زعم عضو بحزب المحافظين البريطاني، في شكوى قدَّمها إلى "محكمة سلطات التحقيق"، أن جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني (MI5) رفض مراراً التحقيق في أدلة قدَّمها إلى جهات التحقيق بشأن مساعٍ بذلها جاسوس روسي مزعوم لإنشاء نفوذ له بين كبار السياسيين بحزب المحافظين، وتقديم أموال روسية بطرق غير مشروعة إلى الحزب.
صحيفة The Guardian البريطانية قالت، السبت، 21 يناير/كانون الثاني 2023، إن سيرغي كريستو، الناشط بحزب المحافظين والصحفي السابق في شبكة BBC العالمية، قدم شكوى إلى محكمة سلطات التحقيق، ورفعَ القضية لدى المحكمة، بعد مراسلة رئيس لجنة الأمن والاستخبارات بمجلس العموم، النائب بحزب المحافظين جوليان لويس، الذي نصحه بتقديم المعلومات إلى السلطات.
وفي عام 2022، زعم تقرير أصدرته اللجنة بشأن التدخل الروسي في شؤون البلاد الداخلية أن أجهزة الأمن تجاهلت "أدلة موثوقة" على التدخل الروسي، وأن مزاعم كريستو تقدم أدلة أخرى جديرة بإثارة الجدل حال التحقق منها، وتؤكد النتائج التي توصلت اللجنة إليها.
إلى ذلك، قال بن برادشو، النائب عن حزب العمال البريطاني، إن "المزاعم بأن أجهزة الأمن تجاهلت أدلة قدَّمها مبلغ داخلي عن اختراق روسيا لأعلى مستويات الحزب، إنما هي مصيبة فادحة"، لا سيما أن "مسألة صلات حزب المحافظين بروسيا" لطالما كانت تهديداً للأمن القومي البريطاني.
مجموعة "أصدقاء روسيا في حزب المحافظين"
تدور المزاعم حول تكوين مجموعة تُسمى "أصدقاء روسيا في حزب المحافظين" عام 2012، وعلاقتها بالدبلوماسي الروسي سيرغي نالوبين.
ففي أغسطس/آب من ذلك العام، استضاف ألكسندر ياكوفينكو، السفير الروسي ببريطانيا، في منزله حفلاً ضخماً للاحتفاء بتكوين المجموعة، واستضاف سياسيين بارزين، منهم جون ويتينغديل، وزير الثقافة والإعلام والرياضة السابق؛ وكاري سيموندس، زوجة بوريس جونسون (رئيس وزراء بريطانيا السابق) حالياً.
علاوة على ذلك، موَّلت الحكومة الروسية رحلة مدفوعة التكاليف بالكامل إلى موسكو لمجموعة منتقاة من أعضاء حزب المحافظين، منهم ماثيو إليوت، الرئيس التنفيذي فيما بعد لحملة Vote Leave، التي حثَّت البريطانيين على التصويت بإخراج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016.
من جهته، قال كريستو، الذي كان متطوعاً في قسم أمناء الخزانة بمقر حملة حزب المحافظين، إن شكوكه في نالوبين، السكرتير الأول للشؤون السياسية بالسفارة الروسية حينئذ، بدأت قبل عامين لما تواصل معه الدبلوماسي الروسي، وقال له إنه يمكنه "تقديمه إلى شركات روسية ستتبرع بالمال لحزب المحافظين".
وكتب كريستو في رسالة إلى رئيس لجنة الاستخبارات والأمن بالبرلمان العام الماضي: "علمت على الفور أن ما عرضه عليَّ كان أمراً غير قانوني بموجب قوانين المملكة المتحدة".
تواصل كريستو بعد ذلك مع الصحفي بلوك هاردينغ، في صحيفة The Guardian البريطانية، وأخبره بما فعله نالوبين وروابطه المثيرة للريبة بمجموعة السياسيين المحافظين.
على أثر ذلك، اكتشف هاردينغ وصحفيون استقصائيون في الشؤون الروسية أن نالوبين لديه صلات عائلية بأفراد يعملون بجهاز الأمن الفيدرالي الروسي (FSB)، فوالده نيكولاي كان جنرالاً في جهاز الاستخبارات السوفييتي (KGB)، وعمل شقيقه فيكتور أيضاً في جهاز الأمن الفيدرالي. وقد أدت المقالات إلى استقالة السير مالكولم ريفكيند، الرئيس الفخري لمجموعة أصدقاء روسيا بحزب المحافظين، وتغيير اسم المجموعة.
تجاهل التحقيق في القضية
كشف كريستو لأول مرة عن أنه لم يتواصل مع صحيفة The Guardian إلا بعد أن فشلت محاولاته لحثِّ أجهزة الأمن البريطانية على التحقيق في القضية.
إذ قال إنه حاول مراراً في عام 2011 أن ينبه جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني إلى خطورة الأمر، واجتمع بوكيل صغير الرتبة في الجهاز، ثم كتب إلى المدير العام، واجتمع بوكيلين آخرين، لكن هذه المحاولات كلها لم تسفر عن شيء.
في غضون ذلك، واصل نالوبين إنشاء علاقات وثيقة بنواب وناشطين في حزب المحافظين طيلة 3 سنوات حتى رفضت وزارة الخارجية تجديد تأشيرته، ولم يُسدل الستار على نشاط مجموعة أصدقاء روسيا بحزب المحافظين إلا العام الماضي، بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.
والأسبوع الماضي، قال كريستو: "لو اتخذ جهاز الاستخبارات الداخلي البريطاني الإجراءات اللازمة في وقتها، لما أنشئت مجموعة أصدقاء روسيا بحزب المحافظين من الأصل، ولما سُمح لنالوبين بالتواصل مع كثير من السياسيين المحافظين وكبار أعضاء الحزب".