قرر الرئيس التونسي قيس سعيّد، تمديد حالة الطوارئ في البلاد حتى 30 يناير/كانون الثاني 2023. جاء ذلك بحسب قرار نشرته الجريدة الرسمية التونسية (الرائد الرسمي)، في عددها الصادر الجمعة 30 ديسمبر/كانون الأول 2022، حيث جاء التمديد لشهرٍ واحد (يناير/كانون الثاني 2023).
كان سعيد مدد الطوارئ في بلاده لأول مرة 6 أشهر بداية من 26 ديسمبر/كانون الأول 2020 حتى 23 يونيو/حزيران 2021، فيما كان تاريخ آخر تمديد هو 18 فبراير/شباط 2022، واستمر حتى صدور التمديد الجديد. وأواخر عام 2015، أعلنت تونس حالة الطوارئ إثر حادث إرهابي، ومنذ ذلك الحين يتم تمديدها عدة مرات بفترات متباينة.
أعمال إرهابية في تونس
جدير بالذكر أن تونس قد شهدت في مايو/أيار 2011، أعمالاً إرهابية تصاعدت حدتها في 2013، راح ضحيتها عشرات من عناصر الأمن والعسكريين والسياح الأجانب.
في المقابل تمنح حالة الطوارئ وزارة الداخلية صلاحيات استثنائية تشمل منع الاجتماعات، وحظر التجوال، وتفتيش المحلات ليلاً ونهاراً، ومراقبة الصحافة والمنشورات والبث الإذاعي والعروض السينمائية والمسرحية وغيرها.
هذه الصلاحيات تطبق دون وجوب الحصول على إذن مسبق من القضاء، الأمر الذي يواجَه بانتقادات دولية ومحلية متزايدة.
يأتي تمديد حالة الطوارئ بتونس في ظل حالة من الشحن السياسي الكبيرة بسبب الوضع الاقتصادي، حيث قال الأمين العام للاتحاد التونسي العام للشغل إن الاتحاد، الذي يتمتع بنفوذ في البلاد، سينظم احتجاجات حاشدة "وسيحتل الشوارع" قريباً؛ لإظهار الرفض لميزانية التقشف للعام المقبل، في أقوى تحدٍّ لحكومة الرئيس قيس سعيد حتى الآن.
في حين أثبت الاتحاد الذي يضم في عضويته أكثر من مليون، أنه قادر على شل العجلة الاقتصادية بالإضرابات. وساند في بعض الأحيان سعيد بعد أن استحوذ على معظم السلطات والصلاحيات العام الماضي، لكنه أبدى أيضاً المعارضة لتحركاته في حالات أخرى.
من جهته قال نور الدين الطبوبي الأمين العام لاتحاد الشغل: "لماذا نقبل بهذا الوضع؟ لن نقبل وسنحتل الشوارع؛ من أجل الدفاع عن خياراتنا وعن مصلحة الشعب".
من المتوقع أن تخفض موازنة 2023 العجز المالي إلى 5.2% العام المقبل من توقعات بلغت 7.7% هذا العام، بدفعة من إصلاحات لا تحظى بشعبية لكنها يمكن أن تمهد الطريق للتوصل لاتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي بشأن حزمة إنقاذ مالي.
رفع الضرائب في تونس
في حين سترفع تونس الضرائب على شاغلي عدد من الوظائف مثل المحامين والمهندسين والمحاسبين من 13% إلى 19%. وقال الطبوبي: "هذه حكومة ضرائب… الحكومة تتحايل على شعبها… وقانون المالية يزيد معاناة التونسيين".
خلال 2023، التي قال عنها وزير الاقتصاد سمير سعيد، إنها ستكون سَنة صعبة جداً، ستخفض الحكومة أيضاً الإنفاق على الدعم بنسبة 26.4%، وذلك بالأساس في مجالي الطاقة والغذاء.
في سياق متصل، رفعت الحكومة أسعار مياه الشرب، ومن المتوقع أن ترفع مراراً أسعار الوقود، العام المقبل؛ لخفض عجز الطاقة المتزايد. وأثارت الميزانية الجديدة رفضاً واسع النطاق بين عدد من طوائف الأعمال، وهدد المحامون في بيان، بما وصفوه بالعصيان الضريبي.
فيما توصلت تونس إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي من أجل حزمة إنقاذ تبلغ قيمتها 1.9 مليار دولار مقابل إصلاحات لا تحظى بتأييد شعبي، منها خفض دعم الغذاء والوقود وإصلاح شركات القطاع العام. وتسعى تونس للتوصل لاتفاق نهائي في أوائل العام المقبل.
حيث تُظهر ميزانية 2023 أن فاتورة الأجور في القطاع العام ستنخفض من 15.1% في 2022 إلى 14% العام المقبل، وهو إصلاح أساسي طالب به صندوق النقد الدولي.