عادت المناوشات السياسية في لبنان من جديد بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وبين رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، على خلفية أزمة توفير الوقود اللازم لتشغيل مولدات الكهرباء.
وكان ميقاتي رفض إيجاد آلية تمويل لشراء الوقود اللازم لتشغيل معامل الكهرباء، بحجة أن أي سلفة مالية لا بدّ أن تمُرّ بجلسة حكومية جديدة، وهو ما يعارضه باسيل وتياره بشدّة.
ميقاتي المتسلح بغضب شعبي
ويواصل نجيب ميقاتي مساعيه لتأمين نصاب حكومي يسمح له بالدعوة إلى الجلسة بالتنسيق مع حزب الله وحركة أمل؛ لأن حضور وزراء حزب الله الجلسة الماضية أدى إلى أزمة كبيرة للعلاقة بينه وبين التيار الوطني الحر.
وتحظى خطوة ميقاتي بدعم من أطراف أساسية، على رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، بالإضافة للمكون السُّني في الحكومة.
وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء اللبناني وجّهت ظهر أمس كتاباً إلى الوزراء لإطلاعهم على مشروع جدول أعمال الجلسة المقبلة للحكومة، قبل تحديد موعدها، وذلك بناءً على طلب ميقاتي. وتألّف جدول الأعمال من ثمانية بنود.
وتشير مصادر رئاسة الحكومة لـ"عربي بوست" إلى أن الاتصالات والمساعي ستستمرّ خلال الأسبوع الحالي لتعبيد الطريق أمام التئام الحكومة مطلع الأسبوع المقبل ببنود محدودة جدّاً، بينها السلفة المالية لمؤسّسة الكهرباء والمناقصة المرتبطة بالوقود العراقي وتجديد عقد الصيانة للشركة المسؤولة عن استكمال أعمال الصيانة في "مطمر الناعمة للنفايات"، وصرف مستحقّاتها العالقة منذ أكثر منذ سنة وشهرين، إضافة إلى مشروع مرسوم ترقيات الضباط في كل الأسلاك العسكرية.
وأضاف المصدر أن وزراء في الحكومة يطالبون بإدراج بنود مُلحّة مرتبطة بوزاراتهم يجري النقاش فيها لتمريرها كبنود طارئة لا تحتمل التأجيل، وذلك لتسهيل حياة الناس والمؤسسات العامة.
وذكر المصدر أن قضية الكهرباء بدأت تأخذ أبعاداً شعبية مقلقة كونها بدأت تترك تداعيات سلبية على صورة ميقاتي والفريق المتحالف معه في الحكومة، مشيراً إلى أن بواخر الوقود تنتظر الإفراج عن اعتمادات تمويل شراء نيابة عن شركة كهرباء لبنان، والتي ستضطر لولا ذلك إلى تقنين الكهرباء عبر تخفيضه بالفعل إلى أقصى الحدود، وتتطلب هذه العملية عقد مجلس للوزراء.
حزب الله والصيغ التوافقية
بالمقابل، يؤكد مصدر مقرب من حزب الله لـ"عربي بوست" أن اجتماعاً جرى بين ميقاتي والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل في إطار إيجاد صيغة حكومية تجنّب الأطراف السياسية المؤيدة والمعارضة للجلسات الحكومية الاستثنائية من الاصطدام مجدّداً، خصوصاً أنها خلفت أزمة عميقة في علاقة حزب الله وحليفه التيار الوطني الحر خلال المرحلة السابقة.
وذكر المصدر المقرب من الحزب أن الحزب سيوفد رئيس وحدة الارتباط والتنسيق الحاج وفيق صفا للقاء رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في إطار الاتصالات الجارية لإعادة العلاقة بين الحزب والتيار والتي تعرضت لأزمة "ثقة ومفاهيم" وبناء على الاجتماع يقرر الحزب موقفه من الجلسة.
وأشار المصدر أن الحزب سيحدد موقفه من الجلسة بناء على خلاصة اجتماعه مع باسيل، وفي حال كانت الأجواء إيجابية سيذهب باتجاه إيجاد صيغة لإصدار مرسوم تمويل الوقود وغيره من البنود بالتشاور مع التيار الوطني الحر لتفادي انفجار الخلاف السياسي وتوتير الجو الطائفي في البلاد، وذلك بسبب الموقف المسيحي العام الرافض للجلسة.
ويؤكد مصدر رئاسة الحكومة أن نجيب ميقاتي لا يزال يرفض إصدار القرارات الضرورية عبر توقيع ما يسمى "مراسيم جوالة" (أي من دون اجتماع مجلس الوزراء) عبر توقيع الـ 24 وزيراً على كل مرسوم، باعتبار أن المادة الدستورية توكل إصدار المراسيم إلى مجلس الوزراء، وليس إلى رئيسه وحده تولي صلاحيات رئاسة الجمهورية عند الشغور، ما يعني أن ينوب جميع الوزراء بالتوقيع نيابة عن رئيس الجمهورية، كما اقترح التيار الوطني الحر.
بالمقابل، تشير الكاتبة السياسية اللبنانية ملاك عقيل إلى أنه كان لافتاً إبقاء قيادات حزب الله قرار المشاركة في الجلسة المقبلة في دائرة التريّث وعدم إعلان موقف نهائي منها.
فقد أكّد وزير حزب الله مصطفى بيرم استمرار الاتصالات لتأمين التوافق "ولو على قاعدة الاستثناء"، داعياً إلى فصل الملفّات الحياتية والاجتماعية واحتياجات الناس عن الأزمة السياسية.
كما أكّد رئيس المجلس السياسي في حزب الله إبراهيم أمين السيّد أنّ "مبدأ انعقاد جلسة لمجلس الوزراء يخضع للقضايا الضرورية".
ضغوط لمشاركة وزير سُني
وفي إطار متصل يشير مصدر حكومي رفيع لـ"عربي بوست" أن ميقاتي يمارس ضغطاً سياسياً على وزير الاقتصاد أمين سلام لحضور الجلسة عبر إحراجه على المستوى "السني"؛ كونه وزيراً سنياً يخضع للتوافق داخل البيئة السنية بدعم موقع رئاسة الحكومة، وذلك بعد مقاطعته للجلسة السابقة بعد وعود من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل بتسميته رئيساً للحكومة في المرحلة المقبلة، الأمر الذي أثار غضباً داخل الشارع السني لتموضعه إلى جانب باسيل.
وأشار المصدر إلى أن سلام سيشارك في الجلسة المقبلة التي سيدعو إليها ميقاتي في حال حصرها بملفّ الكهرباء فقط حتى في حال رفض الوزراء المحسوبين على باسيل الحضور، وهو ما يرفع عدد الحاضرين إلى 17 وزيراً، إذا قرّر الحزب تأمين الغطاء لجلسة الشغور الرئاسي بنسختها الثانية.