انطلقت في الأردن، صباح الأحد 26 فبراير/شباط 2023، قمة العقبة الأمنية بين مسؤولين فلسطينيين وإسرائيليين بمشاركة الأردن ومصر ورعاية أمريكية، وفق ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية، وسط انتقادات من المقاومة الفلسطينية لمشاركة السلطة، فيما يشكك محللون في أن يقود الاجتماع إلى نتائج ملموسة.
وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فإن الوفد الإسرائيلي المشارك في الاجتماع يضم كلاً من رئيس مجلس الأمن القومي تساحي هنغبي، الذي ينوب عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، ومنسق عمليات الحكومة بالمناطق الفلسطينية اللواء غسان عليان.
كما أضافت أن الوفد الفلسطيني "سيؤكد (خلال الاجتماع جنوبي الأردن) ضرورة وقف جميع الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب"، وضمن ذلك العمليات العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، وفق ما نقلته وكالة الأناضول.
بينما قال مسؤولون إن الأردن شارك في قمة العقبة الذي يضم كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ على أمل وقف موجة العنف التي اندلعت في الآونة الأخيرة وأثارت المخاوف من زيادة التصعيد قبل حلول شهر رمضان، حسب وكالة رويترز.
أضاف المسؤولون أن الاجتماع سيعقد ليوم واحد في ميناء العقبة على البحر الأحمر، ويحضره بريت ماكغورك مبعوث الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى الشرق الأوسط، وسيجمع بين كبار قادة الأمن الإسرائيليين والفلسطينيين للمرة الأولى منذ عدة سنوات، إضافة إلى ممثلين عن أطراف رئيسية بالمنطقة.
تشكيك في جدوى قمة العقبة الأمنية
قال المسؤولون الذين تحدثوا شريطة عدم الكشف عن هويتهم، إن المناقشات تأتي في إطار النشاط الدبلوماسي المكثف للأردن مع واشنطن وشريكها الإقليمي مصر؛ لاستعادة الهدوء في إسرائيل والأراضي الفلسطينية بغزة والضفة الغربية وإعادة بناء الثقة بين الجانبين.
كما ذكر مسؤول كبير في الأردن لـ"رويترز"، أن الاجتماع يهدف إلى إعطاء الأمل للفلسطينيين في مستقبل سياسي. وأضاف أنه إذا حقق الاجتماع أهدافه "فسينعكس ذلك على الأرض".
يمثل اجتماع قمة العقبة فرصة لوقف تصاعد الاشتباكات التي اندلعت بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الأشهر الأخيرة وأثارت غضباً عربياً ومخاوف دولية من الانجرار إلى صراع إسرائيلي فلسطيني على نطاق أوسع، حسب رويترز.
حيث قال المسؤول الأردني الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "لم يحدث مثل هذا الاجتماع منذ سنوات… إنه إنجاز كبير أن يتم جمعهم معاً".
بينما توافق محللون سياسيون على أن قمة العقبة لن يقود إلى نتائج ملموسة، وأنه يهدف إلى توفير الهدوء خلال شهر رمضان المقبل (بعد أقل من شهر)، وفق وكالة الأناضول.
فقد استبعد مدير مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس أحمد رفيق عوض أن تخرج قمة العقبة بأي نتائج ملموسة على الأرض. وعلل عوض رأيه بقوله إن "إسرائيل لا تحترم تعهداتها، ونسفت قبل أيام تعهدات توصلت إليها مع السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة، واقتحمت نابلس وقتلت 11 فلسطينيا وجرحت 100".
كما رجح أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية عثمان عثمان أن نتائج القمة لن تكون في صالح الفلسطينيين بالرغم من كل محاولات تسويق ذلك. وقال عثمان إن "إسرائيل لن تلتزم بأي مخرجات عن القمة.. لن تلتزم في ظل الحكومة الحالية بوقف الاستيطان، فالحكومات المعتدلة في إسرائيل لم توقف الاستيطان".
لكن في ظل حكومتها اليمينية الحالية، فإن إسرائيل لن تلتزم بنتائج الاجتماع، ولن توقف الاستيطان واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى، واقتحام المدن الفلسطينية، وفق المحللين.
مخاوف من عودة المواجهات في رمضان
في السنوات السابقة، اندلعت اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين بالقرب من المسجد الأقصى بالقدس في شهر رمضان الذي تزامن مع عيد الفصح عند اليهود وعيد القيامة عند المسيحيين.
قالت وزارة الصحة الفلسطينية إن 62 فلسطينياً على الأقل، منهم مسلحون ومدنيون، قُتلوا هذا العام. ولقي عشرة إسرائيليين وسائحة أوكرانية حتفهم في هجمات شنها فلسطينيون خلال الفترة نفسها، وفقاً لما أعلنته وزارة الخارجية الإسرائيلية.
بينما دعت فصائل فلسطينية السلطة الفلسطينية إلى الانسحاب من اجتماع قمة العقبة الأمنية الذي اعتبرته مخططاً بقيادة الولايات المتحدة يستهدف النيل من طموحات الفلسطينيين.
حيث طالب باسم نعيم، القيادي البارز بحركة حماس، السلطة بالتراجع عن المشاركة في الاجتماع وأن تتبنى استراتيجية قائمة على الشراكة الوطنية الشاملة ومواجهة الاحتلال "بكل السبل المتاحة".
فيما قالت الرئاسة الفلسطينية في بيان، إن الوفد الفلسطيني المشارك في هذا الاجتماع سيعيد تأكيد قرارات الشرعية الدولية كطريق لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد إقامة دولة فلسطين ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود العام 1967.
أضافت أن الوفد الفلسطيني في قمة العقبة سيشدد على ضرورة وقف جميع الأعمال الأحادية الإسرائيلية والالتزام بالاتفاقيات الموقعة، تمهيداً لخلق أفق سياسي يقوم على قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية وصولاً إلى حصول الشعب الفلسطيني على حقه بالحرية والاستقلال.
بينما قال المسؤول الأردني إنه إضافة إلى تجنب تصاعد العنف، فإن الآمال تنعقد على أن يؤدي اجتماع اليوم إلى وقف التدابير أحادية الجانب التي تقوم بها إسرائيل. وأضاف: "هذا يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى مزيد من المشاركة السياسية".