دعا رئيس بلدية لندن، صادق خان، الخميس 12 يناير/كانون الثاني 2023، رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك إلى الاعتراف بـ"الضرر الهائل" الناجم عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والإقرار بأن البريكست "لا يعمل"، في أحدث تعبير عن الاستياء العام المتزايد من سياسات حكومات حزب المحافظين المتعاقبة.
وأطلقت عبارة "بريكست" على الاتفاق الذي تم التفاوض عليه مطوّلاً بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي من أجل تنظيم العلاقات بين الجانبين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد، إثر استفتاء شعبي، دخل حيز التنفيذ في نهاية عام 2020.
بحسب وكالة فرانس برس، فإن خطاب خان، المنتمي لحزب العمال المعارض، قال فيه: "بعد عامين من الإنكار، علينا الآن مواجهة الحقيقة الصعبة: خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي لا يعمل".
كما أضاف أن "خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أضعف اقتصادنا وكسر اتحادنا ولطّخ سمعتنا، ولا يمكنني ببساطة أن أبقى صامتاً بشأن الأضرار الهائلة التي سببها بريكست".
لكنه لا يرى أن الوضع "لا يمكن إصلاحه"، موضحاً: "نحن نحتاج إلى مزيد من التوافق مع جيراننا الأوروبيين – مقاربة مختلفة حيال خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي القاسي والصعب"، أي: "نقاش براغماتي حول مزايا أن تكون (الدولة) جزءاً من الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة".
وبحسب رئيس بلدية لندن، "لا أحد يريد أن يرى عودة الانقسام والطريق المسدود الذي سيطر على نظامنا السياسي لمدة خمس سنوات طويلة".
لكن "الحقيقة هي أن" المركز المالي القوي في لندن "تضرّر بشدة من فقدان عقود ومواهب" ذهبت إلى أماكن أوروبية أخرى مثل باريس وأمستردام، وفق ما قال خان في خطابه.
انقلاب في الرأي العام ضد البريكست
يأتي ذلك بعد أيام من استطلاع أجرته صحيفة الإندبندنت، وأظهر أن غالبية كبيرة من البريطانيين تريد إجراء استفتاء جديد بشأن الانضمام مجدداً للاتحاد الأوروبي، بعد شعورهم بأن أوضاعهم الاقتصادية باتت أسوأ، واعتقادهم أن نفوذ بلادهم قد تراجع على الساحة الدولية.
بحسب الاستطلاع الجديد، الذي نشر الأحد 1 يناير/كانون الثاني 2023، فإن 65% من البريطانيين يرون ضرورة إجراء استفتاء بشأن العودة إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، ليشهد ارتفاعاً من 55% قبل عام، فيما انخفضت نسبة من يرون عدم إجراء استفتاء جديد من 32% إلى 24%.
وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، نشر استطلاع للرأي قد أشار إلى أن التأييد لبريكست قد انخفض إلى أدنى مستوى له حتى الآن، حيث قال 32% فقط ممن شملهم الاستطلاع الذي أجرته شركة يوغوف؛ إنهم يعتقدون أن مغادرة الاتحاد الأوروبي كانت فكرة جيدة، بينما قال 56% إنها كانت خطأ.
وكان سريان خروج بريطانيا من الاتحاد قد بدأ فعلياً في 31 يناير/كانون الثاني 2020، لكن كانت هناك مرحلة انتقالية حتى نهاية ديسمبر/كانون الأول الماضي، وهو ما يعني خضوع بريطانيا لبعض قوانين الاتحاد الأوروبي وعضوية السوق المشتركة حتى نهاية العام الماضي.
ووفق الاستطلاع الجديد، فإن البريطانيين يعتقدون أن نفوذ بلادهم في العالم، وقدرتها على ضبط الحدود قد شهدت تراجعاً أيضاً. وهذا، إلى جانب الوضع الاقتصادي، ساهم في زيادة الرغبة بإجراء استفتاء جديد.
إلى ذلك، قال كريس هوبكنز، من مؤسسة سافاتنا التي أجرت الاستطلاع الأخير، إن الكثيرين قد ضخّموا المنافع المحتملة للبريكست، مضيفاً أنه من الصعب تصور أن عضوية الاتحاد الأوروبي يمكن أن تحل المشكلات الاقتصادية الحالية للبلد.
هوبكنز أوضح أن تصور البريكست قضية تشديد القيود على الحدود لم تكن تعني استعادة السيطرة على الحدود، وفق ما وُعد به المصوِّتون لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
كما أظهر الاستطلاع أن 56% من البريطانيين يقولون إن البريكست جعل أوضاعهم الاقتصادية أسوأ، مقابل 44% قبل عام.
ومع انتهاء المرحلة الانتقالية وتصاعد الأزمة الاقتصادية في بريطانيا، تجدد الجدل حول الآثار الاقتصادية للانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
بينما دعا اتحاد الغرف التجارية البريطانية، الحكومة للنظر مجدداً في طرق تحسين التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي.