تلجأ عائلات صينية إلى السوق السوداء لشراء أدوية مضادة لكوفيد، وذلك في خضمّ نقص في الأدوية المضادة للفيروس بالصين، بعد الرفع المفاجئ للقيود الصحية في ديسمبر/كانون الأول 2022، والتي استمرت نحو ثلاث سنوات.
القرار المُعلن فاجأ دون سابق إنذار السكان، وأدى إلى ارتفاع كبير في عدد الإصابات بالفيروس، حيث امتلأت المستشفيات بالمرضى المسنين، في حين فاق عدد الجثث قدرة المحارق على الاستيعاب، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
على إثر ذلك، يتجنب الكثير من الصينيين شراء منتجات مصنوعة في بلادهم، بعد تعرض قطاع الأدوية لفضائح عدة شوهت سمعته.
ويدفع الوضع البعض إلى اللجوء إلى السوق السوداء وإلى التجار عبر الإنترنت.
فعلى الرغم من المخاطر، لجأت كيو إلى الإنترنت للحصول على باكسلوفيد Paxlovid، الدواء المضاد لكوفيد من شركة فايزر الأمريكية العملاقة.
إذ أكد لها بائع من خلف الشاشة أنه يملك مخزوناً وأنه قادر على إرسال أدوية عبر البريد.
"الاحتيال والسرقة"
وأجرت الشابة طلبية على موقع شركة أدوية في هونغ كونغ، تبيّن لاحقاً أنه تعرّض للقرصنة، ودفعت 12 ألف يوان (1644 يورو) ثمن ست علب، أي ما يزيد عن ما يتقاضاه الكثير من الصينيين كراتب شهري.
لكن لم تتلق الشابة دواء باكسلوفيد مطلقاً، وقطع السارق كل قنوات الاتصال به، حيث قالت كيو التي لم تكشف لوكالة فرانس برس عن اسمها الكامل: "الأمر مثير للاشمئزاز!".
كما أضافت أنها شعرت "بالأذى والعجز والغضب الشديد" بسبب هذا الاحتيال.
من جانبها، أكدت شركة غيتاي التي تمت قرصنة موقعها على الإنترنت لوكالة فرانس برس أنها أبلغت الشرطة.
ويصعب على معظم الصينيين الحصول على دواء باكسلوفيد على الرغم من تأكيد السلطات أن بعض مستشفيات الأحياء تمتلكه حالياً.
وفي بكين وشنغهاي، أشارت مؤسسات عدة اتصلت بها وكالة فرانس برس إلى أنها لا تعرف متى سيتم تسليمها الأدوية.
ونفد مخزون المواقع المتخصصة في بيع الأدوية عبر الإنترنت، ما فسح المجال لمنفذي عمليات الاحتيال ولتجار غير موثوق بهم.
"صدمة"
فيما تواصلت وكالة فرانس برس بأحد التجار الذي يبيع العلبة الواحدة من دواء باكسلوفيد في مقابل 18 ألف يوان (2466 يورو)، أي بزيادة نحو تسعة أضعاف عن السعر الرسمي، لكن لم يحدد التاجر كيف حصل على الأدوية.
والإثنين، أطلقت وزارة الأمن العام الصينية حملة تستهدف "إنتاج وبيع الأدوية المزيفة".
وعلى الرغم من المخاطر، تظل السوق السوداء الملاذ الأخير لأشخاص مثل شياو، بعدما أصيب جدها المسن بالمرض في أواخر كانون الأول/ديسمبر.
إذ قالت الفتاة البالغة 25 عاماً والتي تعمل مندوبة مبيعات إنها "صُدمت" عندما طلب منها بائع عبر الإنترنت نحو 2500 يورو لشراء دواء باكسلوفيد، وهو مبلغ يتخطى قدرتها الشرائية.
وتابعت الشابة التي توفي جدها: "لا أفهم إطلاقاً كيف يمكن لبعض الناس الحصول على هذا الدواء". وأضافت: "الناس أمثالنا لا يستطيعون شراء علبة واحدة حتى".
الصين تلجأ لـ"فايزر" الأمريكية
في غضون ذلك، تجري الصين محادثات مع شركة "فايزر" الأمريكية، من أجل الحصول على ترخيص يسمح لشركات الأدوية المحلية بتصنيع وتوزيع نسخة من عقار "باكسلوفيد" في الصين، وهو عقار مضاد لفيروس كورونا، وتنتجه "فايزر"، بحسب ما نقلته وكالة رويترز عن 3 مصادر، السبت 7 يناير/كانون الثاني 2023.
الوكالة نقلت عن أحد المصادر المطلعة على الأمر -لم تذكر اسمه- قوله إن الجهة المنظمة للمنتجات الطبية في الصين، وهي الإدارة الوطنية للمنتجات الطبية، ترأس المحادثات مع شركة فايزر، منذ أواخر شهر ديسمبر/كانون الأول 2022.
أضاف المصدر أن بكين حريصة على الانتهاء من بنود اتفاق الترخيص قبل العام القمري الجديد، الذي يبدأ في 22 يناير/كانون الثاني 2023، وأظهرت تجربة سريرية أن "باكسلوفيد" يقلل من دخول المرضى المعرضين لمخاطر عالية إلى المستشفيات بنسبة 90% تقريباً.
تأتي هذه المحادثات بين الصين و"فايزر"، رغم أن بكين تعارض إلى حد كبير اللقاحات والعلاجات الغربية، وكان عقار "باكسلوفيد" الذي يتم تناوله عن طريق الفم، أحد العلاجات الأجنبية القليلة التي تمت الموافقة عليها.