فقدت الفتاة السورية هناء الشريف، ذات الأعوام الثمانية، والديها وشقيقتها، عندما ضرب زلزالان مزدوجان جنوبي تركيا وشمال غربي سوريا، في 6 فبراير/شباط، ولا تدرك تماماً أنها الناجية الوحيدة بين أقاربها المباشرين، بعد أن قضت ساعات محاصرة تحت الأنقاض، ولا تعرف حتى الآن بوفاة أسرتها.
ظلت هناء محاصرة لمدة 36 ساعة تحت أنقاض بنايتها المنهارة في بلدة حارم الحدودية، قبل أن تنتشلها مجموعة شجاعة من رجال الإنقاذ المتطوعين الذين نقلوها إلى المستشفى على بعد أكثر من ساعة، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني، الأربعاء 23 فبراير/شباط 2023.
وأخبر طبيبها، باسل أستيف، موقع Middle East Eye، أنَّ هناء وصلت إلى المستشفى في حالة حرجة، موضحاً أنها عانت من الجفاف الشديد بعدما بقيت تحت الأنقاض دون طعام أو ماء وفي الطقس البارد.
"لم أرَ شيئاً سوى الظلام"
واستقرت حالة هناء منذ ذلك الحين، لكن ذراعها اليسرى تحطمت أثناء الزلزال، وأشار الطبيب أستيف إلى أنَّ فريقه يبذل قصارى جهده لتجنب بترها.
أستيف أضاف: "عالجنا 36 طفلاً على الأقل، يعاني معظمهم من صدمة شديدة ناتجة عن المدة الطويلة التي قضوها تحت الأنقاض".
عجزت المستشفيات في شمال غربي سوريا، آخر جيب رئيسي للمعارضة في البلاد، عن تنفيذ أبسط الإجراءات بسبب الهجمات المتكررة من دمشق وحلفائها منذ بدء الصراع في عام 2011.
والمنطقة هي موطن لحوالي 4.4 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من مليوني نازح داخلياً، وفقاً لإحصائيات الأمم المتحدة. ويحتاج نحو 70% من السكان إلى مساعدات إنسانية.
وقالت هناء لموقع Middle East Eye: "عندما بدأت الأرض تهتز، كنت أنا وأبي وأمي وشقيقتي ننزل سريعاً الدرج".
وأضافت هناء: "عندما بدأ الطوب يتساقط علينا لم يعد بإمكاني سماع صوت أبي أو أمي. غفوت واستيقظت ولم أرَ شيئاً سوى الظلام. قضيت وقتاً طويلاً تحت الأنقاض".
"لم أخبرها بعد"
يقف عم هناء خارج غرفة المستشفى، ويخشى أن تتفاقم حالتها عندما تعلم بمصير عائلتها.
لم يعُد لدى الفتاة الصغيرة سوى أجدادها وأعمامها لتربيتها في هذه المنطقة من سوريا، التي لم تتلقَّ بعد مساعدة ذات مغزى بعد أكثر من أسبوعين من وقوع الزلزال.
وقال عم الطفلة: "لم نُبلّغها النبأ بعد، وننتظر شفاء جروحها. كما أنها ليست مستعدة نفسياً لهذا الخبر".
من جهتها، قالت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا التابعة للأمم المتحدة (الإسكوا)، يوم الثلاثاء 21 فبراير/شباط، إنَّ العديد من الناجين اضطروا إلى تحمل درجات حرارة شديدة البرودة وتُرِكوا دون مياه شرب أو كهرباء أو وقود للتدفئة، وهم معرضون لمزيد من المخاطر المرتبطة بالمباني المتهالكة أثناء البحث عن ملجأ.
إذ تشير التقديرات الأولية إلى انهيار أكثر من 2276 مبنى في شمال غربي سوريا، على الرغم من صعوبة قياس ما إذا كانت الأضرار التي لحقت ببعض المباني قد نجمت عن الزلازل أو حملات القصف السابقة من الحكومة السورية والقوات الروسية.