انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لحيوانات يعتقد ناشروها أنها صُوِّرت دقائق قبل وقوع زلزال تركيا وسوريا الذي أودى بحياة الآلاف وتسبب في إصابة عشرات الآلاف، ويعتقد العلماء أنه يمكن رصد الزلازل عبر السلوك الغريب الذي تمارسه الحيوانات قبل وصول الموجات الزلزالية.
حسب تقرير لصحيفة "Washington Post" الأمرييكية، الثلاثاء 7 فبراير/شباط 2023، يقول العلماء إن الحيوانات تستشعر بشكل أفضل الصدمات الصغيرة التي تنتقل عبر الأرض قبل ثوانٍ من ظهور موجات زلزالية أقوى بنفس الطريقة التي يمكن أن تلتقط بها آلات رصد الزلازل الهزات التي يتعذر على جسم الإنسان الإحساس بها.
ما الذي وقع قبل زلزال تركيا وسوريا؟
في زلزال تركيا وسوريا الذي دمر مناطق واسعة بالبلدين، زعم مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي أن الحيوانات كانت تتصرف بشكل غريب قبل وقوع الزلزال الهائل الذي بلغت قوته 7.8 درجة على مقياس ريختر.
في حين لم يتم التحقق من اللقطات على الفور، إلا أن فكرة إمكانية اكتشاف الحيوانات الزلازل القوية قبل البشر كانت نظرية موجودة منذ العصور القديمة على الأقل.
واحدة من أقدم الروايات القصصية المنسوبة إلى الكاتب الروماني إيليان، توضح بالتفصيل كيف هربت الفئران والثعابين والحشرات والخنافس من مدينة هيليك قبل أن يدمرها زلزال وتسونامي عام 373 قبل الميلاد.
بحسب هيئة المسح الجيولوجي الأمريكي، فإن سلوك الحيوانات غير الطبيعي في الثواني التي تسبق الزلزال يفسر من خلال الفرق بين نوعين من الموجات الزلزالية. وللموجات الزلزالية نوعان: الموجات الأولية (P) والموجات الثانوية (S).
تعتبر الموجات الأولية (P) أولى الموجات التي تنبعث من مركز الزلزال الأساسي وتنتقل بسرعة عدة أميال في الثانية الواحدة. وتقول هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن الحيوانات تلاحظ بشكل أكبر هذه الموجات.
أما الموجات الثانوية (S) هي التي تأتي بعد الموجات الأولية وهي التي تهز الأرض بحركة متدحرجة.
بينما تقول هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية بأن "قلة قليلة من البشر تستطيع ملاحظة الموجة الأولية (P) الأصغر التي تنتقل بسرعة من مصدر الزلزال وتصل قبل الموجة الثانوية (S) الأكبر".
أضافت: "لكن العديد من الحيوانات التي لديها حواس أكثر حدة يمكنها أن تشعر بالموجة (P) قبل ثوان من وصول الموجة (S)".
الحيوانات "تُنذر" بوقوع الزلزال
يعتقد أحد الباحثين أن الحيوانات قد تكون قادرة على استشعار الزلازل حتى قبل وقوع الهزة، وهو ما رصدته مقاطع فيديو في زلزال تركيا وسوريا.
حيث قال مارتن ويكيلسكي، مدير معهد "ماكس بلانك" لسلوك الحيوان الذي قاد دراسة حول هذا الموضوع: "لدينا مؤشر جيد جداً على أن الحيوانات تشعر حقاً بمسببات الزلازل دون أن تصل لدرجة النشاط".
في دراسته التي راجعها الأقران والتي نُشرت في عام 2020، قام الباحثون بوضع أجهزة إلكترونية على أبقار وكلاب وأغنام في مزرعة إيطالية لمراقبة تحركاتها على مدار عدة أشهر عندما تم اكتشاف الزلازل في مكان قريب.
كما وجدوا أن الحيوانات كانت "فائقة النشاط" بشكل غير عادي بعد أن كانت تتحرك باستمرار لأكثر من 45 دقيقة قبل اكتشاف سبعة من الزلازل الثمانية الكبرى في مكان قريب.
"هواتف خلوية للحيوانات"
اقترحت الدراسة التي تم إجراؤها باستخدام الأجهزة التي وصفها ويكيلسكي بأنها "هواتف خلوية صغيرة للحيوانات"، أن الحيوانات قد تكون قادرة على اكتشاف الزلازل المحتملة قبل أكثر من 12 ساعة قبل البشر وهو وقت طويل قبل حدوث أي هزات.
لكن الأسباب وراء رد فعل الحيوانات قبل وقوع الزلازل واستشعارهم الخطر لا تزال غير واضحة.
إذ قال ويكيلسكي إن "هناك مؤشرات على أنه يمكن للحيوانات أن تخبرنا بشيء ما. كيف يمكنهم ذلك، نحن لا نعرف حتى الآن".
كما أشار إلى أنه يعتقد أن قدرة الحيوانات على الشعور بالخطر قد تكون مرتبطة بقدرتهم على التواصل مع بعضهم بعضاً. وقال ويكلسكي إن "هناك عوامل أخرى يبدو أن هذه الحيوانات تدركها – لكن هذا لا يزال صندوقاً أسود".