أعلنت الحكومة الأردنية، يوم الثلاثاء 10 يناير/كانون الثاني 2023، عن خطة كبرى للسير على خُطى مصر والبدء في بناء مدينة جديدة على بعد 40 كيلومتراً شرقي العاصمة عمّان، في حين أعرب الأردنيون عن قلقهم عبر منصات التواصل الاجتماعي من هذا المشروع؛ لأن الطريقة الوحيدة لإكماله هي تحمل المزيد من الديون.
موقع Middle East Eye البريطاني قال، الجمعة 13 يناير/كانون الثاني، إن المدينة المرتقبة ستقام على مساحة 266 كيلومتراً مربعاً من الأرض، وستقع على مفترق طرق؛ حيث تربط الطرق السريعة الأردن بالمملكة العربية السعودية والعراق.
إلى ذلك، قال مسؤولون أردنيون إنهم يتوقعون انتقال مليون شخص في النهاية إلى تلك الزاوية من الصحراء، منهم 157 ألف ساكن بحلول نهاية المرحلة الأولى في عام 2033.
وسينتهي المشروع بأكمله بحلول عام 2050، بحسب المسؤولين، وسيخفف الضغط عن تزايد عدد السكان في المدن الكبيرة مثل عمّان والزرقاء.
من جانبه، قال وزير الاتصالات الأردني فيصل الشبول: "الأراضي التي ستُبنَى عليها المدينة الجديدة والأراضي المحيطة بها مملوكة للدولة. وسيوفر إنشاء المدينة نحو 83000 فرصة عمل جديدة في المراحل الأولى بحلول عام 2033، وما بين 90 إلى 100 ألف وظيفة جديدة أخرى مباشرة وغير مباشرة في المرحلة النهائية".
التجربة المصرية
من الواضح أنَّ هذه خطة مُكلِفة للغاية.. وهذا مثير للقلق بالنسبة لكثير من الأردنيين الذين يكافحون في ظل اقتصاد المملكة المتعثر، إذ تُقدَّر ميزانية عام 2023 بـ2.5 مليار دولار فقط بينما يبلغ الديْن الوطني 45 مليار دولار، وفقاً للموقع البريطاني.
وتوجّه الأردنيون إلى الشبكات الاجتماعية للإعراب عن قلقهم من أنَّ الطريقة الوحيدة لإكمال مثل هذا المشروع الضخم هي تحمّل المزيد من الديون، كما فعلت مصر.
يبني الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عاصمة إدارية جديدة فخمة على بُعد 45 كيلومتراً شرق العاصمة القاهرة، بتكلفة 58 مليار دولار.
ومع ذلك، فقد اقترضت بلاده من صندوق النقد الدولي ثلاث مرات في السنوات الست الماضية ما مجموعه 20 مليار دولار.
وفي غضون ذلك، انخفض سعر صرف الجنيه المصري، مسجلاً مستوى منخفضاً جديداً أمام الدولار يوم الأربعاء 11 يناير/كانون الثاني.
وغرّد أحد الأردنيين القلقين: "مصر بكل مواردها أفلست بعدما أنشأت المدينة الإدارية الجديدة.. فماذا سيحدث لنا؟".
وأعرب عن الشعور نفسه موسى حنتش، النائب الأردني عن كتلة الإصلاح الإسلامي، الذي صرح لموقع Middle East Eye بأنَّ المملكة يجب أن تطور بنيتها التحتية بدلاً من بناء مدينة جديدة كاملة من الصفر.
وقال حنتش: "نحن بحاجة إلى إعطاء الأولوية لقطاعات مهمة مثل الصناعة. إنَّ المدينة الجديدة تصرف الانتباه عن العجز الذي تواجهه الحكومة وعدم قدرتها على تحسين الوضع الاقتصادي".
حنتش أضاف: "ديْننا الوطني في الأردن يبلغ 45 مليار دولار ولا يمكننا تحمله. ماذا سيحدث إن اقترضنا المزيد؟ كما أنني قلق من زيادة الفساد والسرقات التي غالباً ما تزداد مع مثل هذه البرامج".
مشكلة السكان
أُعلِن عن فكرة المدينة الجديدة لأول مرة في عام 2017 من حكومة هاني الملقي، لكن رئيس الوزراء الذي تبعه، عمر الرزاز، غير مساره ووعد بدلاً من ذلك بتحسين نظام النقل العام وخفض الازدحام المروري. لكنه لم يفِ بهذه الوعود، واستمر سكان العاصمة عمّان في النمو.
من جانبه، قال سميح المعايطة، وزير سابق، إنَّ التوسع السكاني يحدث سواء أحب الناس ذلك أم لا، ويمكن مواجهته إما بطريقة عشوائية أو بخطة مدروسة جيداً، مثل هذه المدينة الجديدة.
وأشاد بها قائلاً إنَّ "المدينة الجديدة قرار إيجابي ومهم خاصة لأنها تسمح بتطوير أراضي الدولة، كما أنها خارج العاصمة".
وحاول وزير الاتصالات الشبول تهدئة المخاوف بشأن الديون بالقول إنَّ تشييد المدينة سيُموَّل بالمشاركة بين القطاع الخاص المحلي وممولين دوليين.
ومع ذلك، أقر بأنَّ "الحكومة ستساهم في هذا المشروع وقد تستمر الحكومة في الاقتراض محلياً ودولياً لإكمال هذا المشروع الوطني".
بينما يحذر المهندس المدني مراد قلاده من أنَّ البدء في إطلاق مثل هذا المشروع أبعد ما يكون عن السهولة.
وقال لموقع Middle East Eye: "يتطلب هذا مبلغاً ضخماً من المال لضمان استدامته".
ففي المرحلة الأولى، تخطط الحكومة لإنفاق 70 مليون دولار سنوياً اعتباراً من عام 2025، وهي أموال ستُنفق بالأساس على أعمال الحفر والبناء.
وتابع المهندس المدني: "ما خصصته الحكومة لهذا المشروع -70 مليون دولار- صغير جداً مقارنةً بمبالغ الاستثمار اللازمة للبنية التحتية للمدينة".
وبحسب قلاده، فإنَّ فرصة زيادة عدد السكان بنسبة 30% في أجزاء من العاصمة ستظل قائمة. وأشار إلى أنَّ مدينة جديدة في الصحراء لن تكون بالضرورة جذابة لسكان عمّان؛ "ما لم توفر الحكومة الأرض بأسعار منخفضة ونظام نقل قوي إلى المدينة متاح بسهولة".
ومع ذلك، صَرَف نائب رئيس الوزراء السابق جواد عناني المخاوف من أنَّ بناء مدينة جديدة كاملة في البرية سيشكل تحدياً كبيراً. وقال لموقع Middle East Eye إنَّ المشروع يمكن "تنفيذه بسهولة".
وأضاف: "الفكرة ستنجح إذا منحت الحكومة الأرض بالمجان مقابل تولي المطورين أعمال البناء عليها".
وتابع عناني: "هناك حاجة للنظر إلى الأعوام المائة القادمة. العديد من عواصم العالم تجري تغييرات مماثلة، كما هو الحال في مصر والبرازيل؛ بسبب الكثافة السكانية العالية".