عاشت الولايات المتحدة الأمريكية عاماً صعباً خلال 2022، شهدت خلاله تداعيات أزمة مناخ تسببت خلالها 18 كارثة كبرى في نشر الفوضى بأنحاء البلاد في وقت لا تزال فيه درجات الحرارة مستمرة في الارتفاع، بحسب ما قالته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 11 يناير/ كانون الثاني 2023.
بحسب بيانات حكومية أمريكية، فقد تسببت عواصف وفيضانات وحرائق غابات وجفاف في أضرار بلغت تكلفتها الإجمالية 165 مليار دولار بالولايات المتحدة خلال 2022، بزيادةٍ قدرها 10 مليارات دولار عن إجمالي خسائر عام 2021، ما يجعله العام الثالث من حيث حجم الخسائر منذ بدأ تسجيل الخسائر الكبرى عام 1980.
وشهد العام الماضي 18 كارثة بلغت خسائرها ما لا يقل عن مليار دولار، بعد عامي 2020 و2021 بفارق هامشي من حيث عدد الكوارث. ووجد التقرير السنوي أن إجمالي 474 شخصاً لقوا حتفهم العام الماضي، من جرّاء هذه الكوارث الكبرى.
يقول آدم سميث، عالم المناخ التطبيقي في الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (Noaa)، التي نشرت هذه البيانات، إن العام الماضي كان "جزءاً من تصاعُد حجم الكوارث المدمرة في الولايات المتحدة". ومنذ عام 2016، وقعت 122 كارثة مناخية على فترات منفصلة، تسببت في مقتل أكثر من 5000 شخص وأضرار فاقت تكلفتها تريليون دولار.
وقال سميث: "نشهد تفاقماً في كوارث تغير المناخ، حيث أصبحت مواسم حرائق الغابات أطول وأشد، وشهدت البلاد كذلك أمطاراً غزيرة وأعاصير مهولة من الفئتين الرابعة والخامسة في السنوات القليلة الماضية، لم توثقها Noaa في سجلها الذي يعود للعام 1851".
وأضاف: "لا يبدو أن هذه الاتجاهات ستتراجع. ربما نحتاج إلى أن نكون أكثر استعداداً لمستقبل يتحول إلى حاضر بأسرع مما نتوقع".
أزمة المناخ تفاقم الأعاصير
ورغم أن الولايات المتحدة سبق أن شهدت فيضانات وحرائق غابات، فقد أكد العلماء غير مرة، أن الاحتباس الحراري العالمي يؤدي إلى زيادة حدة هذه الظواهر، لأنه يتسبب في زيادة كثافة الأمطار القادمة من جو دافئ ومليء بالرطوبة، وفي الوقت نفسه تجفيف الغطاء النباتي الشبيه بعلبة وقود في أماكن مثل كاليفورنيا.
وتشير بعض الأدلة إلى أن أزمة المناخ تفاقم أيضاً قوة الأعاصير التي تضرب الولايات الشرقية، مثل إعصار إيان، الذي أصبح أعنف عاصفة تضرب الولايات المتحدة منذ إعصار كاترينا حين ضرب فلوريدا في سبتمبر/أيلول. كان "إيان" أيضاً ثالث أعلى إعصار مسجل من حيث التكلفة، وفقاً لـNoaa، حيث تسبب في خسائر اقتصاديةٍ قدرها 112.9 مليار دولار.
هذه الأرقام لا تشمل تكاليف جميع الظواهر الجوية القاسية، مثل الحرارة، التي تسببت العام الماضي، في مئات الوفيات بمدينة فينيكس بولاية أريزونا وحدها.
وفي العقود الأخيرة، أحرزت السلطات الوطنية والمحلية بعض التقدم في توقع الظروف الخطرة، وإجلاء الناس، وتشييد بنية تحتية أكثر مرونة لتحمُّل هذه الآثار.
لكن تقرير Noaa يرسم وضعاً تتفوق فيه الكوارث المتصاعدة التي سببتها أزمة المناخ على الاستجابة لها، ففي السنوات الست الماضية، كان يفصل بين الكوارث الكبرى نحو 18 يوماً في المتوسط، مقارنة بـ82 يوماً في الثمانينيات، وهذا أدى إلى إعاقة قدرة البلاد ومواردها على التعافي والاستعداد.
وكان يسود شعور بالأمل، الصيف الماضي، بأن الولايات المتحدة بدأت في مواجهة أسباب أزمة المناخ، بعد إقرار قانون خفض التضخم، الذي يضخ 370 مليار دولار لتعزيز مشاريع الطاقة المتجددة وتشجيع الناس على التخلي عن السيارات التي تعمل بالبنزين وأجهزة المنزل الملوِّثة.
لكن الصعوبات تتفاقم باستمرار، في ظل ارتفاع انبعاثات الاحتباس الحراري بالولايات المتحدة بنسبة 1.3% مقارنة بعام 2021، حسبما أظهرت أرقام جديدة. وهذا الارتفاع في الانبعاثات يعود بدرجة كبيرة إلى زيادة استخدام الطاقة في المنازل وزيادة استخدام وقود الطائرات وانتعاش السفر الجوي من جديد بعد كوفيد.
ويقول العلماء إن من الضروري خفض الانبعاثات بمقدار النصف هذا العقد على مستوى العالم، ووقفها تماماً بحلول عام 2050، لو أن العالم يرغب في تحاشي التأثيرات المناخية الكارثية.