتخذ التأشيرات كورقة ضغط للحصول على امتيازات سياسية واقتصادية، ضمن صراع القوى العالمية، لا سيما بين فرنسا من جهة، الأكثر رفضاً لطلبات المغاربة، والصين من جهة أخرى.
حيث قال عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (أكبر جمعية حقوقية غير حكومية في البلاد)، إن "مسألة تأشيرة شنغن كانت متوقعة منذ بداية صعود اليمين بمجموعة من الدول الأوروبية (بينها إيطاليا والسويد وبولندا)".
في حديث للأناضول، أوضح غالي أن "الحرب ضد التأشيرات (للمغاربة) لإرضاء الأوروبيين كانت واضحة، وتصاعدت الظاهرة بشكل كبير في الآونة الأخيرة".
كما تابع: "مسألة التأشيرات تدخل في ميزان سياسات الأحزاب الأوروبية من جهة، فضلاً عن فقدان أوروبا لكثير من مواقعها على الصعيد الدولي، ومحاولتها أن تبيّن أنها قوة كبيرة ما زالت مرغوبة من مجموعة أفراد من جهة ثانية".
بينما انتقد غالي عدم حصول عدد كبير من المواطنين المغاربة على تأشيرة شنغن للدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي، وذلك رغم تحقيقهم لشروطها، ما يدل على أن "القضية سياسية".
المنافسة الاقتصادية مع المغرب
تشمل الأسباب الدافعة في قضية منع تأشيرة شنغن، وفق غالي، أن "أوروبا بدأت تطرح هذه القضية، بالنظر إلى المنافسة الاقتصادية الكبيرة التي باتت تتعرض لها، وتتخذ القضية كورقة ضغط على عدد من الدول كالمغرب".
من المشروعات التي تهتم بها أوروبا، قال غالي: "التنافس على من يظفر بمشروع القطار الفائق السرعة ما بين أكادير (وسط المغرب) والدار البيضاء (شمال)، بين الصين وفرنسا". وأضاف أن "باريس تعلم مدى ارتباط المغاربة بفرنسا، وتحاول الضغط على المغرب، من خلال هذا الملف".
بحسب غالي، فإن "منظومة التعليم بالمغرب فرنكفونية (ناطقة بالفرنسية)، ويرتبط مصير عدد كبير من الطلاب بفرنسا لإكمال دراستهم العليا، لذلك تحاول فرنسا استغلال التأشيرات للضغط على العائلات لتحقيق مصالح اقتصادية".
وفق إحصائية أصدرها موقع "فيزا شنغن"، في 21 فبراير/شباط الجاري، أنفق المغاربة 3 ملايين يورو (نحو 3 ملايين و185 ألف دولار) في 2021، في طلبات تأشيرة الدخول إلى دول الاتحاد الأوروبي من دون أن يحصلوا عليها.
رد المغرب على التصرف الأوروبي
بخصوص الرد المتوقع من المغرب تجاه التصرف الأوروبي، قال غالي إن "الجمعية (المغربية لحقوق الإنسان) تطالب الحكومة بالمعاملة بالمثل تجاه فرنسا، وهو ما يترجم سيادة الدولة".
أضاف أن "الجمعية توصلت لنحو 800 شكوى لمواطنين، رفضت ألمانيا وبولونيا طلبهم، بينهم 60 مغربياً نجحوا في الحصول على عمل في شركات هناك، وبعضهم قدم استقالته (في المغرب)، لكن الحصول على مواعيد مغلق".
فقد أعلنت فرنسا، في 28 سبتمبر/أيلول الماضي، تشديد شروط منح تاشيرة شنغن لمواطني المغرب والجزائر وتونس، لرفض دولهم "إصدار تصاريح قنصلية لازمة لاستعادة مهاجرين فرنسيين".
في اليوم نفسه، وصف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة الموقف الفرنسي بأنه "غير مبرر"، موضحاً أنه جاء بسبب مسألة الهجرة، وتسهيل الرباط عودة مغاربة مقيمين في فرنسا (بشكل غير قانوني) إلى بلادهم.
في 16 ديسمبر/كانون الأول الماضي، رحب بوريطة، بالقرار الفرنسي القاضي بالعودة إلى منح تأشيرات الدخول للمغاربة، إلا أن وتيرة رفض التأشيرات بقيت على حالها خلال الشهور الماضية.